(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42nindex.php?page=treesubj&link=28977ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ) أقسم الله تعالى لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أنه أرسل رسلا قبله إلى أمم قبل أمته فكانوا أرسخ من قومه في الشرك وأشد منهم إصرارا على الظلم ، فإن قومه يدعون الله تعالى وحده عند شدة الضيق وينسون ما اتخذوه من دونه من الأولياء والأنداد ، وأما تلك الأمم فلم تلن الشدائد قلوبهم ، ولم تصلح ما أفسد الشيطان من فطرتهم .
الأخذ بالبأساء والضراء عبارة عن إنزالهما بهم ، وأخذ الشيء يطلق على حوزه وتحصيله بالتناول والملك أو الاستيلاء والقهر ، وقد يسند هذا إلى الأسباب غير الفاعلة المريدة كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=206أخذته العزة بالإثم -
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فأخذهم الطوفان -
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=113فأخذهم العذاب -
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فأخذتهم الصيحة . . الصاعقة . . الرجفة ) والبأساء : اسم يطلق على الحرب والمشقة . والبأس : الشدة في الحرب ، والخوف في الشدة ، والعذاب الشديد ، والقوة ، والشجاعة ، والبؤس ، والخضوع ، والفقر كذا في لسان العرب وقال
الراغب : البؤس والبأس . والبأساء : الشدة والمكروه ، إلا أن البؤس في الفقر والحرب أكثر ، والبأس والبأساء في النكاية ، وأورد الشواهد على ذلك ، والضراء فعلاء من الضر - وهو ضد النفع وتطلق على السنة - أي الجدب - والأذى وسوء الحال حسيا كان أو معنويا كالسراء من السرور ، وهي ضدها التي تقابلها كالنعماء ، وأما الضر فيقابله النفع ، وفسر
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير البأساء بشدة الفقر والضيق في المعيشة ، والضراء بالأسقام والعلل العارضة في الأجسام ، ونقل نحوه
الرازي عن
الحسن ، وأخرج
أبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أن البأساء خوف السلطان وغلاء السعر ، والأقوال في الكلمتين متقاربة ، والفرق بينهما - كما أفهم - أن البأساء ما يقع في الخارج من الأمور الشديدة الوقع على من يمسه تأثير الحرب الحاضرة الآن ، فإن وقعها أليم شديد على من أصيبوا بفقد أولادهم ، أو تخريب بلادهم ، أو ضيق معايشهم ، وأما الضراء فهي كل ما يؤلم النفس ألما شديدا سواء كان سببه نفسيا أو بدنيا أو خارجيا - فعلى هذا تكون البأساء من أسباب الضراء ، وقالوا : إنهما جاءتا على وزن حمراء ، ولم يرد في مذكرهما وزن أحمر صفة ، بل ورد اسم تفضيل ، والتضرع إظهار الضراعة بتكلف أو تكثر ، وهي الضعف أو الذل والخضوع .
ومعنى الآية : نقسم أننا قد أرسلنا رسلا إلى أمم من قبلك فدعوهم إلى توحيدنا وعبادتنا فلم يستجيبوا لهم ، فأخذناهم أخذ ابتلاء واختبار بالبأساء والضراء ؛ ليكون ذلك معدا لهم للإيمان لما يترتب عليه - بحسب طباع البشر وأخلاقهم - من التضرع والجؤار بالدعاء لربهم ، إذ مضت سنتنا بجعل الشدائد مربية للناس بما ترجع المغرورين عن غرورهم ، وتكف الفجار
[ ص: 346 ] عن فجورهم ، فما أجدرها بإرجاع أهل الأوهام ، عن دعاء أمثالهم من البشر وما دونهم من الأصنام ، ولكن من الناس من يصل إلى غاية من الشرك والفسق لا يزيلها بأس ، ولا يزلزلها بؤس ، فلا تنفع معهم العبر ولا تؤثر فيهم الغير ، وكان أولئك الأقوام منهم ، ولذلك قال تعالى فيهم :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28977فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) جعل
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير " لولا " هنا للتحضيض بمعنى " هلا " ، وجعلها الجمهور نافية ، أي فهلا تضرعوا خاشعين لنا تائبين إلينا عندما جاءهم البئيس من عذابنا ، فرأوا بوادره وحذروا أواخره ، لنكشفه عنهم قبل أن يحيط بهم ؟ أو فما خشعوا ولا تضرعوا إذ جاءهم بأسنا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28977ولكن قست قلوبهم ) فكانت أقسى من الحجر ، إذ لم تؤثر فيها النذر (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28977وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) من الكفر والمعاصي بما يوسوس إليهم من تحسين الثبات على ما كان عليهم آباؤهم وأجدادهم ، وتقبيح الطاعة والانقياد إلى رجل منهم لا مزية له عليهم . وقد فصلنا القول من قبل في تزيين أعمال الناس إليهم وما ينسب منها إلى الشيطان لقبحه ، وما ينسب إلى الله تعالى لأنه تعبير عن خلقه وتقديره وسننه في عباده ، وما يحسن إسناده إلى المجهول ، فيراجع في تفسير (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14زين للناس حب الشهوات 3 : 14 ) من جزء التفسير الثالث [ راجع ص 196 وما بعدها ج 3 ط الهيئة ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28977فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) أي : فلما أعرضوا عما أنذرهم ووعظهم به الرسل ، وتركوا الاهتداء به حتى نسوه أو جعلوه كالمنسي في عدم الاعتبار والاتعاظ به - لإصرارهم على كفرهم ، وجمودهم على تقليد من قبلهم ، بلوناهم بالحسنات بما فتحنا عليهم من أبواب كل شيء من أنواع سعة الرزق ورخاء العيش وصحة الأجسام والأمن على الأنفس والأموال ، كما قال تعالى في قوم
موسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ) ( 7 : 168 ) فلم يتربوا بالنعم ، ولا شكروا المنعم ، بل أفادتهم النعم فرحا وبطرا كما أفادتهم الشدائد قسوة وأشرا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28977حتى إذا فرحوا بما أوتوا ) منها ، وفسقوا عن أمر ربهم بطرا وغرورا بها (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28977أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) أي : أخذناهم بعذاب الاستئصال حال كوننا مباغتين لهم أو حال كونهم مبغوتين إذ فجأهم على غرة من غير سبق أمارة ولا إمهال للاستعداد أو للهرب فإذا هم مبلسون ، أي متحسرون يائسون من النجاة أو هالكون منقطعة حججهم ، والإبلاس في اللغة : اليأس والقنوط من الخير والرحمة ، والتحير : الدهشة ، وانقطاع الحجة ، والسكوت من الحزن أو الخوف والغم ، واستشهدوا له بقول
العجاج :
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلسا
ولقولهم : أبلست الناقة إذا لم ترغ من شدة الضبعة ، وهي بالتحريك شدة شهوة الفحل ، يقال : ضبعت الناقة ضبعا وضبعة ( من باب فرح ) .
[ ص: 347 ] والآية تفيد أن البأساء والضراء ، وما يقابلهما من السراء والنعماء مما يتربى ويتهذب به الموفقون من الناس ، وإلا كانت النعم أشد وبالا عليهم من النقم وهذا ثابت بالاختبار ، فلا خلاف في أن الشدائد مصلحة للفساد ، وأجدر الناس بالاستفادة من الحوادث المؤمن ، كما ثبت في حديث
صهيب مرفوعا في صحيح
مسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919672عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " وقد بينا وجه استفادة المؤمن من الشدائد في تفسير الآيات التي نزلت في شأن غزوة أحد من " سورة آل عمران " ، وهاك بعض ما رووه في ذلك من الآثار ، قال الحافظ
ابن كثير في تفسير الآية :
" قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له ، ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له فلا رأي له . ثم قرأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) الآية . قال
الحسن : مكر بالقوم ورب الكعبة ، أعطوا حاجتهم ثم أخذوا . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم . وقال
قتادة . بغت القوم أمر الله ، ما أخذ الله قوما قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعمتهم ، فلا تغتروا بالله ، فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم أيضا . وقال
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) قال : رخاء الدنيا وسترها .
وقد قال الإمام
أحمد : حدثنا
يحيى بن غيلان ، حدثنا
رشدين بن سعد أبو الحجاج المهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15708حرملة بن عمران التجيبي عن
عقبة ، عن
مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003305إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج " ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فلما نسوا ما ذكروا به ) الآية ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، من حديث
حرملة وابن
لهيعة ، عن
عقبة بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار ، حدثنا
عراك بن خالد بن يزيد ، حدثني أبي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12356إبراهيم بن أبي عبلة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " إذا أراد الله بقوم اقتطاعا فتح لهم أو فتح عليهم باب خيانة ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) " كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين ) ورواه
أحمد وغيره . اهـ . وسيعاد هذا البحث في تفسير " سورة الأعراف 7 : 94 " وما يليها من آيات وغيرها مما في معناها .
ومن مباحث اللفظ النحوية أن " إذا " من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فإذا هم مبلسون ) هي التي يسمونها الفجائية لإفادتها ترتب ما بعدها على ما قبلها فجأة ، وهي حرف عند
الكوفيين ، وظرف زمان
[ ص: 348 ] أو مكان عند
البصريين ( قولان ) منصوبة بخبر المبتدأ ، فالمعنى عليه هنا أنهم أبلسوا في مكان إقامتهم أو في زمانها ، على أن الفاء وحدها تفيد التعقيب ، وهو ترتب ما بعدها على ما قبلها من غير فاصل ، ولكن الفرق بين " فهم مبلسون " وبين " فإذا هم مبلسون " عظيم ، لا يخفى على ذي ذوق سليم . فذاك خبر مجرد ، وهذا تمثيل لمعنى مؤكد مجدد .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28977فقطع دابر القوم الذين ظلموا ) أي فهلك أولئك القوم الذين ظلموا أنفسهم بتكذيب الرسل والإصرار على الشرك وأعماله ، واستؤصلوا فلم يبق منهم أحد . كنى عن ذلك بقطع دابرهم ، وهو آخر القوم الذي يكون في أدبارهم ، وقيل : دابرهم أصلهم ، وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي من المفسرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي من نقلة اللغة ، والأول أظهر ، والمعنى على القولين واحد ، ووضع المظهر الموصوف بالموصول موضع المضمر ؛ للإشعار بعلة الإهلاك وسببه وهو الظلم ، ولا بد من زهوق الباطل فظهور الحق .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28977والحمد لله رب العالمين ) أي : والثناء الحسن في ذلك الذي جرى من نصر الله تعالى لرسله بإظهار حججهم ، وتصديق نذرهم ، وإهلاك المشركين الظالمين ، وإراحة الأرض من شركهم وظلمهم - ثابت ومستحق لله رب العالمين المدبر لأمورهم ، المقيم لأمر اجتماعهم بحكمته البالغة ، وسننه العادلة . فهذه الجملة بيان للحق الواقع من كون الحمد والثناء على ذلك مستحقا لله تعالى وحده ، وإرشاد لعباده المؤمنين ، يذكرهم بما يجب عليهم من حمده على نصر المرسلين المصلحين ، وقطع دابر الظالمين المفسدين ، وحمده في عاقبة كل أمر ، وخاتمة كل عمل كما قال في عباده المتقين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) ( 10 : 10 ) وسواء كان ذلك الأمر الذي تم من السراء أو الضراء فإن للمتقين في كل منهما عبرة وفائدة ، ونعمة ظاهرة أو باطنة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42nindex.php?page=treesubj&link=28977وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ ) أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَرْسَلَ رُسُلًا قَبْلَهُ إِلَى أُمَمٍ قَبْلَ أُمَّتِهِ فَكَانُوا أَرْسَخَ مِنْ قَوْمِهِ فِي الشِّرْكِ وَأَشَدَّ مِنْهُمْ إِصْرَارًا عَلَى الظُّلْمِ ، فَإِنَّ قَوْمَهُ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى وَحْدَهُ عِنْدَ شِدَّةِ الضِّيقِ وَيَنْسَوْنَ مَا اتَّخَذُوهُ مِنْ دُونِهِ مِنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَنْدَادِ ، وَأَمَّا تِلْكَ الْأُمَمُ فَلَمْ تُلِنِ الشَّدَائِدُ قُلُوبَهُمْ ، وَلَمْ تُصْلِحْ مَا أَفْسَدَ الشَّيْطَانُ مِنْ فِطْرَتِهِمْ .
الْأَخْذُ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ عِبَارَةٌ عَنْ إِنْزَالِهِمَا بِهِمْ ، وَأَخْذُ الشَّيْءِ يُطْلَقُ عَلَى حَوْزِهِ وَتَحْصِيلِهِ بِالتَّنَاوُلِ وَالْمِلْكِ أَوِ الِاسْتِيلَاءِ وَالْقَهْرِ ، وَقَدْ يُسْنَدُ هَذَا إِلَى الْأَسْبَابِ غَيْرِ الْفَاعِلَةِ الْمُرِيدَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=206أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ -
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=14فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=113فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ -
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=73فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ . . الصَّاعِقَةُ . . الرَّجْفَةُ ) وَالْبَأْسَاءُ : اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى الْحَرْبِ وَالْمَشَقَّةِ . وَالْبَأْسُ : الشِّدَّةُ فِي الْحَرْبِ ، وَالْخَوْفُ فِي الشِّدَّةِ ، وَالْعَذَابُ الشَّدِيدُ ، وَالْقُوَّةُ ، وَالشَّجَاعَةُ ، وَالْبُؤْسُ ، وَالْخُضُوعُ ، وَالْفَقْرُ كَذَا فِي لِسَانِ الْعَرَبِ وَقَالَ
الرَّاغِبُ : الْبُؤْسُ وَالْبَأْسُ . وَالْبَأْسَاءُ : الشِّدَّةُ وَالْمَكْرُوهُ ، إِلَّا أَنَّ الْبُؤْسَ فِي الْفَقْرِ وَالْحَرْبِ أَكْثَرُ ، وَالْبَأْسُ وَالْبَأْسَاءُ فِي النِّكَايَةِ ، وَأَوْرَدَ الشَّوَاهِدَ عَلَى ذَلِكَ ، وَالضَّرَّاءُ فَعْلَاءُ مِنَ الضُّرِّ - وَهُوَ ضِدُّ النَّفْعِ وَتُطْلَقُ عَلَى السَّنَةِ - أَيِ الْجَدْبِ - وَالْأَذَى وَسُوءِ الْحَالِ حِسِّيًّا كَانَ أَوْ مَعْنَوِيًّا كَالسَّرَّاءِ مِنَ السُّرُورِ ، وَهِيَ ضِدُّهَا الَّتِي تُقَابِلُهَا كَالنَّعْمَاءِ ، وَأَمَّا الضُّرُّ فَيُقَابِلُهُ النَّفْعُ ، وَفَسَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ الْبَأْسَاءَ بِشِدَّةِ الْفَقْرِ وَالضِّيقِ فِي الْمَعِيشَةِ ، وَالضَّرَّاءَ بِالْأَسْقَامِ وَالْعِلَلِ الْعَارِضَةِ فِي الْأَجْسَامِ ، وَنَقَلَ نَحْوَهُ
الرَّازِيُّ عَنِ
الْحَسَنِ ، وَأَخْرَجَ
أَبُو الشَّيْخِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّ الْبَأْسَاءَ خَوْفُ السُّلْطَانِ وَغَلَاءُ السِّعْرِ ، وَالْأَقْوَالُ فِي الْكَلِمَتَيْنِ مُتَقَارِبَةٌ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا - كَمَا أَفْهَمُ - أَنَّ الْبَأْسَاءَ مَا يَقَعُ فِي الْخَارِجِ مِنَ الْأُمُورِ الشَّدِيدَةِ الْوَقْعِ عَلَى مَنْ يَمَسُّهُ تَأْثِيرُ الْحَرْبِ الْحَاضِرَةِ الْآنَ ، فَإِنَّ وَقْعَهَا أَلِيمٌ شَدِيدٌ عَلَى مَنْ أُصِيبُوا بِفَقْدِ أَوْلَادِهِمْ ، أَوْ تَخْرِيبِ بِلَادِهِمْ ، أَوْ ضِيقِ مَعَايِشِهِمْ ، وَأَمَّا الضَّرَّاءُ فَهِيَ كُلُّ مَا يُؤْلِمُ النَّفْسَ أَلَمًا شَدِيدًا سَوَاءٌ كَانَ سَبَبُهُ نَفْسِيًّا أَوْ بَدَنِيًّا أَوْ خَارِجِيًّا - فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبَأْسَاءُ مِنْ أَسْبَابِ الضَّرَّاءِ ، وَقَالُوا : إِنَّهُمَا جَاءَتَا عَلَى وَزْنِ حَمْرَاءَ ، وَلَمْ يَرِدْ فِي مُذَكَّرِهِمَا وَزْنُ أَحْمَرَ صِفَةً ، بَلْ وَرَدَ اسْمُ تَفْضِيلٍ ، وَالتَّضَرُّعُ إِظْهَارُ الضَّرَاعَةِ بِتَكَلُّفٍ أَوْ تَكَثُّرٍ ، وَهِيَ الضَّعْفُ أَوِ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ .
وَمَعْنَى الْآيَةِ : نُقْسِمُ أَنَّنَا قَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَدَعَوْهُمْ إِلَى تَوْحِيدِنَا وَعِبَادَتِنَا فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ ، فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ ابْتِلَاءٍ وَاخْتِبَارٍ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ مُعِدًّا لَهُمْ لِلْإِيمَانِ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ - بِحَسَبِ طِبَاعِ الْبَشَرِ وَأَخْلَاقِهِمْ - مِنَ التَّضَرُّعِ وَالْجُؤَارِ بِالدُّعَاءِ لِرَبِّهِمْ ، إِذْ مَضَتْ سُنَّتُنَا بِجَعْلِ الشَّدَائِدِ مُرَبِّيَةً لِلنَّاسِ بِمَا تُرْجِعُ الْمَغْرُورِينَ عَنْ غُرُورِهِمْ ، وَتَكُفُّ الْفُجَّارَ
[ ص: 346 ] عَنْ فُجُورِهِمْ ، فَمَا أَجْدَرَهَا بِإِرْجَاعِ أَهْلِ الْأَوْهَامِ ، عَنْ دُعَاءِ أَمْثَالِهِمْ مِنَ الْبَشَرِ وَمَا دُونَهُمْ مِنَ الْأَصْنَامِ ، وَلَكِنْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَصِلُ إِلَى غَايَةٍ مِنَ الشِّرْكِ وَالْفِسْقِ لَا يُزِيلُهَا بَأْسٌ ، وَلَا يُزَلْزِلُهَا بُؤْسٌ ، فَلَا تَنْفَعُ مَعَهُمُ الْعِبَرُ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِمُ الْغِيَرُ ، وَكَانَ أُولَئِكَ الْأَقْوَامُ مِنْهُمْ ، وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28977فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا ) جَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ " لَوْلَا " هُنَا لِلتَّحْضِيضِ بِمَعْنَى " هَلَّا " ، وَجَعَلَهَا الْجُمْهُورُ نَافِيَةً ، أَيْ فَهَلَّا تَضَرَّعُوا خَاشِعِينَ لَنَا تَائِبِينَ إِلَيْنَا عِنْدَمَا جَاءَهُمُ الْبَئِيسُ مِنْ عَذَابِنَا ، فَرَأَوْا بَوَادِرَهُ وَحَذِرُوا أَوَاخِرَهُ ، لِنَكْشِفَهُ عَنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يُحِيطَ بِهِمْ ؟ أَوْ فَمَا خَشَعُوا وَلَا تَضْرَّعُوا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28977وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ ) فَكَانَتْ أَقْسَى مِنَ الْحَجَرِ ، إِذْ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهَا النُّذُرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=43nindex.php?page=treesubj&link=28977وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي بِمَا يُوَسْوِسُ إِلَيْهِمْ مِنْ تَحْسِينِ الثَّبَاتِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِمْ آبَاؤُهُمْ وَأَجْدَادُهُمْ ، وَتَقْبِيحِ الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ لَا مَزِيَّةَ لَهُ عَلَيْهِمْ . وَقَدْ فَصَّلْنَا الْقَوْلَ مِنْ قَبْلُ فِي تَزْيِينِ أَعْمَالِ النَّاسِ إِلَيْهِمْ وَمَا يُنْسَبُ مِنْهَا إِلَى الشَّيْطَانِ لِقُبْحِهِ ، وَمَا يُنْسَبُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ تَعْبِيرٌ عَنْ خَلْقِهِ وَتَقْدِيرِهِ وَسُنَنِهِ فِي عِبَادِهِ ، وَمَا يُحْسِنُ إِسْنَادُهُ إِلَى الْمَجْهُولِ ، فَيُرَاجِعُ فِي تَفْسِيرِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ 3 : 14 ) مِنْ جُزْءِ التَّفْسِيرِ الثَّالِثِ [ رَاجِعْ ص 196 وَمَا بَعْدَهَا ج 3 ط الْهَيْئَةِ ] .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28977فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كَلِّ شَيْءٍ ) أَيْ : فَلَمَّا أَعْرَضُوا عَمَّا أَنْذَرَهُمْ وَوَعَظَهُمْ بِهِ الرُّسُلُ ، وَتَرَكُوا الِاهْتِدَاءَ بِهِ حَتَّى نَسَوْهُ أَوْ جَعَلُوهُ كَالْمَنْسِيِّ فِي عَدَمِ الِاعْتِبَارِ وَالِاتِّعَاظِ بِهِ - لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ ، وَجُمُودِهِمْ عَلَى تَقْلِيدِ مَنْ قَبْلَهُمْ ، بَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ بِمَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ أَبْوَابِ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ سَعَةِ الرِّزْقِ وَرَخَاءِ الْعَيْشِ وَصِحَّةِ الْأَجْسَامِ وَالْأَمْنِ عَلَى الْأَنْفُسِ وَالْأَمْوَالِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي قَوْمِ
مُوسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ( 7 : 168 ) فَلَمْ يَتَرَبَّوْا بِالنِّعَمِ ، وَلَا شَكَرُوا الْمُنْعِمَ ، بَلْ أَفَادَتْهُمُ النِّعَمُ فَرَحًا وَبَطَرًا كَمَا أَفَادَتْهُمُ الشَّدَائِدُ قَسْوَةً وَأَشَرًا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28977حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا ) مِنْهَا ، وَفَسَقُوا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ بَطَرًا وَغُرُورًا بِهَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44nindex.php?page=treesubj&link=28977أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ) أَيْ : أَخَذْنَاهُمْ بِعَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ حَالَ كَوْنِنَا مُبَاغِتِينَ لَهُمْ أَوْ حَالَ كَوْنِهِمْ مَبْغُوتِينَ إِذْ فَجَأَهُمْ عَلَى غِرَّةٍ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ أَمَارَةٍ وَلَا إِمْهَالٍ لِلِاسْتِعْدَادِ أَوْ لِلْهَرَبِ فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ، أَيْ مُتَحَسِّرُونَ يَائِسُونَ مِنَ النَّجَاةِ أَوْ هَالِكُونَ مُنْقَطِعَةٌ حُجَجُهُمْ ، وَالْإِبْلَاسُ فِي اللُّغَةِ : الْيَأْسُ وَالْقُنُوطُ مِنَ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ ، وَالتَّحَيُّرِ : الدَّهْشَةُ ، وَانْقِطَاعُ الْحُجَّةِ ، وَالسُّكُوتُ مِنَ الْحُزْنِ أَوِ الْخَوْفِ وَالْغَمِّ ، وَاسْتَشْهَدُوا لَهُ بِقَوْلِ
الْعَجَّاجِ :
يَا صَاحِ هَلْ تَعْرِفُ رَسْمًا مُكْرَسَا قَالَ نَعَمْ أَعْرِفُهُ وَأَبْلَسَا
وَلِقَوْلِهِمْ : أَبْلَسَتِ النَّاقَةُ إِذَا لَمْ تَرْغُ مِنْ شِدَّةِ الضَّبَعَةِ ، وَهِيَ بِالتَّحْرِيكِ شِدَّةُ شَهْوَةِ الْفَحْلِ ، يُقَالُ : ضَبِعَتِ النَّاقَةُ ضَبَعًا وَضَبَعَةً ( مِنْ بَابِ فَرِحَ ) .
[ ص: 347 ] وَالْآيَةُ تُفِيدُ أَنَّ الْبَأْسَاءَ وَالضَّرَّاءَ ، وَمَا يُقَابِلُهُمَا مِنَ السَّرَّاءِ وَالنَّعْمَاءِ مِمَّا يَتَرَبَّى وَيَتَهَذَّبُ بِهِ الْمُوَفَّقُونَ مِنَ النَّاسِ ، وَإِلَّا كَانَتِ النِّعَمُ أَشَدَّ وَبَالًا عَلَيْهِمْ مِنَ النِّقَمِ وَهَذَا ثَابِتٌ بِالِاخْتِبَارِ ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الشَّدَائِدَ مُصْلِحَةٌ لِلْفَسَادِ ، وَأَجْدَرُ النَّاسِ بِالِاسْتِفَادَةِ مِنَ الْحَوَادِثِ الْمُؤْمِنُ ، كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ
صُهَيْبٍ مَرْفُوعًا فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=919672عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ " وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ اسْتِفَادَةِ الْمُؤْمِنِ مِنَ الشَّدَائِدِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ الَّتِي نَزَلَتْ فِي شَأْنِ غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنْ " سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ " ، وَهَاكَ بَعْضُ مَا رَوَوْهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْآثَارِ ، قَالَ الْحَافِظُ
ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ :
" قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ : مَنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَمْكُرُ بِهِ فَلَا رَأْيَ لَهُ ، وَمَنْ قَتَّرَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرَ أَنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ فَلَا رَأْيَ لَهُ . ثُمَّ قَرَأَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ) الْآيَةَ . قَالَ
الْحَسَنُ : مُكِرَ بِالْقَوْمِ وَرَبَّ الْكَعْبَةِ ، أُعْطُوا حَاجَتَهُمْ ثُمَّ أُخِذُوا . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ . بَغَتَ الْقَوْمَ أَمْرُ اللَّهِ ، مَا أَخَذَ اللَّهُ قَوْمًا قَطُّ إِلَّا عِنْدَ سَكْرَتِهِمْ وَغِرَّتِهِمْ وَنِعْمَتِهِمْ ، فَلَا تَغْتَرُّوا بِاللَّهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَغْتَرُّ بِاللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا . وَقَالَ
مَالِكٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ) قَالَ : رَخَاءَ الدُّنْيَا وَسَتْرَهَا .
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ ، حَدَّثَنَا
رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو الْحَجَّاجِ الْمَهْرِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15708حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ عَنْ
عُقْبَةَ ، عَنْ
مُسْلِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=27عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003305إِذَا رَأَيْتَ اللَّهَ يُعْطِي الْعَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ " ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ ) الْآيَةَ وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، مِنْ حَدِيثِ
حَرْمَلَةَ وَابْنِ
لَهِيعَةَ ، عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=27عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ بِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثْنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17246هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا
عِرَاكُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12356إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ : " إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ اقْتِطَاعًا فَتَحَ لَهُمْ أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِمْ بَابَ خِيَانَةٍ ( nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ) " كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) وَرَوَاهُ
أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ . اهـ . وَسَيُعَادُ هَذَا الْبَحْثُ فِي تَفْسِيرِ " سُورَةِ الْأَعْرَافِ 7 : 94 " وَمَا يَلِيهَا مِنْ آيَاتٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِي مَعْنَاهَا .
وَمِنْ مَبَاحِثِ اللَّفْظِ النَّحْوِيَّةِ أَنَّ " إِذَا " مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ) هِيَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا الْفُجَائِيَّةَ لِإِفَادَتِهَا تَرَتُّبُ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا فَجْأَةً ، وَهِيَ حَرْفٌ عِنْدَ
الْكُوفِيِّينَ ، وَظَرْفُ زَمَانٍ
[ ص: 348 ] أَوْ مَكَانٍ عِنْدَ
الْبَصْرِيِّينَ ( قَوْلَانِ ) مَنْصُوبَةٌ بِخَبَرِ الْمُبْتَدَأِ ، فَالْمَعْنَى عَلَيْهِ هُنَا أَنَّهُمْ أَبْلَسُوا فِي مَكَانِ إِقَامَتِهِمْ أَوْ فِي زَمَانِهَا ، عَلَى أَنَّ الْفَاءَ وَحْدَهَا تُفِيدُ التَّعْقِيبَ ، وَهُوَ تَرَتُّبُ مَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ ، وَلَكِنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ " فَهُمْ مُبْلِسُونَ " وَبَيْنَ " فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ " عَظِيمٌ ، لَا يَخْفَى عَلَى ذِي ذَوْقٍ سَلِيمٍ . فَذَاكَ خَبَرٌ مُجَرَّدٌ ، وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِمَعْنًى مُؤَكَّدٍ مُجَدَّدٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28977فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا ) أَيْ فَهَلَكَ أُولَئِكَ الْقَوْمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ وَالْإِصْرَارِ عَلَى الشِّرْكِ وَأَعْمَالِهِ ، وَاسْتُؤْصِلُوا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ أَحَدٌ . كَنَّى عَنْ ذَلِكَ بِقَطْعِ دَابِرِهِمْ ، وَهُوَ آخَرُ الْقَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِي أَدْبَارِهِمْ ، وَقِيلَ : دَابِرُهُمْ أَصْلُهُمْ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13721وَالْأَصْمَعِيِّ مِنْ نَقَلَةِ اللُّغَةِ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ، وَالْمَعْنَى عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَاحِدٌ ، وَوَضَعَ الْمُظْهَرَ الْمَوْصُوفَ بِالْمَوْصُولِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ ؛ لِلْإِشْعَارِ بِعِلَّةِ الْإِهْلَاكِ وَسَبَبِهِ وَهُوَ الظُّلْمُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ زُهُوقِ الْبَاطِلِ فَظُهُورِ الْحَقِّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=45nindex.php?page=treesubj&link=28977وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) أَيْ : وَالثَّنَاءُ الْحَسَنُ فِي ذَلِكَ الَّذِي جَرَى مِنْ نَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِرُسُلِهِ بِإِظْهَارِ حُجَجِهِمْ ، وَتَصْدِيقِ نُذُرِهِمْ ، وَإِهْلَاكِ الْمُشْرِكِينَ الظَّالِمِينَ ، وَإِرَاحَةِ الْأَرْضِ مِنْ شِرْكِهِمْ وَظُلْمِهِمْ - ثَابِتٌ وَمُسْتَحَقٌّ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الْمُدَبِّرِ لِأُمُورِهِمُ ، الْمُقِيمِ لِأَمْرِ اجْتِمَاعِهِمْ بِحِكْمَتِهِ الْبَالِغَةِ ، وَسُنَنِهِ الْعَادِلَةِ . فَهَذِهِ الْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِلْحَقِّ الْوَاقِعِ مِنْ كَوْنِ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى ذَلِكَ مُسْتَحَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ ، وَإِرْشَادٌ لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، يُذَكِّرُهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَمْدِهِ عَلَى نَصْرِ الْمُرْسَلِينَ الْمُصْلِحِينَ ، وَقَطْعِ دَابِرِ الظَّالِمِينَ الْمُفْسِدِينَ ، وَحَمْدِهِ فِي عَاقِبَةِ كُلِّ أَمْرٍ ، وَخَاتِمَةِ كُلِّ عَمَلٍ كَمَا قَالَ فِي عِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=10وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ( 10 : 10 ) وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الَّذِي تَمَّ مِنَ السَّرَّاءِ أَوِ الضَّرَّاءِ فَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عِبْرَةً وَفَائِدَةً ، وَنِعْمَةً ظَاهِرَةً أَوْ بَاطِنَةً .