واعلم أن الرجال أولى بغسل الرجال  للأمن من نقض طهر الحي كما مر فيتقدمون في غسل الرجل على الزوجة وأولاهم من ذكره بقوله   ( وأولى الرجال به ) أي الرجل إذا اجتمع في غسله من أقاربه من يصلح لغسله    ( أولاهم بالصلاة ) عليه وهم رجال العصبات من النسب  ،  ثم الولاء كما سيأتي بيانهم في الفرع الآتي  ،  ثم الزوجة بعدهم في الأصح لما سيأتي في عكسه  ،  وكلامهم يشمل الزوجة والأمة  ،  وذكر فيها ابن الأستاذ  احتمالين : أوجههما لا حق لها لبعدها عن المناصب والولايات  ،  ويدل له كلام ابن كج  الآتي  ،  نعم الأفقه هنا أولى من الأسن كما في الدفن   ( و ) أولى النساء ( بها ) أي المرأة في غسلها إذا اجتمع من أقاربها من يصلح له    ( قراباتها ) من النساء سواء المحارم كالبنات وغيرهن كبنت العم لأنهن أشفق من غيرهن  ،  وقول  الجوهري    : القرابات من كلام العوام ; لأن المصدر لا يجمع إلا عند اختلاف النوع وهو مفقود هنا يرد بصحة هذا الجمع ; لأن القرابات أنواع : محرم ذات رحم كالأم  ،  ومحرم ذات عصوبة كالأخت  ،  وغير محرم كبنت العم . 
( ويقدمن على زوج في الأصح ) ; لأن الأنثى بالأنثى أليق  ،  والثاني يقدم عليهن ; لأنه ينظر في حال الحياة إلى ما لا ينظرن إليه منها ( وأولاهن ذات محرمية ) وهي من لو فرضت ذكرا حرم تناكحهما  ،  فإن استوى اثنتان فيها قدمت ذات العصوبة لو كانت ذكرا كالعمة على الخالة  ،  فإن استويا قدم بما يقدم به في الصلاة على الميت  ،  فإن استويا في الجميع ولم يتشاحا فذاك وإلا أقرع بينهما  ،  ثم إن لم تكن ذات محرمية قدمت القربى  ،  فالقربى  ،  ثم ذات الولاء كما في المجموع  ،  وإنما جعل الولاء في الذكور وسطا وأخروه في الإناث لأنه في الذكور من قضاء حق الميت كالتكفين والدفن والصلاة وهم أحق  [ ص: 453 ] به منهن لقوتهم  ،  ولهذا يرثونه بالاتفاق ويؤدون ديونه وينفذون وصاياه  ،  ولا شيء منها لذوي الأرحام مع وجودهم  ،  وقدمت ذوات الأرحام على ذوات الولاء في غسل الإناث  لأنهن أشفقن منهن ولضعف الولاء في الإناث  ،  ولهذا لا ترث امرأة بولاء إلا عتيقها أو منتميا له بنسب  ،  أو ولاء  ،  ثم بعد ذوات الولاء محارم الرضاع  ،  ثم محارم المصاهرة فيما يظهر كما بحثهما الأذرعي  والبلقيني  ،  لكن لم يذكرا بينهما ترتيبا  ،  قال البلقيني    : وعليه تقدم بنت عم بعيدة هي محرم من الرضاع على بنت عم أقرب منها بلا محرمية ( ثم الأجنبية ) ; لأنها أليق ( ثم رجال القرابة ) من الأبوين أو أحدهما ( كترتيب صلاتهم ) لأنهم أشفق عليها ويطلعون غالبا على ما يطلع عليه الغير . 
( قلت    : إلا ابن العم ونحوه ) من كل قريب ليس بمحرم ( فكالأجنبي  ،  والله أعلم ) أي لا حق له في غسلها قطعا لحرمة نظره لها والخلوة بها وإن كان له في الصلاة حق ( ويقدم عليهم ) أي رجال القرابة المحارم ( الزوج ) حرا كان  ،  أو عبدا ( في الأصح ) ; لأنه ينظر إلى ما لا ينظرون إليه في حال الحياة  ،  والثاني يقدمون عليه ; لأن القرابة تدوم والنكاح ينتهي بالموت  ،  وعلم من ذلك تقديم الأجنبيات على الزوج  ،  وشرط التقديم  الاتحاد في الإسلام  ،  أو الكفر  ،  وأن يكون حرا مكلفا  ،  وأن لا يكون قاتلا للميت ولو بحق كما في إرثه منه  ،  وكذا الكافر البعيد أولى بالكافر من المسلم والقاتل القريبين كما صرح به القمولي  في الأولى  ،  قال الزركشي    : وينبغي أن لا تكون بينهما عداوة بل هو أولى من القاتل بحق  ،  وأن لا يكون فاسقا  ،  وقضية كلام الشيخين بل صريحه وجوب الترتيب المذكور  ،  وهو كذلك  [ ص: 454 ] بالنسبة للتفويض لغير الجنس لما فيه من إبطال حق الميت  ،  أما هو بدون تفويض فمندوب . 
     	
		
				
						
						
