واعلم أن مثل العالم مثل القاضي وقد قال صلى الله عليه وسلم : القضاة ثلاثة ، قاض قضى بالحق ، وهو يعلم فذلك في الجنة ، وقاض قضى بالجور ، وهو يعلم أو لا يعلم فهو في النار ، وقاض قضى بغير ما أمر الله به ، فهو في النار وقال كعب رحمه الله يكون في آخر الزمان علماء يزهدون الناس في الدنيا ولا يزهدون ويخوفون الناس ولا يخافون ، وينهون عن غشيان الولاة ويأتونهم ويؤثرون الدنيا على الآخرة يأكلون بألسنتهم يقربون الأغنياء دون الفقراء يتغايرون على العلم ، كما تتغاير النساء على الرجال يغضب أحدهم على جليسه ، إذا جالس غيره أولئك الجبارون أعداء الرحمن .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان ربما يسوفكم بالعلم " فقيل : يا رسول الله ، وكيف ذلك قال صلى الله عليه وسلم : يقول : اطلب العلم ، ولا تعمل حتى تعلم ، فلا يزال للعلم قائلا ، وللعمل مسوفا ، حتى يموت وما عمل وقال سرى السقطي اعتزل رجل للتعبد كان حريصا على طلب علم الظاهر فسألته فقال رأيت في النوم قائلا يقول لي : إلى كم تضيع العلم ضيعك الله فقلت إني لأحفظه فقال : حفظ العلم العمل به ، فتركت الطلب ، وأقبلت على العمل .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه ليس العلم بكثرة الرواية ، إنما العلم الخشية وقال الحسن تعلموا ما شئتم أن تعلموا فوالله لا يأجركم الله حتى تعملوا فإن السفهاء همتهم الرواية ، والعلماء همتهم الرعاية وقال مالك رحمه الله إن طلب العلم لحسن وإن نشره لحسن ، إذا صحت فيه النية ، ولكن انظر ما يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فلا تؤثرن عليه شيئا .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه أنزل القرآن ليعمل به فاتخذتم دراسته عملا وسيأتي قوم يثقفونه مثل القناة ليسوا بخياركم


