قوله تعالى : وتسود وجوه بين في هذه الآية الكريمة أن الكفر بعد الإيمان ، وذلك في قوله : من أسباب اسوداد الوجوه يوم القيامة فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم الآية [ 3 \ 106 ] .
وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك الكذب على الله تعالى وهو قوله تعالى : ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة [ 39 \ 60 ] . وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك اكتساب السيئات ، وهو قوله : والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما [ 10 \ 27 ] ، وبين في موضع آخر أن من أسباب ذلك الكفر والفجور وهو [ ص: 206 ] قوله تعالى : ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة [ 80 \ 40 \ 42 ] .
وهذه الأسباب في الحقيقة شيء واحد عبر عنه بعبارات مختلفة ، وهو الكفر بالله تعالى ، وبين في موضع آخر شدة تشويه وجوههم بزرقة العيون ، وهو قوله : ونحشر المجرمين يومئذ زرقا [ 20 \ 102 ] ، وأقبح صورة أن تكون الوجوه سودا والعيون زرقا ، ألا ترى الشاعر لما أراد أن يصور علل البخيل في أقبح صورة ، وأشوهها اقترح لها زرقة العيون ، واسوداد الوجوه في قوله :
وللبخيل على أمواله علل زرق العيون عليها أوجه سود