الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        62 - حدثنا روح بن الفرج القطان قال : ثنا سعيد بن كثير بن عفير ، قال : حدثني يحيى بن أيوب أنه سأل يحيى بن سعيد عما لا يتوضأ بفضله من الدواب ، فقال : الخنزير والكلب والهر .

                                                        وقد شد هذا القول النظر الصحيح ، وذلك أنا رأينا اللحمان على أربعة أوجه :

                                                        ( 1 ) فمنها لحم طاهر مأكول ، وهو لحم الإبل والبقر والغنم ، فسؤر ذلك كله طاهر ؛ لأنه ماس لحما طاهرا .

                                                        ( 2 ) ومنها لحم طاهر غير مأكول وهو لحم بني آدم وسؤرهم طاهر ؛ لأنه ماس لحما طاهرا .

                                                        ( 3 ) ومنها لحم حرام ، وهو لحم الخنزير والكلب ، فسؤر ذلك حرام ؛ لأنه ماس لحما حراما .

                                                        فكان حكم ما ماس هذه اللحمان الثلاثة كما ذكرنا ، يكون حكمه حكمها في الطهارة والتحريم .

                                                        ( 4 ) ومن اللحمان أيضا لحم قد نهي عن أكله ، وهو لحم الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع أيضا .

                                                        ومن ذلك السنور ، وما أشبهه ، فكان ذلك منهيا عنه ، ممنوعا من أكل لحمه بالسنة .

                                                        وكان في النظر أيضا سؤر ذلك حكمه حكم لحمه ؛ لأنه ماس لحما مكروها ، فصار حكمه حكمه ، كما صار حكم ما ماس اللحمان الثلاث الأول حكمها .

                                                        فثبت بذلك كراهة سؤر السنور ، فبهذا نأخذ ، وهو قول أبي حنيفة رحمة الله عليه .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية