[ ص: 606 ] ذكر رميه ، عليه الصلاة والسلام ، جمرة العقبة  وحدها يوم النحر ، وكيف رماها ،  ومتى رماها ،  ومن أي موضع رماها ،  وبكم رماها  ، وقطعه التلبية حين رماها  
قد تقدم من حديث أسامة  والفضل  وغيرهما من الصحابة ، رضي الله عنهم أجمعين ، أنه ، عليه الصلاة والسلام ، لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة    . 
وقال  البيهقي    : أنبأنا الإمام أبو عثمان  ، أنبأنا أبو طاهر بن خزيمة  ، أنبأنا جدي - يعني إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة    - ثنا علي بن حجر  ، ثنا شريك  ، عن عامر بن شقيق  ، عن أبي وائل  ، عن عبد الله  قال : رمقت النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة  بأول حصاة . 
وبه عن  ابن خزيمة  ، ثنا عمر بن حفص الشيباني  ، ثنا  حفص بن غياث  ، ثنا  جعفر بن محمد  ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين  ، عن ابن عباس  ، عن الفضل  قال : أفضت مع رسول الله من عرفات ،  فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يكبر مع كل حصاة ، ثم قطع التلبية مع آخر حصاة . قال  البيهقي    :   [ ص: 607 ] وهذه زيادة غريبة ليست في الروايات المشهورة ، عن ابن عباس  ، عن الفضل  وإن كان  ابن خزيمة  قد اختارها . 
وقال محمد بن إسحاق    : حدثني أبان بن صالح  عن عكرمة  قال : أفضت مع الحسين بن علي  ، فما أزال أسمعه يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، فلما قذفها أمسك ، فقلت : ما هذا ؟ فقال : رأيت أبي علي بن أبي طالب  يلبي حتى رمى جمرة العقبة ، وأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك . 
وتقدم من حديث الليث  ، عن  أبي الزبير  ، عن أبي معبد  ، عن ابن عباس  ، عن أخيه الفضل  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس في وادي محسر  بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة . رواه مسلم    . 
وقال أبو العالية  ، عن ابن عباس    : حدثني الفضل  قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم النحر : " هات فالقط لي حصى " . فلقطت له حصيات مثل حصى الخذف ، فوضعهن في يده ، فقال : " بأمثال هؤلاء ، بأمثال هؤلاء ، وإياكم والغلو ، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين " . رواه  البيهقي    . 
وقال جابر  في حديثه : حتى أتى بطن محسر  فحرك قليلا ، ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى ،  حتى أتى الجمرة  فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل - حصى الخذف ، رمى من   [ ص: 608 ] بطن الوادي . رواه مسلم    . 
وقال  البخاري    : وقال جابر  ، رضي الله عنه ، رمى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ضحى ، ورمى بعد ذلك بعد الزوال   . 
وهذا الحديث الذي علقه  البخاري  أسنده مسلم  من حديث  ابن جريج  ، أخبرني أبو الزبير  سمع جابرا  قال : رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة  يوم النحر ضحى ، وأما بعد فإذا زالت الشمس . 
وفي " الصحيحين " من حديث الأعمش  ، عن إبراهيم  ، عن عبد الرحمن بن يزيد  قال : رمى عبد الله  من بطن الوادي فقلت : يا أبا عبد الرحمن  ، إن ناسا يرمونها من فوقها . فقال : والذي لا إله غيره هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة . لفظ  البخاري    . وفي لفظ له من حديث شعبة  ، عن الحكم  ، عن إبراهيم  ، عن عبد الرحمن  ، عن  عبد الله بن مسعود  ، ، أنه أتى الجمرة الكبرى ،  فجعل البيت  عن يساره ، ومنى  عن يمينه ، ورمى بسبع وقال : هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة . 
ثم قال  البخاري    : باب من رمى الجمار بسبع يكبر مع كل حصاة    . قاله ابن عمر  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم . وهذا إنما يعرف في حديث جابر  ، من طريق جعفر بن   [ ص: 609 ] محمد  ، عن أبيه ، عن جابر    - كما تقدم - أنه أتى الجمرة  فرماها بسبع حصيات - يكبر مع كل حصاة منها - حصى الخذف . 
وقد روى  البخاري  في هذه الترجمة من حديث الأعمش  عن إبراهيم  ، عن عبد الرحمن بن يزيد  ، عن  عبد الله بن مسعود  أنه رمى الجمرة من بطن الوادي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ، ثم قال : من هاهنا والذي لا إله غيره ، قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة   . 
وروى مسلم  من حديث  ابن جريج  ، أخبرني أبو الزبير  ، سمع جابر  بن عبد الله قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة  بسبع مثل حصى الخذف . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا يحيى بن زكريا  ، ثنا حجاج  ، عن الحكم  ، عن أبي القاسم    - يعني مقسما - عن ابن عباس  ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة  جمرة العقبة  يوم النحر راكبا . ورواه الترمذي  عن أحمد بن منيع  ، عن  يحيى بن زكريا بن أبي زائدة  ، وقال : حسن . وأخرجه ابن ماجه  ، عن أبي بكر بن أبي شيبة  ، عن  أبي خالد الأحمر  ، عن الحجاج بن أرطاة  به . 
وقد روى أحمد  وأبو داود   وابن ماجه   والبيهقي  ، من حديث  يزيد بن أبي زياد  ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص  ، عن أمه أم جندب الأزدية   [ ص: 610 ] قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمار من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة  ، ورجل من خلفه يستره ، فسألت عن الرجل فقالوا :  الفضل بن عباس    . فازدحم الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس ، لا يقتل بعضكم بعضا ، وإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف " . لفظ أبي داود    . وفي رواية له قالت : رأيته عند جمرة العقبة  راكبا ، ورأيت بين أصابعه حجرا ، فرمى ورمى الناس ، ولم يقم عندها   . 
 ولابن ماجه    : قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر عند جمرة العقبة  وهو راكب على بغلة . وذكر الحديث ، وذكر البغلة هاهنا غريب جدا . 
وقد روى مسلم  في " صحيحه " من حديث  ابن جريج  ، أخبرني أبو الزبير  ، سمعت  جابر بن عبد الله  يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة  على راحلته يوم النحر ويقول : " لتأخذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه " . 
وروى مسلم  أيضا من حديث  زيد بن أبي أنيسة  عن يحيى بن الحصين  ، عن جدته أم الحصين  ، سمعتها تقول : حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فرأيته حين رمى جمرة العقبة ،  وانصرف وهو على راحلته يوم النحر   [ ص: 611 ] وهو يقول : " لتأخذوا مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه " . وفي رواية قالت : حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فرأيت أسامة  وبلالا  ، وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر ، حتى رمى جمرة العقبة    . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا  أبو أحمد محمد بن عبد الله الزبيري  ، ثنا  أيمن بن نابل  ، ثنا  قدامة بن عبد الله الكلابي  ، أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة  جمرة العقبة  من بطن الوادي يوم النحر على ناقة له صهباء ، لا ضرب ، ولا طرد ، ولا إليك إليك . ورواه أحمد  أيضا ، عن  وكيع  ،  ومعتمر بن سليمان  ،  وأبي قرة موسى بن طارق الزبيدي  ، ثلاثتهم عن  أيمن بن نابل  به . ورواه أيضا ، عن أبي قرة  ، عن  سفيان الثوري  ، عن أيمن    . وأخرجه  النسائي   وابن ماجه  من حديث  وكيع  به . ورواه الترمذي  عن أحمد بن منيع  ، عن مروان بن معاوية  ، عن  أيمن بن نابل  به . وقال : هذا حديث حسن صحيح . 
 [ ص: 612 ] وقال الإمام أحمد    : ثنا نوح بن ميمون  ، ثنا عبد الله - يعني العمري -  عن نافع  قال : كان ابن عمر  يرمي جمرة العقبة  على دابته يوم النحر ، وكان لا يأتي سائرها بعد ذلك إلا ماشيا ، ذاهبا وراجعا ، وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يأتيها إلا ماشيا ، ذاهبا وراجعا . ورواه أبو داود  ، عن القعنبي  ، عن عبد الله العمري  به . 
				
						
						
