الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3328 باب منه

                                                                                                                              وأورده النووي في الباب المتقدم .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 121 - 122 ج 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن إياس بن سلمة حدثني أبي قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلو ثنية فاستقبلني رجل [ ص: 227 ] من العدو، فأرميه بسهم فتوارى عني، فما دريت ما صنع ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى . فالتقوا هم وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأرجع منهزما وعلي بردتان متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد رأى ابن الأكوع فزعا". فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال: "شاهت الوجوه" فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين] .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم حنينا . فلما واجهنا العدو تقدمت ، فأعلو ثنية . فاستقبلني رجل من العدو ، فأرميه بسهم ، فتوارى عني ، فما دريت ما صنع . ونظرت إلى القوم ، فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى ، فالتقوا هم وصحابة النبي صلى الله عليه وآله (وسلم ، فولى صحابة النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم . وأرجع منهزما . وعلي بردتان ; متزرا بإحداهما ، مرتديا بالأخري . فاستطلق إزاري ، فجمعتهما جميعا . ومررت على رسول الله صلى الله عليه وآله [ ص: 228 ] (وسلم ، منهزما) حال من ابن الأكوع . كما صرح أولا بانهزامه . ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انهزم . وقد قالت الصحابة كلهم : إنه صلى الله عليه وآله وسلم ما انهزم . ولم ينقل أحد قط ، أنه انهزم في موطن من المواطن . وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه : لا يجوز أن يعتقد انهزامه ، صلى الله عليه وآله وسلم . ولا يجوز ذلك عليه . بل كان العباس وأبو سفيان بن الحارث ، آخذين بلجام بغلته ، يكفانها عن إسراع التقدم إلى العدو . وقد صرح بذلك البراء ، في حديثه السابق .

                                                                                                                              (وهو على بغلته الشهباء . فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم : "لقد رجع ابن الأكوع فزعا) ". فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نزل عن البغلة ، ثم قبض قبضة من تراب ، من الأرض ، ثم استقبل به وجوههم . فقال : " شاهت الوجوه ") أي : قبحت . (فما خلق الله منهم إنسانا ، إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة ، فولوا مدبرين . فهزمهم الله عز وجل " بذلك. وقسم رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم غنائمهم بين المسلمين)

                                                                                                                              وهذا فيه : معجزتان ، خبرية . وفعلية .

                                                                                                                              ويحتمل : أنه أخذ قبضة من الحصى " كما تقدم في حديث البراء " ، [ ص: 229 ] وقبضة من تراب " كما في هذا الحديث " : فرمى بذا مرة . وبذا مرة .

                                                                                                                              ويحتمل : أنه أخذ قبضة واحدة ، مخلوطة من حصى وتراب . والله أعلم




                                                                                                                              الخدمات العلمية