[ بيع الثمر ، وقد بدا صلاح بعضه دون بعضه الآخر    ] 
المثال الثالث والتسعون : إذا بدا الصلاح في بعض الشجرة جاز بيع جميعها  ، وكذلك يجوز بيع ذلك النوع كله في البستان ، وقال شيخنا    : يجوز بيع البستان كله تبعا لما بدا صلاحه ، سواء كان من نوعه أو لم يكن ، تقارب إدراكه وتلاحق أم تباعد ، وهو مذهب  الليث بن سعد  ، وعلى هذا فلا حاجة إلى الاحتيال على الجواز ، وقالت الحنفية : إذا خرج بعض الثمرة دون بقيتها أو خرج الجميع وبعضه قد بدا صلاحه دون بعض  لا يجوز البيع ; للجمع بين الموجود والمعدوم والمتقوم وغيره ، فتصير حصة الموجود المتقوم مجهولة فيفسد البيع ، وبعض الشيوخ كان يفتي بجوازه في الثمار والباذنجان ونحوهما ، جعلا المعدوم تبعا للموجود . 
وأفتى  محمد بن الحسن  بجوازه في الورد لسرعة تلاحقه ، قال شمس الأئمة السرخسي    : والأصح المنع . 
قالوا : فالحيلة في الجواز أن يشتري الأصول ، وهذا قد لا يتأتى غالبا ، قالوا : فالحيلة أيضا أن يشتري الموجود الذي بدا صلاحه بجميع الثمن ، ويشهد عليه أنه قد أباح له ما يحدث من بعد ، وهذه الحيلة أيضا قد تتعذر ; إذ قد يرجع في الإباحة ، وإن جعلت هبة فهبة المعدوم لا تصح ، وإن ساقاه على الثمرة من كل ألف جزء على جزء - مثلا - لم تصح المساقاة عندهم ، وتصح عند  أبي يوسف   ومحمد  ، وإن آجره الشجرة ; لأخذ ثمرتها لم تصح الإجارة عندهم ، وعند غيرهم ; فالحيلة إذا أن يبيعه الثمرة الموجودة ويشهد عليه أن ما يحدث بعدها فهو حادث على ملك المشتري ، لا حق للبائع فيه ، ولا يذكر سبب الحدوث ، ولهم حيلة أخرى فيما إذا بدت الثمار أن يشتريها بشرط القطع ، أو يشتريها ويطلق ، ويكون القطع [ هو ] موجب العقد ، ثم يتفقان على التبقية إلى وقت الكمال ، ولا ريب أن المخرج ببيعها إذا بدا صلاح بعضها أو بإجارة الشجر أو بالمساقاة أقرب إلى النص والقياس وقواعد الشرع من ذلك كما تقدم تقريره . 
				
						
						
