( وأقله ) زمنا ( يوم وليلة ) أي قدرهما متصلا وهما أربعة وعشرون ساعة كمن أثناء يوم إلى مثله من اليوم الآخر ، ولهذا قال الشارح : أي قدر ذلك متصلا كما يؤخذ من مسألة تأتي آخر الباب : أي وهي قوله والنقاء بين أقل الحيض حيض ، ومراده بما ذكر أن أقل الحيض من حيث الزمان مقدار يوم وليلة على الاتصال ، وليس المراد أنه لا بد في زمن الأقل من تواني الدم من غير تخلل نقاء كما يتوهم من لفظ الاتصال ، بل متى رأت دما متقطعا ينقص كل منه عن يوم وليلة ، غير أنه إذا جمع بلغ يوما وليلة على الاتصال [ ص: 326 ] كان كافيا في حصول أقل الحيض ( وأكثره خمسة عشر يوما بلياليها ) وإن لم يتصل دم اليوم الأول بليلته كأن رأت الدم أول النهار للاستقراء ، وأما خبر { أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام } فضعيف كما في المجموع ( وأقل طهر بين الحيضتين ) زمنا ( خمسة عشر يوما ) إذ الشهر لا يخلو غالبا عن حيض وطهر ، فإذا كان أكثر الحيض خمسة عشر لزم أن يكون أقل الطهر كذلك ، ولأن ثلاثة أشهر في عدة الآيسة في مقابلة ثلاثة أقراء ، وذلك لأن الشهر إما أن يجمع أكثر الحيض وأقل الطهر أو عكسه أو أقلهما أو أكثرهما ، لا سبيل إلى الثاني والرابع لأن أكثر الطهر غير محدود ، ولا إلى الثالث لأنه أقل من شهر فتعين الأول ، فثبت أن أقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوما ، وخرج بقوله بين الحيضتين الطهر بين حيض ونفاس فيجوز كونه أقل من ذلك سواء أكان الحيض متقدما على النفاس أم متأخرا عنه وكان طروه بعد بلوغ النفاس أكثره كما في المجموع ، فإن طرأ قبل أن يبلغ أكثره لم يكن حيضا [ ص: 327 ] إلا إذا فصل بينهما خمسة عشر يوما ، وغالب الحيض ست أو سبع ، وباقي الشهر غالب الطهر لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش { تحيضي في علم الله ستة أيام أو سبعة كما تحيض النساء ، ويطهرن ميقات حيضهن وطهرهن } أي التزمي الحيض وأحكامه فيما أعلمك الله من عادة النساء من ستة أيام أو سبعة ، والمراد غالبهن لاستحالة اتفاق الكل عادة ( ولا حد لأكثره ) أي الطهر إجماعا ، فقد لا تحيض المرأة في عمرها إلا مرة وقد لا تحيض أصلا ، ولو اطردت عادة امرأة بأن تحيض دون يوم وليلة أو أكثر من خمسة عشر يوما أو تطهر دونها لم يتبع ذلك لأن بحث الأولين أتم وأوفى ، واحتمال دم فاسد للمرأة أقرب من خرق العادة ، ولا يشكل على ذلك خرقهم لها برؤية امرأة دما بعد سن اليأس حيث حكموا بأنه حيض وأبطلوا به تحديدهم له بما مر ، لأن الاستقراء وإن كان ناقصا فيهما لكنه هنا أتم بدليل عدم الخلاف عندنا فيه بخلافه ، ثم لما يأتي من الخلاف القوي في سنه ، وفي أن المراد نساء عشيرتها أو كل النساء وعليه المدار في سائر الأزمنة أو زمنها ، فهذا كله يؤذن بضعف الاستقراء فلم يلتزموا فيه ما التزموه في الحيض .


