ومن المعلوم أن
nindex.php?page=treesubj&link=34274_21341محمدا صلى الله عليه وسلم أعلم الخلق بالله وتوحيده وأسمائه وصفاته وملائكته ومعاده، وأمثال ذلك من الغيب، وهو أحرص الخلق على تعليم الناس وهدايتهم.
كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم [سورة التوبة: 128] .
ولهذا كان من شدة حرصه على هداهم يحصل له ألم عظيم إذا لم
[ ص: 372 ] يهتدوا، حتى يسليه ربه ويعزيه، كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=37إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل [سورة النحل: 37] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء [سورة القصص: 56] . وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=3لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين [سورة الشعراء: 3] . وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين [سورة الأنعام: 35] .
ثم إنه سبحانه وتعالى أمره بالبلاغ المبين، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين [سورة النور: 54] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين [سورة المائدة: 92] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم فهل على الرسل إلا البلاغ المبين [سورة النحل: 35] .
[ ص: 373 ]
ومعلوم أنه
nindex.php?page=treesubj&link=30990كان من أفصح الناس وأحسنهم بيانا، واللغة التي خاطب بها أتم اللغات وأكملها بيانا، وقد امتن الله عليهم بذلك، كما في قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=1الر تلك آيات الكتاب المبين nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون [سورة يوسف: 1-2] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون [سورة الزخرف: 3] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم [سورة إبراهيم: 4] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نزل به الروح الأمين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194على قلبك لتكون من المنذرين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بلسان عربي مبين [سورة الشعراء: 193 - 195] .
وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين [سورة النحل: 103] ، وأمثال ذلك.
فإذا كان المخاطب أعلم الخلق بما يخبر به عنه، ويصفه ويخبر به، وأحرص الخلق على تفهيم المخاطبين وتعريفهم، وتعليمهم وهداهم، وأقدر الخلق على البيان والتعريف لما يقصده ويريده، كان من الممتنع بالضرورة أن لا يكون كلامه مبنيا للعلم والهدى والحق، فيما خاطب به، وأخبر عنه، وبينه ووصفه، بل وجب أن يكون كلامه أحق الكلام بأن يكون دالا على العلم والحق والهدى، وأن يكون ما ناقض كلامه من الكلام، أحق الكلام بأن يكون جهلا وكذبا وباطلا.
[ ص: 374 ]
وهذا قول جميع من آمن بالله ورسوله، فتبين أن
nindex.php?page=treesubj&link=29613قول الذين يعرضون عن طلب الهدى والعلم في كلام الله ورسوله، ويطلبونه في كلام غيره، من أصناف أهل الكلام والفلسفة والتصوف وغيرهم، هم من أجهل الناس وأضلهم بطريق العلم، فكيف بمن يعارض كلامه بكلام هؤلاء الذين عارضوه، وناقضوه، ويقول: إن الحق الصريح والعلم والهدى إنما هو في كلام هؤلاء المناقضين، المعارضين لكلام رسول رب العالمين، دون ما أنزله الله من الكتاب والحكمة، وبعث به رسوله من العلم والرحمة؟!
وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34274_21341مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِاللَّهِ وَتَوْحِيدِهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الْغَيْبِ، وَهُوَ أَحْرَصُ الْخَلْقِ عَلَى تَعْلِيمِ النَّاسِ وَهِدَايَتِهِمْ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 128] .
وَلِهَذَا كَانَ مِنْ شِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى هُدَاهُمْ يَحْصُلُ لَهُ أَلَمٌ عَظِيمٌ إِذَا لَمْ
[ ص: 372 ] يَهْتَدُوا، حَتَّى يُسَلِّيَهُ رَبُّهُ وَيُعَزِّيَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=37إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ [سُورَةُ النَّحْلِ: 37] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [سُورَةُ الْقَصَصِ: 56] . وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=3لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 3] . وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 35] .
ثُمَّ إِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَمَرَهُ بِالْبَلَاغِ الْمُبِينِ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=54قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولَ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [سُورَةُ النُّورِ: 54] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=92وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 92] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=35وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [سُورَةُ النَّحْلِ: 35] .
[ ص: 373 ]
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30990كَانَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ وَأَحْسَنِهِمْ بَيَانًا، وَاللُّغَةَ الَّتِي خَاطَبَ بِهَا أَتَمُّ اللُّغَاتِ وَأَكْمَلُهَا بَيَانًا، وَقَدِ امْتَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=1الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=2إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [سُورَةُ يُوسُفَ: 1-2] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=3إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 3] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=4وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 4] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=193نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=194عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=195بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 193 - 195] .
وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانُ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ [سُورَةُ النَّحْلِ: 103] ، وَأَمْثَالَ ذَلِكَ.
فَإِذَا كَانَ الْمُخَاطَبُ أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنْهُ، وَيَصِفُهُ وَيُخْبِرُ بِهِ، وَأَحْرَصَ الْخَلْقِ عَلَى تَفْهِيمِ الْمُخَاطَبِينَ وَتَعْرِيفِهِمْ، وَتَعْلِيمِهِمْ وَهُدَاهُمْ، وَأَقْدَرَ الْخَلْقِ عَلَى الْبَيَانِ وَالتَّعْرِيفِ لِمَا يَقْصِدُهُ وَيُرِيدُهُ، كَانَ مِنَ الْمُمْتَنِعِ بِالضَّرُورَةِ أَنْ لَا يَكُونَ كَلَامُهُ مَبْنِيًّا لِلْعِلْمِ وَالْهُدَى وَالْحَقِّ، فِيمَا خَاطَبَ بِهِ، وَأَخْبَرَ عَنْهُ، وَبَيَّنَهُ وَوَصَفَهُ، بَلْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ أَحَقَّ الْكَلَامِ بِأَنْ يَكُونَ دَالًّا عَلَى الْعِلْمِ وَالْحَقِّ وَالْهُدَى، وَأَنْ يَكُونَ مَا نَاقَضَ كَلَامَهُ مِنَ الْكَلَامِ، أَحَقَّ الْكَلَامِ بِأَنْ يَكُونَ جَهْلًا وَكَذِبًا وَبَاطِلًا.
[ ص: 374 ]
وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29613قَوْلَ الَّذِينَ يُعْرِضُونَ عَنْ طَلَبِ الْهُدَى وَالْعِلْمِ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيَطْلُبُونَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، مِنْ أَصْنَافِ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْفَلْسَفَةِ وَالتَّصَوُّفِ وَغَيْرِهِمْ، هُمْ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَضَلِّهِمْ بِطَرِيقِ الْعِلْمِ، فَكَيْفَ بِمَنْ يُعَارِضُ كَلَامَهُ بِكَلَامِ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَارَضُوهُ، وَنَاقَضُوهُ، وَيَقُولُ: إِنَّ الْحَقَّ الصَّرِيحَ وَالْعِلْمَ وَالْهُدَى إِنَّمَا هُوَ فِي كَلَامِ هَؤُلَاءِ الْمُنَاقِضِينَ، الْمُعَارِضِينَ لِكَلَامِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، دُونَ مَا أَنْزَلَهُ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ، وَبَعَثَ بِهِ رَسُولُهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالرَّحْمَةِ؟!