88 - ( فصل ) 
الطريق الحادي والعشرون الحكم بالاستفاضة    : 
هي درجة بين التواتر والآحاد ، فالاستفاضة : هي الاشتهار الذي يتحدث به الناس ، وفاض بينهم . وقد قسم الحنفية الأخبار إلى ثلاثة أقسام . آحاد وتواتر ، واستفاضة ، وجعلوا المستفيض مرتبة بين المرتبتين ، وخصوا به عموم القرآن ، وقالوا : هو بمنزلة التواتر ، ومنهم من جعله قسما من أقسام التواتر . وهذا النوع من الأخبار يجوز استناد الشهادة إليه ، ويجوز أن يعتمد الزوج عليه في قذف امرأته ولعانها ، إذا استفاض في الناس زناها ، ويجوز اعتماد الحاكم عليه . 
قال شيخنا  في الذمي : إذا زنى بالمسلمة  قتل ، ولا يرفع عنه القتل الإسلام ، ولا يشترط فيه أداء الشهادة على الوجه المعتبر في المسلم ، بل يكفي استفاضة ذلك واشتهاره ، هذا نص كلامه . 
وهذا هو الصواب ، لأن الاستفاضة من أظهر البينات ، فلا يتطرق إلى الحاكم تهمة إذا استند إليها ; فحكمه بها حكم بحجة لا بمجرد علمه الذي يشاركه فيه غيره ، ولذلك كان له أن يقبل شهادة الشاهد إذا استفاض في الناس صدقه وعدالته ، من غير اعتبار لفظ شهادة على العدالة ، ويرد شهادته ويحكم بفسقه باستفاضة فجوره وكذبه ، وهذا مما لا يعلم فيه بين العلماء نزاع ، وكذلك الجارح والمعدل ، يجرح الشاهد بالاستفاضة ، صرح بذلك أصحاب  الشافعي   وأحمد  ويعدله بالاستفاضة ، ولا ريب أنا نشهد بعدالة  عمر بن عبد العزيز  رضي الله عنه وفسق  الحجاج    . 
والمقصود : أن الاستفاضة طريق من طرق العلم التي تنفي التهمة عن الشاهد والحاكم ، وهي أقوى من شهادة اثنين مقبولين . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					