73 - ( فصل ) 
الطريق الثالث عشر الحكم بأربعة رجال أحرار    : 
وذلك في حد الزنا واللواط ، أما الزنا : فبالنص والإجماع ، وأما اللواط : فقالت طائفة : هو مقيس عليه في نصاب الشهادة ، كما هو مقيس عليه في الحد . 
وقالت طائفة : بل هو داخل في مسمى الزنا ، لأنه وطء في فرج محرم ، وهذا لا تعرفه العرب ، فقال هؤلاء : هو داخل في مسمى الزنا شرعا .  [ ص: 138 ] قالوا : والأسماء الشرعية قد تكون أعم من اللغوية وقد تكون أخص وقالت طائفة : بل هو أولى بالحد من الزنا ، فإنه وطء في فرج لا يستباح بحال ، والداعي إليه قوي ، فهو أولى بوجوب الحد ، فيكون نصابه نصاب حد الزنا . 
وقياس قول من لا يرى فيه الحد - بل التعزير - أن يكتفى فيه بشاهدين ، كسائر المعاصي التي لا حد فيها ، وصرحت به الحنفية وهو مذهب  أبي محمد بن حزم    . 
وقياس قول من جعل حده القتل بكل حال - محصنا كان أو بكرا - أن يكتفى فيه بشاهدين ، كالردة والمحاربة ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وأحد قولي  الشافعي  ، ومذهب  مالك  ، لكن صرحوا بأن حد اللواط لا يقبل فيه أقل من أربعة . 
ووجه ذلك : أن عقوبته عقوبة الزاني المحصن ، وهو الرجم بكل حال . 
وقد يحتج على اشتراط نصاب الزنا في حد اللواط بقوله تعالى لقوم لوط    : { أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ؟    } وقال في الزنا : { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم    } . 
وبالجملة : لا خلاف بين من أوجب عليه حد الزنا أو الرجم بكل حال أنه لا بد فيه من أربعة شهود أو إقرار . 
وأما  أبو حنيفة   وابن حزم    : فاكتفيا فيه بشاهدين ، بناء على أصلهما . وأما الحكم بالإقرار بها ، فهل يكتفى فيه بشاهدين أو لا بد من أربعة : فيه قولان في مذهب  مالك   والشافعي  ، وروايتان عن  أحمد  ، فمن لم يشترط الأربعة قال : إقامة الحد إنما هي مستندة إلى الإقرار . فالشهادة عليه والإقرار يثبت بشاهدين ، ومن اشترط الأربعة قال : الإقرار كالفعل ، فكما أننا لا نكتفي في الشهادة على الفعل إلا بأربعة ، فكذلك الشهادة على القول . 
يوضحه : أن كل واحد من الفعل والقول موجب للحد ، فإذا كان الفعل الموجب لا يثبت إلا بأربعة ، فالقول الموجب كذلك . 
قال أصحاب القول الأخير : الفعل موجب بنفسه ، والقول دال على الفعل الموجب ، فبينهما مرتبة . 
قال أصحاب القول الآخر : لا تأثير لذلك ، وإذا كنا لا نحده إلا بإقرار أربع مرات ، فلا نحده إلا بشهادة أربعة على الإقرار . 
				
						
						
