43 - ( فصل ) 
الطريق الثاني الإنكار المجرد ، وله صور    : إحداها : إذا ادعى رجل دينا على ميت ، أو أنه أوصى له بشيء ، وللميت وصي بقضاء دينه ، وتنفيذ وصاياه ، فأنكر    . فإن كان للمدعي بينة حكم بها . ، وإن لم تكن له بينة ، وأراد تحليف الوصي على نفي العلم لم يكن له ذلك . لأن مقصود التحليف : أن يقضى عليه بالنكول إذا امتنع من اليمين . 
والوصي لا يقبل إقراره بالدين والوصية ، ولو نكل لم يقض عليه ، فلا فائدة من تحليفه ، ولو كان وارثا استحلف ، وقضي بنكوله . 
ومنها : أن يدعي على القاضي أنه ظلمه في الحكم ، أو على الشاهد أنه تعمد الكذب أو الغلط ، أو ادعى عليه ما يسقط شهادته  لم يحلفا ، لارتفاع منصبهما عن التحليف . 
ومنها : دعوى الرجل على المرأة النكاح ، ودعواها عليه الطلاق ، ودعوى كل منهما الرجعة ، ودعوى الأمة أن سيدها أولدها ، ودعوى المرأة أن زوجها آلى منها ، ودعوى الرق والولاء والقود وحد القذف . 
وعن  أحمد    : أنه يستحلف في الطلاق والإيلاء والقود والقذف . وعنه : أنه يستحلف إلا فيما لا يقضى فيه بالنكول . 
وقال في رواية ابن القاسم    : لا أرى اليمين في النكاح ، ولا في الطلاق ، ولا في الحدود ; لأنه إن نكل لم أقتله ولم أحده ، ولم أدفع المرأة إليه . 
 [ ص: 97 ] وظاهر ما نقله  الخرقي  ، أنه يستحلف فيما عدا القود والنكاح ، وعنه ما يدل على أنه يستحلف في الكل . وإذا امتنع عن اليمين - حيث قلنا يستحلف - قضينا بالنكول في الجميع ، إلا في القود في النفس خاصة . وعنه لا يقضى بالنكول إلا في الأموال خاصة . 
وكل ناكل لا يقضى عليه فهل يخلى أو يحبس حتى يقر ، أو يحلف ؟ على وجهين : ولا يستحلف في العبادات ولا في الحدود . 
فإذا قلنا : استحلف في هذه الأشياء لم يقض فيها بالنكول على ظاهر كلام  أحمد  وتعليله ، وإذا استحلفناه ، فإن قضينا عليه بالنكول في كل موضع ، لتكون لليمين فائدة ، حتى في قود الأطراف . ولا يقضى بقود النفس ، وإن استحلفناه ، لأن النكول وإن جرى مجرى الإقرار فليس بإقرار صحيح صريح فلا يراق به الدم بمجرده ، ولا مع يمين المدعي إلا في القسامة للوث . 
وإذا قلنا : يستحلف ولا يقضى بالنكول في غير الأموال : كان فائدة الاستحلاف حبسه إذا أبى الحلف في أحد الوجهين . 
وفي الآخر : يخلى سبيله ، لأنه لا يقضى عليه بالنكول ، ولم يثبت عليه ما يعاقب عليه بالضرب والحبس حتى يفعله . فإنه يحتمل أن يكون المدعي محقا ، وأن يكون مبطلا . 
فكيف يعاقب المدعى عليه بمجرد دعواه وطلب يمينه ؟ وتكون فائدة اليمين على هذا : انقطاع الخصومة والمطالبة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					