الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5790 165 - حدثني محمد بن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي عثمان، قال: قال عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما: جاء أبو بكر بضيف له، أو بأضياف له، فأمسى عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء قالت له أمي: احتبست عن ضيفك، أو أضيافك الليلة، قال: أوما عشيتهم؟ فقالت: عرضنا عليه، أو عليهم فأبوا، أو فأبى، فغضب أبو بكر فسب وجدع وحلف أن لا يطعمه، فاختبأت أنا فقال: يا غنثر، فحلفت المرأة لا تطعمه حتى يطعمه، فحلف الضيف، أو الأضياف، أن لا يطعمه، أو لا يطعموه، حتى يطعمه، فقال أبو بكر: كأن هذه من الشيطان؛ فدعا بالطعام فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها، فقال: يا أخت بني فراس، ما هذا؟ فقالت: وقرة عيني إنها الآن لأكثر قبل أن نأكل فأكلوا وبعث بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أنه أكل منها.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: " فحلف الضيف" إلى قوله: " حتى تطعمه". وابن أبي عدي هو محمد بن أبي عدي، واسم أبي عدي إبراهيم البصري. وسليمان ابن طرخان التيمي. وأبو عثمان هو عبد الرحمن النهدي، مضى عن قريب. قوله: " ما عشيتهم؟"، ويروى: " ما عشيتيهم؟" بإشباع تاء الخطاب. قوله: " وجدع" بفتح الجيم وتشديد الدال وبالعين المهملة؛ أي قال: يا مجدوع الأذنين، فدعا عليه بذلك، والجدع قطع الأنف، وفي رواية الشيخ أبي الحسين: "جزع" بفتح الجيم وكسر الزاي، من الجزع وهو نقيض الصبر. قوله: " فاختبأت"؛ أي: اختفيت خوفا من خصومته. قوله: " فحلفت المرأة" وهي أم عبد الرحمن. قوله: " كأن هذه"؛ أي: هذه الحالة أو اليمين. قوله: " ربا"؛ أي: زاد، ويروى: " إلا ربت"؛ أي: اللقمة، أو البقية. قوله: " أكثر" بالنصب، ويروى: " لأكثر" باللام وصلته محذوفة، تقديره: أكثر منها. قوله: " أخت بني فراس" بكسر الفاء وتخفيف الراء وبالسين المهملة، هي بنت عبد دهمان، بضم الدال المهملة وسكون الهاء، أحد بني فراس، واسمها زينب، وهي مشهورة بأم رومان. قوله: " وقرة عيني" بالجر، قيل: المراد به القسم برسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، وقيل: لعل هذا كان قبل النهي عن الحلف بغير الله أو لم تعلمه.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية