ثم إن
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبا يعلى في كتابه المعروف «بعيون المسائل» الذي صنفه في الخلاف مع
المعتزلة والأشعرية ذكر ما يخالف ذلك، فقال: (مسألة: مثبتو النبوات تحصل لهم المعرفة بالله بثبوت النبوة من غير نظر واستدلال في دلائل العقول، خلافا
للأشعرية في قولهم: لا تحصل حتى ننظر ونستدل بدلائل العقول. دليلنا أن
nindex.php?page=treesubj&link=28749_29620النبوة إذا ثبتت بقيام المعجز علمنا أن هناك مرسلا أرسله؛ إذ لا يكون هناك نبي إلا وهناك مرسل. وإذا ثبت أن هناك مرسل أغنى ذلك عن النظر والاستدلال في دلائل العقول على إثباته. ولأنه لما لم يقف وجود المعرفة على النظر في دلائل العقول، بل وجبت بالشرع، كذلك طريقها جاز أن يحصل بالشرع دون دلائل
[ ص: 37 ] العقول. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650379« أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم» فحكم بصحة إيمانهم بالدعاء إلى الشهادتين والإجابة إليها من غير أن يوجد منهم نظر واستدلال).
قال: (واحتج المخالف بأن الله أمر بالنظر والاستدلال في دلائله.
فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وفي أنفسكم أفلا تبصرون [سورة الذاريات: 21] وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت [سورة الغاشية: 17] وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض [سورة ص: 147 - الأعراف: 185] وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=6أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها [سورة ق: 6] وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قل انظروا ماذا في السماوات والأرض [سورة يونس: 101]، وإذا أمر بذلك دل على أن النظر يثمر المعرفة).
قال: (والجواب أنا لا نمنع حصول المعرفة به، وإنما كلامنا هل تحصل بغيره أم لا؟ وقد دللنا على حصوله بغيرها من الوجه الذي ذكرنا).
ثُمَّ إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِيَ أَبَا يَعْلَى فِي كِتَابِهِ الْمَعْرُوفِ «بِعُيُونِ الْمَسَائِلِ» الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الْخِلَافِ مَعَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَالْأَشْعَرِيَّةِ ذَكَرَ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، فَقَالَ: (مَسْأَلَةٌ: مُثْبِتُو النُّبُوَّاتِ تَحْصُلُ لَهُمُ الْمَعْرِفَةُ بِاللَّهِ بِثُبُوتِ النُّبُوَّةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ فِي دَلَائِلِ الْعُقُولِ، خِلَافًا
لِلْأَشْعَرِيَّةِ فِي قَوْلِهِمْ: لَا تَحْصُلُ حَتَّى نَنْظُرَ وَنَسْتَدِلَّ بِدَلَائِلِ الْعُقُولِ. دَلِيلُنَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28749_29620النُّبُوَّةَ إِذَا ثَبَتَتْ بِقِيَامِ الْمُعْجِزِ عَلِمْنَا أَنَّ هُنَاكَ مُرْسَلًا أَرْسَلَهُ؛ إِذْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ نَبِيٌّ إِلَّا وَهُنَاكَ مُرْسَلٌ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هُنَاكَ مُرْسَلٌ أَغْنَى ذَلِكَ عَنِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِي دَلَائِلِ الْعُقُولِ عَلَى إِثْبَاتِهِ. وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقِفْ وُجُودُ الْمَعْرِفَةِ عَلَى النَّظَرِ فِي دَلَائِلِ الْعُقُولِ، بَلْ وَجَبَتْ بِالشَّرْعِ، كَذَلِكَ طَرِيقُهَا جَازَ أَنْ يَحْصُلَ بِالشَّرْعِ دُونَ دَلَائِلِ
[ ص: 37 ] الْعُقُولِ. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=650379« أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ» فَحَكَمَ بِصِحَّةِ إِيمَانِهِمْ بِالدُّعَاءِ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَالْإِجَابَةِ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُوجَدَ مِنْهُمْ نَظَرٌ وَاسْتِدْلَالٌ).
قَالَ: (وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ فِي دَلَائِلِهِ.
فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=21وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [سُورَةَ الذَّارِيَاتِ: 21] وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=88&ayano=17أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ [سُورَةَ الْغَاشِيَةِ: 17] وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [سُورَةَ ص: 147 - الْأَعْرَافِ: 185] وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=6أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا [سُورَةَ ق: 6] وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=101قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [سُورَةَ يُونُسَ: 101]، وَإِذَا أَمَرَ بِذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ يُثْمِرُ الْمَعْرِفَةَ).
قَالَ: (وَالْجَوَابُ أَنَّا لَا نَمْنَعُ حُصُولَ الْمَعْرِفَةِ بِهِ، وَإِنَّمَا كَلَامُنَا هَلْ تَحْصُلُ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا؟ وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى حُصُولِهِ بِغَيْرِهَا مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا).