فصل
* وأما
nindex.php?page=treesubj&link=27133الخمر والحرام هل هو رزق الله للجهال، أم يأكلون ما قدر لهم؟
والجواب: أن لفظ الرزق يراد به ما أباحه الله للعبد أو ملكه إياه، ويراد به ما يتقوى به العبد.
فالأول: كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10وأنفقوا من ما رزقناكم [المنافقون: 10]، وقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3ومما رزقناهم ينفقون [البقرة: 3]، فهذا الرزق هو الحلال والمملوك، لا يدخل فيه الخمر ولا الحرام.
والثاني: كقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها [هود: 6]، والله تعالى يرزق البهائم ولا توصف بأنها تملك، ولا بأنه أباح الله لها ذلك إباحة شرعية، فإنه
nindex.php?page=treesubj&link=20740_20741لا تكليف على البهائم وكذلك [ ص: 75 ] الأطفال والمجانين، لكن كما أنه ليس بملك فليس بمحرم عليها، وإنما المحرم الذي يغتذي به العبد فهو من الذي علم الله أن العبد يغتذي به، وقدر ذلك، ليس هو مما أباحه وملكه، كما في « الصحيح» عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=10843يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك، فيؤمر بأربع كلمات، فيقال: اكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد. ثم ينفخ فيه الروح. ثم قال: فوالذي نفسي بيده إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها». nindex.php?page=treesubj&link=28785_28783فالرزق الحرام هو مما قدره الله وكتبته الملائكة، وهو مما دخل تحت مشيئة الله وخلقه، وهو مع ذلك قد حرمه ونهى عنه، ولفاعله من غضبه وذمه وعقوبته ما هو له أهل، والله أعلم.
[ ص: 76 ]
فَصْلٌ
* وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=27133الْخَمْرُ وَالْحَرَامُ هَلْ هُوَ رِزْقُ اللَّهِ لِلْجُهَّالِ، أَمْ يَأْكُلُونَ مَا قُدِّرَ لَهُمْ؟
وَالْجَوَابُ: أَنَّ لَفْظَ الرِّزْقِ يُرَادُ بِهِ مَا أَبَاحَهُ اللَّهُ لِلْعَبْدِ أَوْ مَلَّكَهُ إِيَّاهُ، وَيُرَادُ بِهِ مَا يَتَقَوَّى بِهِ الْعَبْدُ.
فَالْأَوَّلُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ [الْمُنَافِقُونَ: 10]، وَقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [الْبَقَرَةِ: 3]، فَهَذَا الرِّزْقُ هُوَ الْحَلَالُ وَالْمَمْلُوكُ، لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْخَمْرُ وَلَا الْحَرَامُ.
وَالثَّانِي: كَقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=6وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هُودٍ: 6]، وَاللَّهُ تَعَالَى يَرْزُقُ الْبَهَائِمَ وَلَا تُوصَفُ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ، وَلَا بِأَنَّهُ أَبَاحَ اللَّهُ لَهَا ذَلِكَ إِبَاحَةً شَرْعِيَّةً، فَإِنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20740_20741لَا تَكْلِيفَ عَلَى الْبَهَائِمِ وَكَذَلِكَ [ ص: 75 ] الْأَطْفَالُ وَالْمَجَانِينُ، لَكِنْ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمِلْكٍ فَلَيْسَ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهَا، وَإِنَّمَا الْمُحَرَّمُ الَّذِي يَغْتَذِي بِهِ الْعَبْدُ فَهُوَ مِنَ الَّذِي عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَغْتَذِي بِهِ، وَقَدَّرَ ذَلِكَ، لَيْسَ هُوَ مِمَّا أَبَاحَهُ وَمَلَّكَهُ، كَمَا فِي « الصَّحِيحِ» عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=10843يُجْمَعُ خَلْقُ أَحَدِكُمْ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ، فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيُقَالُ: اكْتُبْ رِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ. ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ. ثُمَّ قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا». nindex.php?page=treesubj&link=28785_28783فَالرِّزْقُ الْحَرَامُ هُوَ مِمَّا قَدَّرَهُ اللَّهُ وَكَتَبَتْهُ الْمَلَائِكَةُ، وَهُوَ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ حَرَّمَهُ وَنَهَى عَنْهُ، وَلِفَاعِلِهِ مِنْ غَضَبِهِ وَذَمِّهِ وَعُقُوبَتِهِ مَا هُوَ لَهُ أَهْلٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[ ص: 76 ]