الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  793 ( وكانت أم الدرداء تجلس في صلاتها جلسة الرجل ، وكانت فقيهة ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  اسم أم الدرداء خيرة بنت أبي حدرد ، وقيل : هجيمة ، وقد تقدمت في باب ( فضل صلاة الفجر من الجماعة وأثرها ) الذي علقه البخاري ، وصله ابن أبي شيبة عن وكيع ، عن ثور ، عن مكحول أن أم الدرداء كانت تجلس في الصلاة كجلسة الرجل ، قيل : يفهم من رواية ابن أبي شيبة أن أم الدرداء هذه هي الصغرى التابعية ، لا أم الدرداء الكبرى الصحابية ; لأن مكحولا أدرك الصغرى دون الكبرى . ( قلت ) : قال ابن الأثير : قد جعل ابن منده وأبو نعيم خيرة أم الدرداء الكبرى وهجيمة واحدة ، وليس كذلك ; فإن الكبرى اسمها خيرة ، وأم الدرداء الصغرى اسمها هجيمة ، الكبرى لها صحبة ، والصغرى لا صحبة لها ، هذا هو الصحيح ، وما سواه وهم . قلت : إطلاق البخاري أم الدرداء هاهنا من غير تعيين يحتمل الكبرى والصغرى ، ولكن احتمال الكبرى يقوى بقوله " وكانت فقيهة " .

                                                                                                                                                                                  ثم قوله : “ وكانت فقيهة " هل هو من كلام البخاري أو غيره ؟ فقال صاحب ( التلويح ) : القائل " وكانت فقيهة " هو البخاري فيما أرى ، وقال صاحب ( التوضيح ) : الظاهر أنه قول البخاري ، وقال بعضهم : ليس كما قال ، وشيد كلامه بأن الدليل إذا كان عاما وعمل بعمومه بعض العلماء رجح به ، وإن لم يحتج به بمجرده ، وقد عرف من رواية مكحول أن المراد بأم الدرداء الصغرى التابعية لا الكبرى الصحابية ; لأن مكحولا لم يدرك الكبرى ، وإنما أدرك الصغرى . قلت : عبارة البخاري تحتمل الأمرين ، ولكن الظاهر أنها الكبرى ، كما قال صاحب ( التلويح ) و ( التوضيح ) .

                                                                                                                                                                                  قوله " جلسة الرجل " بكسر الجيم ; لأن الفعلة بالكسر إنما هي للنوع ، فدل هذا على أن المستحب للمرأة أن تجلس في التشهد كما يجلس الرجل ، وهو أن ينصب اليمنى ويفترش اليسرى . وبه قال النخعي وأبو حنيفة ومالك ، ويروى عن أنس كذلك . وعن مالك أنها تجلس على وركها الأيسر ، وتضع فخذها الأيمن على الأيسر ، وتضم بعضها إلى بعض قدر طاقتها ، ولا تفرج في ركوع ولا سجود ولا جلوس ، بخلاف الرجل ، وقال قوم : تجلس كيف شاءت إذا تجمعت . وبه قال عطاء والشعبي ، وكانت صفية رضي الله تعالى عنها تصلي متربعة ، ونساء ابن عمر كن يفعلنه ، وقال بعض السلف : كن النساء يؤمرن أن يتربعن إذا جلسن في الصلاة ، ولا يجلسن جلوس الرجال على أوراكهن ، وقال عطاء وحماد : تجلس كيف تيسر .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية