الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3492 باب: غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 26 جـ 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لغدوة في سبيل الله أو روحة، خير من الدنيا وما فيها ".] [ ص: 477 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 477 ] (الشرح)

                                                                                                                              (عن أنس) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله وسلم: لغدوة في سبيل الله أو روحة) .

                                                                                                                              " اللام" للابتداء. " الغدوة"، بفتح الغين: السير أول النهار إلى الزوال. " والروحة ": السير من الزوال إلى آخر النهار. " وأو " هنا: للتقسيم. لا للشك.

                                                                                                                              ومعناه: أن " الغدوة " يحصل بها هذا الثواب. وكذا " الروحة ".

                                                                                                                              قال النووي : والظاهر أنه لا يختص ذلك بالغدو والرواح من بلدته، بل يحصل هذا الثواب بكل غدوة أو روحة، في طريقه إلى الغزو.

                                                                                                                              وكذا غدوة وروحة في موضع القتال. لأن الجميع يسمى: " غدوة وروحة في سبيل الله ".

                                                                                                                              (خير من الدنيا وما فيها) .

                                                                                                                              قال النووي : معناه: أن فضل الغدوة والروحة في سبيل الله وثوابهما: خير من نعيم الدنيا كلها، لو ملكها إنسان وتصور تنعمه بها كلها. لأنه زائل، ونعيم الآخرة باق. قال عياض : وقيل في معناه (ومعنى نظائره من تمثيل أمور الآخرة وثوابها بأمور الدنيا): أنها خير من الدنيا وما فيها، لو ملكها إنسان وملك جميع ما فيها، وأنفقه في أمور الآخرة.

                                                                                                                              [ ص: 478 ] قال هذا القائل: وليس تمثيل الباقي بالفاني على ظاهر إطلاقه. انتهى.

                                                                                                                              وقال ابن دقيق العيد: يحتمل وجهين:

                                                                                                                              أحدهما: أن يكون من باب تنزيل الغائب منزلة المحسوس، تحقيقا له في النفس، لكون الدنيا محسوسة في النفس مستعظمة في الطباع. ولذلك وقعت المفاضلة بها. وإلا فمن المعلوم: أن جميع ما في الدنيا لا يساوي ذرة مما في الجنة.

                                                                                                                              والثاني: أن المراد: أن هذا القدر من الثواب، خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة الله. ويؤيد هذا الثاني: حديث: " والذي نفسي بيده ! لو أنفقت ما في الأرض، ما أدركت فضل غدوتهم ". رواه ابن المبارك في " كتاب الجهاد " من مرسل الحسن .

                                                                                                                              والحاصل: أن المراد: تسهيل أمر الدنيا، وتعظيم أمر الجهاد. وأن من حصل له تلك الغدوة أو الروحة، فكأنه حصل له أعظم من جميع ما في [ ص: 479 ] الدنيا. فكيف لمن حصل منها أعلى الدرجات ؟! والنكتة في ذلك: أن سبب التأخير عن الجهاد: الميل إلى سبب من أسباب الدنيا.




                                                                                                                              الخدمات العلمية