3665 باب: الخمر من البسر والتمر

وقال النووي : (باب تحريم الخمر ، وبيان أنها تكون من عصير العنب . إلخ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 150 ج 13 المطبعة المصرية

[عن أنس بن مالك، قال: كنت أسقي أبا طلحة، وأبا دجانة، ومعاذ بن جبل : في رهط من الأنصار، فدخل علينا داخل فقال: حدث خبر. نزل تحريم الخمر . فأكفأناها يومئذ، وإنها لخليط البسر والتمر. .

قال قتادة : وقال أنس بن مالك : لقد حرمت الخمر . وكانت عامة خمورهم يومئذ ، خليط البسر والتمر ] .

التالي السابق

الشرح

(الشَّرْحُ)

( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، : ( قَالَ : كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ ، وَأَبَا دُجَانَةَ ، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ : ( فِي رَهْطٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، فَدَخَلَ عَلَيْنَا دَاخِلٌ فَقَالَ : حَدَثَ خَبَرٌ . نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ . فَأَكْفَأْنَاهَا يَوْمئِذٍ) .

فِيهِ : الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ. وَأَنَّ هَذَا كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ .

[ ص: 475 ] ( وَإِنَّهَا لِخَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ . قَالَ قَتَادَةُ : وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ : لَقَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ . وَكَانَتْ عَامَّةَ خُمُورِهِمْ يَوْمَئِذٍ : خَلِيطُ الْبُسْرِ وَالتَّمْرِ) . أَيِ : الشَّرَابُ الَّذِي يُصْنَعُ مِنْهُمَا .

وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ : عَنْ جَابِرٍ ؛ مَرْفُوعًا : "الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ ؛ هُوَ الْخَمْرُ". وَظَاهِرُهُ الْحَصْرُ . قَالَ الْحَافِظُ : لَكِنَّ الْمُرَادَ : الْمُبَالَغَةُ . وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا كَانَ حِينَئِذٍ بِالْمَدِينَةِ مَوْجُودًا .

وَقِيلَ : إِنَّ مُرَادَ أَنَسٍ : الرَّدُّ عَلَى مَنْ خَصَّ اسْمَ الْخَمْرِ بِمَا يُتَّخَذُ مِنَ الْعِنَبِ .

وَقِيلَ : إِنَّ مُرَادَهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَمْرِ الْمُتَّخَذَةِ مِنَ الْعِنَبِ ، بَلْ يَشْرَكُهَا فِي التَّحْرِيمِ : كُلُّ شَرَابٍ مُسْكِرٍ . قَالَ الْحَافِظُ : وَهَذَا أَظْهَرُ .

قَالَ : وَالْمُجْمَعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ : عَصِيرُ الْعِنَبِ ، إِذَا اشْتَدَّ . فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ بِالِاتِّفَاقِ . وَحَكَى ابْنُ قُتَيْبَةَ ، عَنْ قَوْمٍ مِنْ مُجَّانِ أَهْلِ الْكَلَامِ : أَنَّ النَّهْيَ عَنْهَا لِلْكَرَاهَةِ . وَهُوَ قَوْلٌ مَجْهُولٌ ، لَا يُلْتَفَتُ إِلَى قَائِلِهِ .

[ ص: 476 ] وَحَكَى النُّحَاسُ عَنْ قَوْمٍ : أَنَّ الْحَرَامَ ، مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ . وَمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَلَيْسَ بِحَرَامٍ . قَالَ : وَهَذَا عَظِيمٌ مِنَ الْقَوْلِ ، يَلْزَمُ مِنْهُ : الْقَوْلُ بِحِلِّ كُلِّ شَيْءٍ اخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِهِ ، وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ وَاهِيًا .

وَنَقَلَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : أَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ ، قَلِيلَهَا وَكَثِيرَهَا .

وَالسُّكْرُ مِنْ غَيْرِهَا حَرَامٌ ، وَلَيْسَ كَتَحْرِيمِ الْخَمْرِ . وَالنَّبِيذُ الْمَطْبُوخُ لَا بَأْسَ بِهِ ؛ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ .

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ : لَا بَأْسَ بِالنَّقِيعِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، وَإِنْ غَلَا . إِلَّا الزَّبِيبَ وَالتَّمْرَ . وَعَنْ مُحَمَّدٍ : مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ ، فَأَحَبُّ إِلَيَّ : أَنْ لَا أَشْرَبَهُ . وَلَا أُحَرِّمَهُ .

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : أَكْرَهُ نَقِيعَ التَّمْرِ وَنَقِيعَ الزَّبِيبِ ، إِذَا غَلَا . قَالَ : وَنَقِيعُ الْعَسَلِ لَا بَأْسَ بِهِ .

" وَالْبُسْرُ " بِضَمِّ الْبَاءِ : مِنْ تَمْرِ النَّخْلِ . مَعْرُوفٌ .

(الشرح)

( عن أنس بن مالك) رضي الله عنه، : ( قال : كنت أسقي أبا طلحة ، وأبا دجانة ، ومعاذ بن جبل) رضي الله عنهم : ( في رهط من الأنصار ، فدخل علينا داخل فقال : حدث خبر . نزل تحريم الخمر . فأكفأناها يومئذ) .

فيه : العمل بخبر الواحد. وأن هذا كان معروفا عندهم .

[ ص: 475 ] ( وإنها لخليط البسر والتمر . قال قتادة : وقال أنس بن مالك : لقد حرمت الخمر . وكانت عامة خمورهم يومئذ : خليط البسر والتمر) . أي : الشراب الذي يصنع منهما .

وأخرج النسائي ، والحاكم وصححه : عن جابر ؛ مرفوعا : "الزبيب والتمر ؛ هو الخمر". وظاهره الحصر . قال الحافظ : لكن المراد : المبالغة . وهو بالنسبة إلى ما كان حينئذ بالمدينة موجودا .

وقيل : إن مراد أنس : الرد على من خص اسم الخمر بما يتخذ من العنب .

وقيل : إن مراده أن التحريم لا يختص بالخمر المتخذة من العنب ، بل يشركها في التحريم : كل شراب مسكر . قال الحافظ : وهذا أظهر .

قال : والمجمع على تحريمه : عصير العنب ، إذا اشتد . فإنه يحرم تناوله بالاتفاق . وحكى ابن قتيبة ، عن قوم من مجان أهل الكلام : أن النهي عنها للكراهة . وهو قول مجهول ، لا يلتفت إلى قائله .

[ ص: 476 ] وحكى النحاس عن قوم : أن الحرام ، ما أجمعوا عليه . وما اختلفوا فيه ، فليس بحرام . قال : وهذا عظيم من القول ، يلزم منه : القول بحل كل شيء اختلف في تحريمه ، ولو كان الخلاف واهيا .

ونقل الطحاوي عن أبي حنيفة : أن الخمر حرام ، قليلها وكثيرها .

والسكر من غيرها حرام ، وليس كتحريم الخمر . والنبيذ المطبوخ لا بأس به ؛ من أي شيء كان .

وعن أبي يوسف : لا بأس بالنقيع من كل شيء ، وإن غلا . إلا الزبيب والتمر . وعن محمد : ما أسكر كثيره ، فأحب إلي : أن لا أشربه . ولا أحرمه .

وقال الثوري : أكره نقيع التمر ونقيع الزبيب ، إذا غلا . قال : ونقيع العسل لا بأس به .

" والبسر " بضم الباء : من تمر النخل . معروف .