[ ص: 96 ] سرية غالب بن عبد الله الليثي  
 قال الواقدي   : حدثني أفلح بن سعيد ،  عن بشير بن محمد  ابن الذي أري الأذان  عبد الله بن زيد ،  قال : كان مع غالب بن عبد الله   :  أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري ،   وكعب بن عجرة ،  وعلبة بن زيد   . فلما دنا غالب  منهم بعث الطلائع ثم رجعوا فأخبروه فأقبل يسير حتى إذا كان بمنظر العين منهم ليلا وقد احتلبوا وهدأوا ، قام فحمد الله وأثنى عليه وأمر بالطاعة ، قال : وإذا كبرت فكبروا ، وجردوا السيوف . فذكر الحديث في إحاطتهم بهم . قال : ووضعنا السيوف حيث شئنا منهم ، ونحن نصيح بشعارنا : أمت أمت . وخرج أسامة  فحمل على رجل فقال : لا إله إلا الله . وذكر الحديث . 
وقال  يونس بن بكير ،  عن محمد بن إسحاق   : حدثني شيخ من أسلم ، عن رجال من قومه ، قالوا : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي ،  كلب ليث ، إلى أرض بني مرة ،  فأصاب بها مرداس بن نهيك ،  حليف لهم من الحرقة فقتله أسامة   . فحدثني محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة ،  عن أبيه ، عن جده أسامة بن زيد ،  قال : أدركته ، يعني مرداسا ،  أنا ورجل من الأنصار ، فلما شهرنا عليه السيف قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فلم ننزع عنه السيف حتى قتلناه . فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرناه خبره ، فقال : " يا أسامة  من لك بلا إله إلا الله " ؟ فقلت : يا رسول الله ، إنما قالها تعوذا من القتل . قال : " فمن لك بلا إله إلا الله " فوالذي بعثه بالحق ، ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن . وأني أسلمت يومئذ ولم أقتله . 
 [ ص: 97 ] وقال هشيم   : أخبرنا حصين بن عبد الرحمن ،  قال : حدثنا أبو ظبيان ،  قال : سمعت أسامة بن زيد  يحدث ، قال : أتينا الحرقة من جهينة ، قال : فصبحنا القوم فهزمناهم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله . قال : فكف عنه الأنصاري ، وطعنته أنا برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، فقال : أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ، ثلاث مرات . قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذا ، قال : فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل يومئذ . متفق عليه . 
وقال  محمد بن سلمة ،  عن ابن إسحاق   : حدثني يعقوب  بن عتبة ، عن مسلم بن عبد الله الجهني ،  عن جندب بن مكيث الجهني ،  قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله  إلى بني الملوح  بالكديد ،  وأمره أن يغير عليهم ، وكنت في سريته . فمضينا حتى إذا كنا بقديد ، لقينا به الحارث بن مالك بن البرصاء الليثي ،  فأخذناه ، فقال : إني إنما جئت لأسلم . فقال له غالب   : إن كنت إنما جئت لتسلم فلا يضرك رباط يوم وليلة ، وإن كنت على غير ذلك استوثقنا منك . قال : فأوثقه رباطا وخلف عليه رويجلا أسود ، قال : امكث عليه حتى نمر عليك ، فإن نازعك فاحتز رأسه ، وأتينا بطن الكديد فنزلناه بعد العصر . فبعثني أصحابي إليه ، فعمدت إلى تل يطلعني على الحاضر ، فانبطحت عليه ، وذلك قبل الغروب . فخرج رجل فنظر فرآني منبطحا على التل فقال لامرأته : إني لأرى سوادا على هذا التل ما رأيته في أول النهار ، فانظري لا تكون الكلاب اجترت بعض أوعيتك . فنظرت فقالت : والله ما أفقد  [ ص: 98 ] شيئا . قال : فناوليني قوسي وسهمين من نبلي . فناولته فرماني بسهم فوضعه في جبيني ، أو قال : في جنبي ، فنزعته فوضعته ولم أتحرك ، ثم رماني بالآخر ، فوضعه في رأس منكبي ، فنزعته فوضعته ولم أتحرك . فقال لامرأته : أما والله لقد خالطه سهماي ، ولو كان زائلا لتحرك ، فإذا أصبحت فابتغي سهمي فخذيهما ، لا تمضغهما علي الكلاب . 
قال : ومهلنا حتى راحت روائحهم ، وحتى إذا احتلبوا وعطنوا وذهب عتمة من الليل شننا عليهم الغارة فقلنا من قتلنا واستقنا النعم فوجهنا قافلين به ، وخرج صريخ القوم إلى قومهم ، قال : وخرجنا سراعا حتى نمر بالحارث بن مالك بن البرصاء  وصاحبه ، فانطلقنا به معنا . وأتانا صريخ الناس فجاءنا ما لا قبل لنا به ، حتى إذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادي من قديد ، بعث الله من حيث شاء ماء ما رأينا قبل ذلك مطرا ولا خالا ، فجاء بما لا يقدر أحد يقدم عليه ، لقد رأيتهم وقوفا ينظرون إلينا ما يقدر أحد منهم أن يقدر عليه ، ونحن نحدوها . فذهبنا سراعا حتى أسندناها في المشلل ، ثم حدرنا عنه وأعجزناهم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					