( ولو سبق إمامه بالتحرم لم [ ص: 231 ] تنعقد ) صلاته بالأولى مما مر في مقارنته له فيها وذكره هنا توطئة لما بعده ( أو بالفاتحة أو التشهد ) بأن فرغ من ذلك قبل أن يشرع إمامه فيه ( لم يضر ويجزيه ) لأنه أتى به في محله من غير مخالفة فاحشة ( وقيل ) لا يجزيه و ( تجب إعادته ) مع فعل الإمام أو بعده وهو الأولى ، فإن لم يعده بطلت لأن فعله مترتب على فعله فلا يعتد بما سبقه ، ويستحب مراعاة هذا الخلاف ، بل يستحب ولو في سرية أن يؤخر جميع فاتحته عن فاتحة إمامه إن ظن أن يقرأ بعدها ، وإنما قدمنا رعاية هذا الخلاف على خلاف البطلان بتكرير الركن القولي لقوة هذا وعملا بالقاعدة ، كما يؤخذ من كلامهم أنه لو تعارض خلافان قدم أقواهما وهذا من ذلك ، وحديث { فلا تختلفوا عليه } يؤيده ، وهذا الذي قررناه أوجه مما في الأنوار في التقدم بقولي : إنه لا تسن إعادته للخروج من الخلاف لوقوعه في هذا الخلاف ، وفيه أيضا أنه لو علم أن إمامه يقتصر على الفاتحة أو سورة قصيرة ولا يتمكن من إتمام الفاتحة فعليه أن يقرأ الفاتحة مع قراءته ، لكن الذي أفتى به الوالد رحمه الله تعالى عدم وجوب ذلك على المأموم الموافق فيها فقد قال صاحب الأنوار كالشيخين وغيرهما : والزحام والنسيان والبطء في القراءة واشتغال الموافق بدعاء الافتتاح والتعوذ أعذار ، فلو ركع الإمام ولم تتم فاتحة المأموم للبطء أو الاشتغال ، أو تذكر أنه نسي أو شك في فواتها قبل الركوع وجبت القراءة والسعي خلف الإمام ما لم يزد التخلف على ثلاثة أركان ا هـ .
فقوله فعليه أن يقرأ الفاتحة معه مراده به الاستحباب ، فعلم من ذلك أن محل استحباب تأخير فاتحته إن رجا أن إمامه يسكت بعد الفاتحة [ ص: 232 ] قدرا يسعها أو يقرأ سورة تسعها وأن محل ندب سكوت الإمام إذا لم يعلم أن المأموم قرأها معه أو لا يرى قراءتها ( ولو تقدم ) على إمامه ( بفعل كركوع وسجود ) ، ( فإن كان ) ذلك ( بركنين ) فعليين متواليين سواء أكانا طويلين أم قصيرين ( بطلت ) صلاته إن كان عامدا عالما بتحريمه للمخالفة الفاحشة ، بخلاف ما إذا كان ساهيا أو جاهلا فإنه لا يضر ، غير أنه لا يعتد له بهما ، فإن لم يعد للإتيان بهما مع إمامه لسهوه أو جهله أتى بعد سلام الإمام بركعة وإلا أعادها .
قال في أصل الروضة : ولا يخفى بيان السبق بركنين من قياس ما ذكرناه في التخلف ، ولكن مثله العراقيون بأن ركع قبله ، فلما أراد أن يركع رفع فلما أراد أن يرفع سجد ، وهو مخالف لما سبق في التخلف فيجوز أن يستويا بأن يقدر مثل ذلك هنا أو بالعكس وأن يختص هذا بالتقدم لفحشه ا هـ .
والمعتمد أن التقدم كالتأخر ، وذكر النسائي أنه ظاهر كلام الشيخين ، وأفهم كلام المصنف أنه لو تقدم أو تأخر بركنين وكان أحدهما فعليا والآخر قوليا أنه لا يضر وهو كذلك ، ومثله صاحب الأنوار بالفاتحة والركوع ( وإلا ) بأن كان التقدم بأقل من ركنين سواء أكان بركن أم بأقل أم بأكثر ( فلا ) تبطل صلاته وإن كان عامدا عالما لقلة المخالفة ، وله انتظاره فيما سبقه به كأن ركع قبله ، ويسن الرجوع إليه ليركع معه إن كان متعمدا للسبق جبرا لما فاته ، فإن كان ساهيا به فهو مخير بين انتظاره والعود والسبق بركن عمدا كأن ركع ورفع والإمام قائم حرام لخبر { أما يخشى الذي يرفع رأسه [ ص: 233 ] قبل رأس الإمام أن يحول الله رأسه رأس حمار } ويؤخذ من ذلك أن السبق ببعض ركن كأن ركع قبل الإمام ولحقه الإمام في الركوع أنه كالسبق بركن وهو كذلك كما جرى عليه الشيخ ( وقيل تبطل بركن ) تام في العمد والعلم لمناقضته الاقتداء ، بخلاف التخلف إذ لا يظهر فيه فحش مخالفة .


