وأما الأحاديث التي يرويها بعض الناس، مثل ما يروون أنه قال: «
من زارني وزار أبي في عام واحد ضمنت له على الله الجنة». و « من زارني وزار اليسع ...» ونحو ذلك فهي أحاديث مكذوبة موضوعة، وكذلك اللفظ فيه: «
من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي، ومن زارني بعد مماتي ضمنت له على الله الجنة، ومن حج ولم يزرني فقد جفاني». وكل هذه الأحاديث ضعيفة بل موضوعة.
وقد
nindex.php?page=treesubj&link=3932_3921كره nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وغيره من أهل العلم أن يقول القائل: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم; وذلك يبين أن هذا اللفظ كان بدعة عند أهل
المدينة، الذين هم أعلم الناس بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشدهم تعظيما لقدره. ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=2317لم يكن [ ص: 426 ] على عهد الصحابة والتابعين مشهد يزار، لا على قبر نبي ولا غير نبي، فضلا عن أن يسافر إليه; لا
بالحجاز ولا
الشام ولا
اليمن ولا
العراق ولا
مصر ولا المشرق، وإنما حدثت هذه الأمور بعد انقراض خيار القرون. وذلك لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن هذه الأمور، كما في « الصحيحين»
nindex.php?page=hadith&LINKID=654087عن nindex.php?page=showalam&ids=25 [عائشة] عنه أنه قال في مرضه الذي مات فيه: « لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوا». قالت عائشة: لولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا.
وفي « صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم» عن
nindex.php?page=showalam&ids=401جندب nindex.php?page=hadith&LINKID=99788أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يموت بخمس: « إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد; ألا فلا تتخذوها مساجد فإني أنهاكم عن ذلك».
وفي « المسند» و « صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13053أبي حاتم» عنه أنه قال: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=60037إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد». [ ص: 427 ]
ولهذا لم يذكر الله تعالى في كتابه إلا المساجد دون المشاهد فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا [الجن: 18]. ولم يقل: المشاهد. وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين [التوبة: 18]. وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم [البقرة: 114]، وأمثال ذلك.
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ الَّتِي يَرْوِيهَا بَعْضُ النَّاسِ، مِثْلَ مَا يَرْوُونَ أَنَّهُ قَالَ: «
مَنْ زَارَنِي وَزَارَ أَبِي فِي عَامٍ وَاحِدٍ ضَمِنْتُ لَهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ». وَ « مَنْ زَارَنِي وَزَارَ الْيَسَعَ ...» وَنَحْوَ ذَلِكَ فَهِيَ أَحَادِيثُ مَكْذُوبَةٌ مَوْضُوعَةٌ، وَكَذَلِكَ اللَّفْظُ فِيهِ: «
مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي، وَمَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَمَاتِي ضَمِنْتُ لَهُ عَلَى اللَّهِ الْجَنَّةَ، وَمَنْ حَجَّ وَلَمْ يَزُرْنِي فَقَدَ جَفَانِي». وَكُلُّ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ ضَعِيفَةٌ بَلْ مَوْضُوعَةٌ.
وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=3932_3921كَرِهَ nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: زُرْتُ قَبْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; وَذَلِكَ يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ كَانَ بِدْعَةً عِنْدَ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ، الَّذِينَ هُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشَدُّهُمْ تَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ. وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=2317لَمْ يَكُنْ [ ص: 426 ] عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مَشْهَدٌ يُزَارُ، لَا عَلَى قَبْرِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِ نَبِيٍّ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُسَافَرَ إِلَيْهِ; لَا
بِالْحِجَازِ وَلَا
الشَّامِ وَلَا
الْيَمَنِ وَلَا
الْعِرَاقِ وَلَا
مِصْرَ وَلَا الْمَشْرِقِ، وَإِنَّمَا حَدَثَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ بَعْدَ انْقِرَاضِ خِيَارِ الْقُرُونِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيُ عَنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، كَمَا فِي « الصَّحِيحَيْنِ»
nindex.php?page=hadith&LINKID=654087عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=25 [عَائِشَةَ] عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: « لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا فَعَلُوا». قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْلَا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.
وَفِي « صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ» عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=401جُنْدُبٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=99788أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسٍ: « إِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ; أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوهَا مَسَاجِدَ فَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ».
وَفِي « الْمُسْنَدِ» وَ « صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=13053أَبِي حَاتِمٍ» عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=60037إِنَّ مِنْ شِرَارِ النَّاسِ مَنْ تُدْرِكُهُمُ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ». [ ص: 427 ]
وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ إِلَّا الْمَسَاجِدَ دُونَ الْمَشَاهِدِ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=18وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الْجِنِّ: 18]. وَلَمْ يَقُلْ: الْمَشَاهِدَ. وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=18إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهِ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مَنْ الْمُهْتَدِينَ [التَّوْبَةِ: 18]. وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=114وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [الْبَقَرَةِ: 114]، وَأَمْثَالَ ذَلِكَ.