ثم شرع في آداب المحتضر فقال ( ويضطجع المحتضر ) وهو من حضره الموت ولم يمت ( لجنبه الأيمن ) ندبا كالموضوع في اللحد ( إلى القبلة ) ندبا أيضا ; لأنها أشرف الجهات ( على الصحيح ) راجع للاضطجاع وسيأتي مقابله ( فإن تعذر ) وضعه على يمينه : أي تعسر ذلك ( لضيق مكان ونحوه ) كعلة فلجنبه الأيسر كما في المجموع ; لأنه أبلغ في التوجه من استلقائه ، فإن تعذر ( ألقي على قفاه ووجهه وأخمصاه ) وهم أسفل الرجلين وحقيقتهما كما قاله المصنف في دقائقه المنخفض من أسفلهما ( للقبلة ) بأن يرفع رأسه قليلا ; لأن ذلك هو الممكن ، ومقابل الصحيح أن الاستلقاء أفضل ، فإن تعذر أضجع على الأيمن ( ويلقن ) ندبا ( الشهادة ) وهي : لا إله إلا الله بأن يذكرها بين يديه ليتذكر ، أو يقول ذكر الله تعالى مبارك فنذكر الله جميعا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا يأمره بها .
وينبغي لمن عنده ذكرها أيضا وذلك لخبر مسلم { لقنوا موتاكم لا إله إلا الله } أي من حضره الموت تسمية للشيء بما يصير إليه مجازا ، وظاهر الخبر يقتضي وجوب التلقين ، وإليه مال القرطبي ، والأصح ما مر وأنه لا يسن زيادة : محمد رسول الله وهو ما صححه في الروضة والمجموع ، وقول الطبري كجمع إن زيادتها أولى لأن المقصود موته على الإسلام مردود بأن هذا مسلم ، ومن ثم بحث الإسنوي أنه لو كان كافرا لقن الشهادتين وأمر بهما لخبر الغلام اليهودي ويكون ذلك وجوبا كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى إن رجي إسلامه وإلا فندبا ، ويستحب كما في المجموع أن يكون الملقن ممن [ ص: 437 ] لا يتهمه الميت كوارث وعدو وحاسد : أي إن كان ثم غيره وإلا لقنه وإن اتهمه كما بحثه الأذرعي ، وما بحثه بعضهم من تلقينه الرفيق الأعلى لأنه آخر ما تكلم به عليه الصلاة والسلام غير صحيح بأن ذاك لسبب لم يوجد في غيره وهو أن الله خيره فاختاره و ( بلا إلحاح ) عليه لئلا يضجر فإن قالها لم تعد عليه حتى يتكلم ولو بغير كلام الدنيا خلافا للصيمري أخذا من قولهم لتكون هي آخر كلامه ، فقد صح { من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة } وفي المجموع : أنه لا يزاد على مرة ، وقيل يكررها ثلاثا ، فإن ذكرها ولم يتكلم بعدها فذاك وإلا سكت يسيرا ، ثم يعيدها فيما يظهر ، والتلقين مقدم على الاستقبال وإن ظن بقاء حياته كما ذكره الماوردي ، قال الإسنوي : وهو متجه ; لأنه أهم ، وقال ابن الفركاح : إن أمكن جمعهما فعلا معا وإلا قدم التلقين ; لأن النقل فيه أثبت ، وكلامهم يشمل غير المكلف فيسن تلقينه وهو كذلك لكن يقرب أن يكون في المميز ، وعليه فرق الزركشي بين هذا وعدم ندب تلقينه بعد الدفن مطلقا بأن هذا للمصلحة وثم لئلا يفتتن الميت في قبره وهذا لا يفتتن .


