الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    131 - ( فصل )

                    فإن قيل : فما تقولون فيما رواه جابر بن زيد عن ابن عباس في رجل له ثلاث نسوة ، فطلق واحدة منهن ، ولم يدر أيتهن ، ثم مات ، قال : " ينالهن من الطلاق ما ينالهن من الميراث " وما معنى ذلك ؟ [ ص: 266 ] قيل : قد سئل عنه أبو عبد الله فقال : معناه يقع الطلاق عليهن ، ويرثن جميعا .

                    وقال إسحاق بن منصور ، قلت لأحمد : حديث عمرو بن هرم " ينالهن من الطلاق ما ينالهن من الميراث " ؟ قال : أليس يرثن جميعا ؟ قلت : بلى ، قال : وكذلك يقع عليهن الطلاق .

                    وهذا لا يدل على أن ذلك قول أحمد ، ولا مذهبه ، وإنما ذكره تفسيرا لا مذهبا ، وهذا قد يحتج به مالك ومن قال بقوله في وقوع الطلاق على الجميع .

                    قلت : ويحتمل كلامه معنى آخر ، وهو أن يكون المراد وقوع الطلاق على واحدة منهن تعين بالقرعة أو بغيرها ، كما يحرم الميراث واحدة منهن ، فيكون ما ينالهن من حكم الطلاق مثل الذي ينالهن من حكم الميراث ، وهذا - إن شاء الله - أظهر : فإن لفظه لا يدل على أنهن يرثن جميعا ، ولا يمكن أن يقال ذلك إلا إذا كان الطلاق رجعيا ، أو كان في المرض على أحد الأقوال ، فكيف يطلق ابن عباس الجميع بطلاق واحدة ، ويورث مطلقة بائنة طلقت في الصحة مع زوجات ، وإذا فسر كلامه بما ذكرنا لم يكن فيه إشكال والله أعلم .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية