الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ترجمة ابن رواحة ]

                                                                                      وأما عبد الله بن رواحة بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري أبو عمرو ، أحد النقباء ليلة العقبة ، شهد بدرا والمشاهد ، وكان شاعر النبي صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 134 ] وأخا أبي الدرداء لأمه .

                                                                                      روى عنه أبو هريرة ، وابن أخته النعمان بن بشير ، وزيد بن أرقم ، وأنس قوله ، وأرسل عنه جماعة من التابعين . وقال الواقدي : كنيته أبو محمد . وقيل : أبو رواحة .

                                                                                      وروت أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر في يوم شديد الحر ، وما فينا صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة .

                                                                                      وقال معمر ، عن ثابت ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : تزوج رجل امرأة عبد الله بن رواحة فقال لها : هل تدرين لما تزوجتك ؟ قالت : لا قال : لتخبريني عن صنيع عبد الله في بيته . فذكرت له شيئا لا أحفظه ، غير أنها قالت : كان إذا أراد أن يخرج من بيته صلى ركعتين ، وإذا دخل بيته صلى ركعتين ، لا يدع ذلك أبدا .

                                                                                      وقال هشام بن عروة ، عن أبيه ، قال : لما نزلت : ( والشعراء يتبعهم الغاون ( 224 ) ) [ الشعراء ] ، قال ابن رواحة : قد علم الله أني منهم . فأنزلت : ( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( 227 ) ) [ الشعراء ] الآية .

                                                                                      وقيل هذا البيت لعبد الله بن رواحة يخاطب زيد بن أرقم :


                                                                                      يا زيد زيد اليعملات الذبل تطاول الليل هديت فانزل

                                                                                      يعني : انزل فسق بالقوم .

                                                                                      وعن مصعب بن شيبة ، قال : لما نزل ابن رواحة للقتال طعن [ ص: 135 ] فاستقبل الدم بيده ، فدلك به وجهه ، ثم صرع بين الصفين فجعل يقول : يا معشر المسلمين ذبوا عن لحم أخيكم . فكانوا يحملون حتى يجوزونه . فلم يزالوا كذلك حتى مات مكانه .

                                                                                      وقال ابن وهب : حدثني أسامة بن زيد الليثي ، قال : حدثني نافع ، قال : كانت لابن رواحة امرأة وكان يتقيها . وكانت له جارية فوقع عليها ، فقالت له وفرقت أن يكون قد فعل ، فقال : سبحان الله . قالت : اقرأ علي إذا ، فإنك جنب . فقال :


                                                                                      شهدت بإذن الله أن محمدا     رسول الذي فوق السماوات من عل
                                                                                      وإن أبا يحيى ويحيى كلاهما     له عمل من ربه متقبل

                                                                                      وقد رويا لحسان .

                                                                                      وقال ابن وهب ، عن عبد الرحمن بن سلمان ، عن ابن الهاد ، أن امرأة عبد الله بن رواحة رأته على جارية له فجحدها . فقالت له : فاقرأ . فقال :


                                                                                      شهدت بأن وعد الله حق     وأن النار مثوى الكافرينا
                                                                                      وأن العرش فوق الماء طاف     وفوق العرش رب العالمينا
                                                                                      وتحمله ملائكة كرام     ملائكة الإله مقربينا

                                                                                      فقالت : آمنت بالله وكذبت البصر . فحدث ابن رواحة النبي صلى الله عليه وسلم ، فضحك .

                                                                                      وقال موسى بن جعفر بن أبي كثير : حدثنا عبد العزيز الماجشون ، عن الثقة أن ابن رواحة اتهمته امرأته . فذكر القصة .

                                                                                      وقال ابن إسحاق : لم يعقب ابن رواحة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية