فصل ( انصراف النبي إلى المنحر ونحره ثلاثا وستين بيده    ) 
قال جابر    : ثم انصرف إلى المنحر ، فنحر ثلاثا وستين بيده ، ثم أعطى عليا  فنحر ما غبر وأشركه في هديه ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر ، فطبخت فأكلا من لحمها ، وشربا من مرقها   . وسنتكلم عن هذا الحديث . 
وقال الإمام  أحمد بن حنبل    : ثنا عبد الرزاق  ، أنبأنا معمر  ، عن حميد الأعرج  ، عن  محمد بن إبراهيم التيمي  ، عن عبد الرحمن بن معاذ  ، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس بمنى ،  ونزلهم منازلهم ، وقال : " لينزل المهاجرون  هاهنا " . وأشار إلى ميمنة القبلة . " والأنصار  هاهنا " . وأشار إلى ميسرة القبلة . " ثم لينزل الناس حولهم " . قال : وعلمهم مناسكهم ،   [ ص: 613 ] ففتحت أسماع أهل منى ،  حتى سمعوه في منازلهم . قال : فسمعته يقول : " ارموا الجمرة  بمثل حصى الخذف " . وكذا رواه أبو داود  ، عن  أحمد بن حنبل  إلى قوله : " ثم لينزل الناس حولهم " . 
وقد رواه الإمام أحمد  ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث  ، عن أبيه ، وأبو داود  ، عن مسدد  ، عن عبد الوارث  ،  وابن ماجه  من حديث ابن المبارك  عن عبد الوارث  ، عن حميد بن قيس الأعرج  ، عن  محمد بن إبراهيم التيمي  ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي  ، قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى ،  ففتحت أسماعنا حتى كأنا نسمع ما يقول . الحديث . 
ذكر  جابر بن عبد الله  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرك علي بن أبي طالب  في الهدي ، وأن جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن ،  والذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مائة من الإبل ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر بيده الكريمة ثلاثا وستين بدنة    . 
قال  ابن حبان  وغيره : وذلك مناسب لعمره ، عليه الصلاة والسلام ، فإنه كان ثلاثا وستين سنة . 
وقد قال الإمام أحمد    : ثنا  يحيى بن آدم  ثنا زهير  ، ثنا محمد بن   [ ص: 614 ] عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، عن الحكم  ، عن مقسم  ، عن ابن عباس  قال : نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحج مائة بدنة ، نحر منها بيده ستين ، وأمر ببقيتها فنحرت ، وأخذ من كل بدنة بضعة فجمعت في قدر ، فأكل منها وحسا من مرقها . قال : ونحر يوم الحديبية  سبعين فيها جمل أبي جهل  ، فلما صدت عن البيت  حنت كما تحن إلى أولادها . وقد روى ابن ماجه  بعضه ، عن أبي بكر بن أبي شيبة  ، وعلي بن محمد  ، عن  وكيع  ، عن  سفيان الثوري  ، عن  ابن أبي ليلى  به . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا يعقوب  ، ثنا أبي ، عن محمد بن إسحاق  ، حدثني رجل ، عن عبد الله بن أبي نجيح  ، عن مجاهد بن جبر  ، عن ابن عباس  قال : أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة ، نحر منها ثلاثين بدنة بيده ، ثم أمر عليا  فنحر ما بقي منها ، وقال : " اقسم لحومها ، وجلودها وجلالها بين الناس ، ولا تعطين جزارا ، منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير حذية من لحم ، واجعلها في قدر واحدة حتى نأكل من لحمها ، ونحسو من مرقها " . ففعل . 
وثبت في " الصحيحين " من حديث مجاهد  ، عن  ابن أبي ليلى  ، عن علي   [ ص: 615 ] قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه . وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها ، وأن لا أعطي الجزار منها شيئا ، وقال : " نحن نعطيه من عندنا " . 
وقال أبو داود    : ثنا محمد بن حاتم  ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي  ، ثنا  عبد الله بن المبارك  ، عن حرملة بن عمران  ، عن عبد الله بن الحارث الأزدي  ، سمعت عرفة بن الحارث الكندي  قال : " شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتي بالبدن ، فقال : " ادعوا لي أبا حسن    " . فدعي له علي    . فقال له : " خذ بأسفل الحربة " . وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلاها ، ثم طعن بها في البدن ، فلما فرغ ركب بغلته وأردف عليا    . تفرد به أبو داود  ، وفي إسناده ومتنه غرابة . والله أعلم . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا أحمد بن الحجاج  ، أنبأنا عبد الله  ، أنبأنا الحجاج بن أرطاة  ، عن الحكم  ، عن أبي القاسم    - يعني مقسما - عن ابن عباس  قال : رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة العقبة ،  ثم ذبح ، ثم حلق    . 
وقد ادعى  ابن حزم  أنه ضحى عن نسائه بالبقر ، وأهدى عنهن بقرة ، وضحى هو يومئذ بكبشين أملحين . 
				
						
						
