[ ص: 425 ] ومن متعلقات الباب أنه يسن لكل من حضر الاستسقاء أن يستشفع إلى الله تعالى سرا بخالص عمل يتذكره ، لخبر الذين أووا إلى الغار وبأهل الصلاح ، لا سيما من كان منهم من أقاربه صلى الله عليه وسلم ( ويسن ) لكل أحد ( أن يبرز ) أي يظهر ( لأول مطر السنة ويكشف ) من جسده ( غير عورته ليصيبه ) شيء منه لخبر مسلم عن { أنس قال أصابنا مطر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحسر ثوبه حتى أصابه المطر ، فقلنا : يا رسول الله لم صنعت هذا قال : لأنه حديث عهد بربه } أي بتكوينه وتنزيله ، وإنما اقتصر المصنف على أول مطر السنة ; لأنه آكد ، وإلا فلا فرق بين مطر أول السنة وغيره كما صرح بذلك الزركشي : أي فهو لأول كل مطر أولى منه لآخره ( وأن ) ( يغتسل أو يتوضأ في ) ماء ( السيل ) لما رواه الشافعي { أنه صلى الله عليه وسلم [ ص: 426 ] كان إذا سال السيل قال : اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه ونحمد الله تعالى عليه } وهو صادق بالغسل والوضوء وتعبير المصنف هنا كالروضة بأو يفيد استحباب أحدهما بالمنطوق وكليهما بمفهوم الأولى فهو أفضل كما جزم به في المجموع ، فقال : يستحب أن يتوضأ منه ويغتسل ، فإن لم يجمعهما فليتوضأ .
والمتجه كما في المهمات الجمع بينهما ثم الاقتصار على الغسل ، ثم على الوضوء ، ولا يشترط فيهما نية كما بحثه الشيخ تبعا للأذرعي وخلافا للإسنوي ، إلا إن صادف وقت وضوء ، أو غسل ; لأن الحكمة فيه هي الحكمة في كشف البدن ليناله أول مطر السنة وبركته ( و ) أن ( يسبح عند الرعد و ) عند ( البرق ) لما رواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن الزبير " أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال : سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته " ، وقيس بالرعد البرق ، والمناسب أن يقول عنده : سبحان من يريكم البرق خوفا وطمعا ، وفي الأم عن الثقة عن مجاهد أن الرعد ملك والبرق أجنحته يسوق بها السحاب . قال الإسنوي : فيكون المسموع صوته : أي صوت تسبيحه ، أو صوت سوقه على اختلاف فيه وأطلق الرعد عليه مجازا ، وروي { أنه صلى الله عليه وسلم قال بعث الله السحاب فنطقت أحسن النطق وضحكت أحسن الضحك ، فالرعد نطقها والبرق ضحكها } ( و ) أن ( لا يتبع بصره البرق ) لما في الأم عن عروة بن الزبير أنه قال : إذا رأى أحدكم البرق أو الودق فلا يشير إليه ، والودق بالمهملة : المطر ، وفيه زيادة المطر ، وزاد الماوردي الرعد ، ومثل ذلك المطر ، فقال : وكان السلف الصالح يكرهون الإشارة إلى الرعد والبرق ويقولون عند ذلك : لا إله إلا الله وحده لا شريك له سبوح قدوس ، فيختار الاقتداء بهم في ذلك .
( و ) أن ( يقول عند ) نزول ( المطر ) ندبا كما في البخاري ( اللهم صيبا ) بصاد مهملة وتحتية مشددة : أي عطاء ( نافعا ) وفي [ ص: 427 ] رواية بسين مهملة ، وفي أخرى مع الأول نافعا . فيستحب الجمع بين الروايات الثلاث ، ويكرر ذلك مرتين ، أو ثلاثا ( و ) أن ( يدعو بما شاء ) حال نزوله لخبر ؟ { اطلبوا استجابة الدعاء عند التقاء الجيوش ، وإقامة الصلاة ، ونزول الغيث } ، وروى البيهقي خبر { تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن : التقاء الصفوف ، وعند نزول الغيث ، وعند إقامة الصلاة ، وعند رؤية الكعبة } ( و ) أن يقول ( بعده ) أي بعد المطر : أي في أثره كما في المجموع ( مطرنا بفضل الله ) علينا ( ورحمته ) لنا .


