وقوله - صلى الله عليه وسلم : " والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه " ، متفق عليه من حديث أبي هريرة .
وقوله - صلى الله عليه وسلم : " إني والله - إن شاء الله - لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها " ، متفق عليه أيضا من حديث أبي موسى .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - لعبد الرحمن بن سمرة : " يا عبد الرحمن بن سمرة ، لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها ، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير ، وكفر عن يمينك " ، متفق عليه أيضا ، والأحاديث في الباب كثيرة . وهذا هو الحق في المسألة خلافا لمن قال : [ ص: 426 ] كفارتها تركها متمسكا بأحاديث وردت في ذلك ، قال أبو داود : والأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها : " فليكفر عن يمينه " ، وهي الصحاح ، والعلم عند الله تعالى .
قوله تعالى : تحرير رقبة ، لم يقيد هنا رقبة كفارة اليمين بالإيمان ، وقيد به كفارة القتل خطأ .
وهذه من مسائل المطلق والمقيد في حالة اتفاق الحكم ، مع اختلاف السبب ، وكثير من العلماء يقولون فيه بحمل المطلق على المقيد ، فتقيد رقبة اليمين والظهار بالقيد الذي في رقبة القتل خطأ ، حملا للمطلق على المقيد ، وخالف في ذلك أبو حنيفة ومن وافقه .
وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب " ، في سورة النساء عند قوله تعالى : فتحرير رقبة مؤمنة [ 4 \ 92 ] ; ولذلك لم نطل الكلام بها هنا ، والمراد بالتحرير الإخراج من الرق ، وربما استعملته العرب في الإخراج من الأسر ، والمشقات ، وتعب الدنيا ونحو ذلك ، ومنه قول والدة مريم : إني نذرت لك ما في بطني محررا [ 3 \ 35 ] ، أي من تعب أعمال الدنيا ، ومنه قول الفرزدق همام بن غالب التميمي : [ الكامل ]
أبني غدانة إنني حررتكم فوهبتكم لعطية بن جعال
يعني حررتكم من الهجاء ، فلا أهجوكم .


