الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        1473 - قيل له : إن يونس بن يزيد قد روى عن الزهري في حديث القنوت الذي رويناه في أول هذا الباب ، ما قد حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال : أنا ابن وهب قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، فذكر ذلك الحديث بطوله . ثم قال فيه : ثم قد بلغنا أنه ترك ذلك حين أنزل عليه ليس لك من الأمر شيء الآية " ، فصار ذكر نزول هذه الآية الذي كان به النسخ من كلام الزهري ، لا مما رواه عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه .

                                                        فقد يحتمل أن يكون نزول هذه الآية لم يكن أبو هريرة رضي الله عنه علمه ، فكان يعمل على ما علم من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقنوته إلى أن مات لأن الحجة لم تثبت عنده بخلاف ذلك .

                                                        [ ص: 249 ] وعلم عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وعبد الرحمن بن أبي بكر أن نزول هذه الآية كان نسخا لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ، فانتهيا إلى ذلك وتركا به المنسوخ المتقدم .

                                                        وحجة أخرى أن في حديث ابن إيماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - حين رفع رأسه من الركعة - : غفار غفر الله لها .. حتى ذكر ما ذكر في حديثه ثم قال " الله أكبر " وخر ساجدا .

                                                        فثبت بذلك أن جميع ما كان يقوله هو ما ترك بنزول تلك الآية ، وما كان يدعو به مع ذلك من دعائه للأسرى الذين كانوا بمكة ، ثم ترك ذلك عندما قدموا .

                                                        وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أيضا في حديث يحيى بن كثير الذي قد رويناه فيما تقدم منا في هذا الباب عنه ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، فذكر القنوت .

                                                        وفيه قال أبو هريرة رضي الله عنه : وأصبح ذات يوم ولم يدع لهم فذكرت ذلك فقال : أوما تراهم قد قدموا علي ؟

                                                        ففي ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك القنوت في العشاء الآخرة ، كما كان يقوله في الصبح ، وقد أجمعوا أن ذلك منسوخ من صلاة العشاء الآخرة بكماله لا إلى قنوت غيره ، فالفجر أيضا في النسخ كذلك .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية