الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  844 [ ص: 177 ] 9 - حدثنا أبو اليمان ، قال : أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال طاوس : قلت لابن عباس : ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنبا ، وأصيبوا من الطيب . قال ابن عباس : أما الغسل فنعم ، وأما الطيب فلا أدري .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ليس في هذا الحديث ذكر الدهن ليطابق الترجمة ، ولكن تأتي المطابقة من وجه آخر ، وهو أن العادة استعمال الدهن بعد غسل الرأس ، فكأن هذا أشعر به ، ووجه آخر أن الدهن ذكر في حديث طاوس هذا في رواية إبراهيم بن ميسرة ، وإنما الزهري الذي لم يذكره ، وزيادة الثقة الحافظ مقبولة ، والحديث واحد ، فكأنه مذكور أيضا ، في رواية الزهري تقديرا وإن لم يكن صريحا .

                                                                                                                                                                                  ورجال الحديث قد تكرر ذكرهم ، وأبو اليمان هو الحكم بن نافع غالبا ، يروي عن شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن طاوس . وأخرجه النسائي أيضا في الصلاة عن محمد بن يحيى بن عبد الله عن أبي اليمان به .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ ذكروا " لم يسم طاوس من حدثه بذلك ، والظاهر أنه أبو هريرة لأن الطحاوي روى من طريق عمرو بن دينار عن طاوس عن أبي هريرة نحوه ، وكذلك رواه ابن خزيمة وابن حبان . قوله : " واغسلوا رؤوسكم " ، إما تأكيد لـ " اغتسلوا " من باب ذكر الخاص بعد العام ، وبيان لزيادة الاهتمام به ، أو يراد بالأول الغسل المشهور الذي هو كغسل الجنابة ، وبالثاني التنظيف من الأذى واستعمال الدهن ونحوه .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ وإن لم تكونوا جنبا " عطف على مقدر تقديره : إن كنتم جنبا وإن لم تكونوا جنبا ، ولفظ الجنب يستوي فيه المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث ، فلذلك وقع خبرا لقوله : " وإن لم تكونوا " . قوله : " وأصيبوا " أمر من الإصابة وكلمة " من " في " من الطيب " للتبعيض ، قائم مقام المفعول ، أي : أصيبوا بعض الطيب ، ومعناه : استعملوا .

                                                                                                                                                                                  قوله : “ فلا أدري " أي : فلا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ، وهذا يخالف ما رواه ابن ماجه من رواية صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عبيد بن السباق عن ابن عباس مرفوعا : " من جاء إلى الجمعة فليغتسل ، وإن كان له طيب فليمس منه " ، وصالح ضعيف . وخالفه مالك فرواه عن الزهري عن عبيد بن سباق مرسلا .

                                                                                                                                                                                  ومما يستفاد منه أن الاغتسال يوم الجمعة للجنابة يجوز عن الجمعة سواء نواه للجمعة أو لا ، وقال ابن المنذر : أكثر من يحفظ فيه من أهل العلم يقولون يجزئ غسلة واحدة للجنابة والجمعة . وقال ابن بطال : رويناه عن ابن عمر ومجاهد ومكحول والثوري والأوزاعي وأبي ثور . وقال أحمد : أرجو أن يجزئه . وهو قول أشهب وغيره ، وبه قال المزني ، وعن أحمد أنه لا يجزئه عن غسل الجنابة حتى ينويها وهو قول مالك في المدونة ، وذكره ابن عبد الحكم ، وذكر ابن المنذر عن بعض ولد أبي قتادة أنه قال : من اغتسل للجنابة يوم الجمعة اغتسل للجمعة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية