فصل : 
[ المخرج السابع وفيه البحث في الطلاق المعلق  يراد به الحض أو المنع ] 
المخرج السابع : أخذه بقول  أشهب  من أصحاب  مالك  ، بل هو أفقههم على الإطلاق ، فإنه قال : إذا قال الرجل لامرأته : " إن كلمت زيدا ، أو خرجت من بيتي بغير إذني " ونحو ذلك مما يكون من فعلها " فأنت طالق " وكلمت زيدا أو خرجت من بيته تقصد أن يقع عليها الطلاق لم تطلق ، حكاه أبو الوليد بن رشد  في كتاب الطلاق من كتاب المقدمات له ، وهذا القول هو الفقه بعينه ، ولا سيما على أصول  مالك   وأحمد  في مقابلة العبد بنقيض قصده كحرمان القاتل ميراثه من المقتول ، وحرمان الموصى له وصية من قتله بعد الوصية ، وتوريث امرأة من طلقها في مرض موته فرارا من ميراثها ، وكما يقوله  مالك   وأحمد  في إحدى  [ ص: 75 ] الروايتين عنهما ، وقبلهما  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه فيمن تزوج في العدة ، وهو يعلم    : يفرق بينهما ، ولا تحل له أبدا ، ونظائر ذلك كثيرة ; فمعاقبة المرأة هاهنا بنقيض قصدها هو محض القياس والفقه ، ولا ينتقض هذا على  أشهب  بمسألة المخيرة ومن جعل طلاقها بيدها ; لأن الزوج قد ملكها ذلك وجعله بيدها بخلاف الحالف فإنه لم يقصد طلاقها بنفسه ، ولا جعله بيدها باليمين ، حتى لو قصد ذلك فقال : " إن أعطيتني ألفا فأنت طالق " أو " إن أبرأتني من جميع حقوقك فأنت طالق " فأعطته أو أبرأته طلقت . 
ولا ريب أن هذا الذي قال  أشهب  أفقه من القول بوقوع الطلاق ; فإن الزوج إنما قصد حضها ومنعها ، ولم يقصد تفويض الطلاق إليها ، ولا خطر ذلك بقلبه ، ولا قصد وقوع الطلاق عند المخالفة ، ومكان  أشهب  من العلم والإمامة غير مجهول ; فذكر  أبو عمر بن عبد البر  في كتاب الانتقاء عن محمد بن عبد الله بن عبد الحي  قال :  أشهب  أفقه منكم ومن ابن القاسم  مائة مرة ، وأنكر  ابن كنانة  ذلك ، قال : ليس عندنا كما قال محمد  ، وإنما قاله لأن  أشهب  شيخه ومعلمه ، قال أبو عمر    :  أشهب  شيخه ومعلمه ، وابن القاسم  شيخه ، وهو أعلم بهما لكثرة مجالسته لهما ، وأخذه عنهما . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					