(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين ) .
[ ص: 378 ] بعد أن أرشد الله تعالى رسوله إلى ما تقدم من سياسة المؤمنين ، وتبليغهم ما ذكر من أصول حكمة الدين ، عاد إلى تلقينه ما يحاج به المشركين ، من بلاغ الوحي وناصع البراهين ، فقال :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56nindex.php?page=treesubj&link=28977قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ) النهي : الزجر عن الشيء بالقول - مثل : لا تكذب واجتنب قول الزور - والكف عنه بالفعل ، ومنه قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40ونهى النفس عن الهوى ) ( 79 : 40 ) والدعاء : النداء وطلب الخير أو دفع الضر من الأعلى ، وإنما يكون عبادة إذا كان في أمر وراء الأسباب المسخرة للعباد التي ينالونها بكسبهم لها واجتهادهم فيها وتعاونهم عليها ، فإن ما نعجز عن نيله بالأسباب المسخرة لنا لا نطلبه إلا من الخالق المسخر للأسباب - وقد بينا ذلك مرارا كثيرة - فالله تعالى يقول لرسوله هنا : قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين الذين يدعون مع الله آلهة أخرى : إني نهيت أن أعبد الذين تدعونهم وتستغيثونهم من دون الله ، أي غير الله من الملائكة وعباد الله الصالحين ، بله ما دونهم من الأصنام والأوثان التي لا علم لها ولا عمل ، وهذا النهي يصدق بنهي الله تعالى إياه عن ذلك في آيات القرآن الكثيرة وأمره بضده وهو دعاء الله تعالى وحده ، وبنهي العقل والفطرة السليمة ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قبل البعثة موحدا ، ولم يكن قط مشركا ، ولأجل هذا قال : " نهيت " بالبناء للمفعول .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56nindex.php?page=treesubj&link=28977قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ) أي قل لهم : لا أتبع أهواءكم في عبادتهم ولا في غيرها من أعمالكم التي تتبعون بها الهوى ، ولستم في شيء منها على بينة ولا هدى ، ولماذا ؟ لأنني إن اتبعتها فقد ضللت ضلالا أخرج به من جنس المهتدين ، فلا أكون منهم في شيء ، فإن هذا الضلال لا يقاس بغيره ؛ لأنه هو الضلال البعيد عن صراط الهدى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977قل إني على بينة من ربي ) أي : قل لهم أيها الرسول أيضا : إني فيما أخالفكم فيه على بينة من ربي هداني إليها بالوحي والعقل ، والبينة كل ما يتبين به الحق من الحجج والدلائل العقلية ، والشواهد والآيات الحسية ، ومنه تسمية شهادة الشهود بينة ، والقرآن بينة مشتملة على أنواع كثيرة من البينات العقلية والكونية ، فهو على كونه من عند الله تعالى - للقطع بعجز الرسول كغيره عن الإتيان بمثله - مؤيد بالحجج والبينات المثبتة لما فيه من قواعد العقائد وأصول الهداية (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977وكذبتم به ) أي والحال أنكم كذبتم به ، أي بالقرآن الذي هو بينتي من ربي ، فكيف تكذبون أنتم ببينة البينات على أظهر الحقائق وأبين الهدايات ، ثم تطمعون أن أتبعكم على ضلال مبين لا بينة لكم عليه إلا محض التقليد ، وما كان التقليد بينة من البينات ، وإنما هو براءة من الاستدلال ، ورضاء بجهل الآباء والأجداد ، فالكلام حجة مسكتة مبكتة على ما قبلها من نفي عبادته - صلى الله عليه وسلم - للذين يدعونهم من دون الله ، وقيل : إن المعنى وكذبتم بربي ، أي : بآياته أو بدينه ، وإلا فإن القوم كانوا يؤمنون بأن الله هو ربهم ورب السماوات والأرض وما بينهما ، والقرآن ناطق بذلك ، وفسر بعضهم التكذيب بالرب باتخاذ شريك له ، ولم يكن اتخاذهم الشركاء تكذيبا بالربوبية ؛ إذ لم يكونوا يقولون : إن غيره تعالى يخلق
[ ص: 379 ] معه أو يرزق ، وإنما كانوا يدعون غيره ليقربهم إليه ويشفع لهم عنده ، وهذا الدعاء عبادة وشرك بالإلهية لا تكذيب بالربوبية .
ولما ذكر بينته وتكذيبهم به قفى برد شبهة تخطر عند ذلك بالبال ، ومن شأنها أن يقع عنها منهم السؤال ، وهي أن الله أنذرهم عذابا يحل بهم إذا أصروا على عنادهم وكفرهم ، ووعد بأن ينصر رسوله عليهم ، وقد استعجلوا النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك ، فكان عدم وقوعه شبهة لهم على صدق القرآن ، لجهلهم بسنن الله تعالى في شئون الإنسان ، فأمر الله تعالى رسوله أن يقول لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977ما عندي ما تستعجلون به ) أي ليس عندما تطلبون أن يعجل الله لكم من وعيده ، ولم أقل لكم : إن الله فوض أمره إلي حتى تطالبوني به وتعدون عدم إيقاعه حجة على تكذيبه (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977إن الحكم إلا لله ) أي ما الحكم في ذلك وفي غيره من التصرف في شئون الأمم إلا لله وحده ، وله في ذلك سنن حكيمة ومقادير منتظمة تجري عليها أفعاله وآجال مسماة تقع فيها ، فلا يتقدم شيء عن أجله ولا يتأخر (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8وكل شيء عنده بمقدار ) ( 13 : 8 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=61ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977يقص الحق وهو خير الفاصلين ) قرأ
ابن كثير ونافع وعاصم " يقص " من القصص ، وهو ذكر الخبر أو تتبع الأثر ، أي يقص على رسوله القصص الحق في جميع أخباره ووعده ووعيده ، أو يتتبع الحق ويصيبه في أقواله وأفعاله التي يتصرف بها في عباده ، وقرأه الباقون " يقض " من القضاء وأصله يقضي بالياء فحذفت الياء في الخط كما حذفت في اللفظ لالتقاء الساكنين ، ولما كانت المصاحف غير منقوطة كانت الكلمة في المصحف الإمام هكذا " نقص " فاحتملت القراءتين ، وحذف حرف المد الذي يسقط من اللفظ معهود في المصاحف ، ومنه (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حكمة بالغة فما تغن النذر ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18سندع الزبانية ) ( 96 : 18 ) ومعناه يقضي في أمركم وغيره القضاء الحق ، أو ينفذ الأمر ويفصله بالحق ، وهو خير الفاصلين في كل أمر ؛ لأنه الحكم العدل ، المحيط علمه والنافذ حكمه في كل شيء ، وتقدم تحقيق معنى القضاء في تفسير الآية الثانية من هذه السورة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28977قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم ) أي قل أيها الرسول لهؤلاء الذين يستعجلونك بالعذاب كقولهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ) ( 8 : 32 ) : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58لو أن عندي ما تستعجلون به " بأن كان مما جعله الله في مكنتي وتصرفي بقدرتي الكسبية أو بجعله آية خاصة بي "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58لقضي الأمر بيني وبينكم " بإهلاكي للظالمين منكم الذين يصدونني عن تبليغ دعوة ربي ويصدون الناس عني ، فإن الإنسان خلق من عجل ، وإنما أستعجل أنا بإهلاك الظالمين منكم ما وعدني ربي من نصر المؤمنين المصلحين المظلومين ، وخذلان الكافرين المفسدين الظالمين ، وهو استعجال للخير ، وأنتم تستعجلون الشر لأنفسكم ، وتقطعون عليها طريق الهداية بإمهال الله لكم (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28977والله أعلم بالظالمين )
[ ص: 380 ] الذين تمكن الظلم من أنفسهم ، وأحاط بها ، فلا رجاء برجوعهم عنه إلى الإيمان والحق والعدل ، وبمن ألم بهم الظلم أو ألموا به ، لكنه لم يمح نور الفطرة من أنفسهم ، ولم يذهب باستعدادهم للاهتداء إلى الحق الذي أدعوهم إليه . ولما كان سبحانه وتعالى أعلم بالظالمين لم يجعل أمر عقابهم إلي ، فهو عنده لا عندي ، ولكل من عذاب الدنيا والآخرة أجل مسمى عنده ، يراه قريبا وترونه بعيدا ، وأيامه تعالى في عالم التكوين وشئون الأمم ليست قصيرة كأيامنا بل طويلة (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=48وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير ) ( 22 : 47 ، 48 ) فهو لا يؤخر ما وعد به إلى الأجل المسمى عنده إلا لحكمة (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) ( 7 : 34 ) .
هذا ما ظهر لنا في قضاء الأمر على تقدير كون ما يستعجلون به في مكنته - صلى الله عليه وسلم - وليس المراد به إن كان يهلكهم كلهم كما هلكت الأمم التي كذبت الرسل من قبلهم ، أي : ليس المراد بما يقضي من الأمر هنا عذاب الاستئصال ولا عذاب الآخرة ، وإن كانوا قد استعجلوا كلا منهما ، بل نصر الرسول عليهم . وفي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58لقضي الأمر ) بإسناد الفعل إلى المفعول إشارة إلى أنه لو كان عنده - صلى الله عليه وسلم - وقضي لما قضي إلا بمشيئة الله تعالى وقدرته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ ) .
[ ص: 378 ] بَعْدَ أَنْ أَرْشَدَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ سِيَاسَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَتَبْلِيغِهِمْ مَا ذَكَرَ مِنْ أُصُولِ حِكْمَةِ الدِّينِ ، عَادَ إِلَى تَلْقِينِهِ مَا يُحَاجُّ بِهِ الْمُشْرِكِينَ ، مِنْ بَلَاغِ الْوَحْيِ وَنَاصِعِ الْبَرَاهِينِ ، فَقَالَ :
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ) النَّهْيُ : الزَّجْرُ عَنِ الشَّيْءِ بِالْقَوْلِ - مِثْلَ : لَا تَكْذِبْ وَاجْتَنِبْ قَوْلَ الزُّورِ - وَالْكَفُّ عَنْهُ بِالْفِعْلِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ) ( 79 : 40 ) وَالدُّعَاءُ : النِّدَاءُ وَطَلَبُ الْخَيْرِ أَوْ دَفْعُ الضُّرِّ مِنَ الْأَعْلَى ، وَإِنَّمَا يَكُونُ عِبَادَةً إِذَا كَانَ فِي أَمْرٍ وَرَاءَ الْأَسْبَابِ الْمُسَخَّرَةِ لِلْعِبَادِ الَّتِي يَنَالُونَهَا بِكَسْبِهِمْ لَهَا وَاجْتِهَادِهِمْ فِيهَا وَتَعَاوُنِهِمْ عَلَيْهَا ، فَإِنَّ مَا نَعْجِزُ عَنْ نَيْلِهِ بِالْأَسْبَابِ الْمُسَخَّرَةِ لَنَا لَا نَطْلُبُهُ إِلَّا مِنَ الْخَالِقِ الْمُسَخِّرِ لِلْأَسْبَابِ - وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ مِرَارًا كَثِيرَةً - فَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ لِرَسُولِهِ هُنَا : قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى : إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَهُمْ وَتَسْتَغِيثُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، أَيْ غَيْرَ اللَّهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَعِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، بَلْهَ مَا دُونَهُمْ مِنَ الْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ الَّتِي لَا عِلْمَ لَهَا وَلَا عَمَلَ ، وَهَذَا النَّهْيُ يُصَدَّقُ بِنَهْيِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ الْكَثِيرَةِ وَأَمْرِهِ بِضِدِّهِ وَهُوَ دُعَاءُ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ ، وَبِنَهْيِ الْعَقْلِ وَالْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ قَبْلَ الْبَعْثَةِ مُوَحِّدًا ، وَلَمْ يَكُنْ قَطُّ مُشْرِكًا ، وَلِأَجْلِ هَذَا قَالَ : " نُهِيتُ " بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=56nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) أَيْ قُلْ لَهُمْ : لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ فِي عِبَادَتِهِمْ وَلَا فِي غَيْرِهَا مِنْ أَعْمَالِكُمُ الَّتِي تَتَّبِعُونَ بِهَا الْهَوَى ، وَلَسْتُمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى بَيِّنَةٍ وَلَا هُدًى ، وَلِمَاذَا ؟ لِأَنَّنِي إِنِ اتَّبَعْتُهَا فَقَدْ ضَلَلْتُ ضَلَالًا أَخْرُجُ بِهِ مِنْ جِنْسِ الْمُهْتَدِينَ ، فَلَا أَكُونُ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ، فَإِنَّ هَذَا الضَّلَالَ لَا يُقَاسُ بِغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ عَنْ صِرَاطِ الْهُدَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي ) أَيْ : قُلْ لَهُمْ أَيُّهَا الرَّسُولُ أَيْضًا : إِنِّي فِيمَا أُخَالِفُكُمْ فِيهِ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي هَدَانِي إِلَيْهَا بِالْوَحْيِ وَالْعَقْلِ ، وَالْبَيِّنَةُ كُلُّ مَا يُتَبَيَّنُ بِهِ الْحَقُّ مِنَ الْحُجَجِ وَالدَّلَائِلِ الْعَقْلِيَّةِ ، وَالشَّوَاهِدِ وَالْآيَاتِ الْحِسِّيَّةِ ، وَمِنْهُ تَسْمِيَةُ شَهَادَةِ الشُّهُودِ بَيِّنَةً ، وَالْقُرْآنُ بَيِّنَةٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْبَيِّنَاتِ الْعَقْلِيَّةِ وَالْكَوْنِيَّةِ ، فَهُوَ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى - لِلْقَطْعِ بِعَجْزِ الرَّسُولِ كَغَيْرِهِ عَنِ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِهِ - مُؤَيِّدٌ بِالْحُجَجِ وَالْبَيِّنَاتِ الْمُثْبِتَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَوَاعِدِ الْعَقَائِدِ وَأُصُولِ الْهِدَايَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّكُمْ كَذَّبْتُمْ بِهِ ، أَيْ بِالْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ بَيِّنَتِي مِنْ رَبِّي ، فَكَيْفَ تُكَذِّبُونَ أَنْتُمْ بِبَيِّنَةِ الْبَيِّنَاتِ عَلَى أَظْهَرِ الْحَقَائِقِ وَأَبْيَنِ الْهِدَايَاتِ ، ثُمَّ تَطْمَعُونَ أَنْ أَتَّبِعَكُمْ عَلَى ضَلَالٍ مُبِينٍ لَا بَيِّنَةَ لَكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا مَحْضَ التَّقْلِيدِ ، وَمَا كَانَ التَّقْلِيدُ بَيِّنَةً مِنَ الْبَيِّنَاتِ ، وَإِنَّمَا هُوَ بَرَاءَةٌ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ ، وَرِضَاءٌ بِجَهْلِ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ ، فَالْكَلَامُ حُجَّةٌ مُسَكِّتَةٌ مُبَكِّتَةٌ عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ نَفْيِ عِبَادَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلَّذِينِ يَدْعُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى وَكَذَّبْتُمْ بِرَبِّي ، أَيْ : بِآيَاتِهِ أَوْ بِدِينِهِ ، وَإِلَّا فَإِنَّ الْقَوْمَ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ رَبُّهُمْ وَرَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ، وَالْقُرْآنُ نَاطِقٌ بِذَلِكَ ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمُ التَّكْذِيبَ بِالرَّبِّ بِاتِّخَاذِ شَرِيكٍ لَهُ ، وَلَمْ يَكُنِ اتِّخَاذُهُمُ الشُّرَكَاءَ تَكْذِيبًا بِالرُّبُوبِيَّةِ ؛ إِذْ لَمْ يَكُونُوا يَقُولُونَ : إِنَّ غَيْرَهُ تَعَالَى يَخْلُقُ
[ ص: 379 ] مَعَهُ أَوْ يَرْزُقُ ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَدْعُونَ غَيْرَهُ لِيُقَرِّبَهُمْ إِلَيْهِ وَيَشْفَعُ لَهُمْ عِنْدَهُ ، وَهَذَا الدُّعَاءُ عِبَادَةٌ وَشِرْكٌ بِالْإِلَهِيَّةِ لَا تَكْذِيبٌ بِالرُّبُوبِيَّةِ .
وَلَمَّا ذَكَرَ بَيِّنَتَهُ وَتَكْذِيبَهُمْ بِهِ قَفَّى بِرَدِّ شُبْهَةٍ تَخْطُرُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْبَالِ ، وَمِنْ شَأْنِهَا أَنْ يَقَعَ عَنْهَا مِنْهُمُ السُّؤَالُ ، وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ أَنْذَرَهُمْ عَذَابًا يَحِلُّ بِهِمْ إِذَا أَصَرُّوا عَلَى عِنَادِهِمْ وَكُفْرِهِمْ ، وَوَعَدَ بِأَنْ يُنْصَرَ رَسُولَهُ عَلَيْهِمْ ، وَقَدِ اسْتَعْجَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ ، فَكَانَ عَدَمُ وُقُوعِهِ شُبْهَةً لَهُمْ عَلَى صِدْقِ الْقُرْآنِ ، لِجَهْلِهِمْ بِسُنَنِ اللَّهِ تَعَالَى فِي شُئُونِ الْإِنْسَانِ ، فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ ) أَيْ لَيْسَ عِنْدَمَا تَطْلُبُونَ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ وَعِيدِهِ ، وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ : إِنَّ اللَّهَ فَوَّضَ أَمْرَهُ إِلَيَّ حَتَّى تُطَالِبُونِي بِهِ وَتَعُدُّونَ عَدَمَ إِيقَاعِهِ حُجَّةً عَلَى تَكْذِيبِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) أَيْ مَا الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ وَفِي غَيْرِهِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِي شُئُونِ الْأُمَمِ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ ، وَلَهُ فِي ذَلِكَ سُنَنٌ حَكِيمَةٌ وَمَقَادِيرُ مُنْتَظِمَةٌ تَجْرِي عَلَيْهَا أَفْعَالُهُ وَآجَالٌ مُسَمَّاةٌ تَقَعُ فِيهَا ، فَلَا يَتَقَدَّمُ شَيْءٌ عَنْ أَجَلِهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=8وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ) ( 13 : 8 ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=61وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=57nindex.php?page=treesubj&link=28977يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ) قَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَعَاصِمٌ " يَقُصُّ " مِنَ الْقَصَصِ ، وَهُوَ ذِكْرُ الْخَبَرِ أَوْ تَتَبُّعُ الْأَثَرِ ، أَيْ يَقُصُّ عَلَى رَسُولِهِ الْقَصَصَ الْحَقَّ فِي جَمِيعِ أَخْبَارِهِ وَوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ ، أَوْ يَتَتَبَّعُ الْحَقَّ وَيُصِيبُهُ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ الَّتِي يَتَصَرَّفُ بِهَا فِي عِبَادِهِ ، وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ " يَقْضِ " مِنَ الْقَضَاءِ وَأَصْلُهُ يَقْضِي بِالْيَاءِ فَحُذِفَتِ الْيَاءُ فِي الْخَطِّ كَمَا حُذِفَتْ فِي اللَّفْظِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْمَصَاحِفُ غَيْرَ مَنْقُوطَةٍ كَانَتِ الْكَلِمَةُ فِي الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ هَكَذَا " نقص " فَاحْتَمَلَتِ الْقِرَاءَتَيْنِ ، وَحَذْفُ حَرْفِ الْمَدِّ الَّذِي يَسْقُطُ مِنَ اللَّفْظِ مَعْهُودٌ فِي الْمَصَاحِفِ ، وَمِنْهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=5حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرِ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=18سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ) ( 96 : 18 ) وَمَعْنَاهُ يَقْضِي فِي أَمْرِكُمْ وَغَيْرِهِ الْقَضَاءَ الْحَقَّ ، أَوْ يُنْفِذُ الْأَمْرَ وَيُفَصِّلُهُ بِالْحَقِّ ، وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ فِي كُلِّ أَمْرٍ ؛ لِأَنَّهُ الْحَكَمُ الْعَدْلُ ، الْمُحِيطُ عِلْمُهُ وَالنَّافِذُ حُكْمُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ ، وَتَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى الْقَضَاءِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28977قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ) أَيْ قُلْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ كَقَوْلِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=32اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( 8 : 32 ) : "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ " بِأَنْ كَانَ مِمَّا جَعَلَهُ اللَّهُ فِي مَكِنَتِي وَتَصَرُّفِي بِقُدْرَتِي الْكَسْبِيَّةِ أَوْ بِجَعْلِهِ آيَةً خَاصَّةً بِي "
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ " بِإِهْلَاكِي لِلظَّالِمِينَ مِنْكُمُ الَّذِينَ يَصُدُّونَنِي عَنْ تَبْلِيغِ دَعْوَةِ رَبِّي وَيَصُدُّونَ النَّاسَ عَنِّي ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ مِنْ عَجَلٍ ، وَإِنَّمَا أَسْتَعْجِلُ أَنَا بِإِهْلَاكِ الظَّالِمِينَ مِنْكُمْ مَا وَعَدَنِي رَبِّي مِنْ نَصْرِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُصْلِحِينَ الْمَظْلُومِينَ ، وَخِذْلَانِ الْكَافِرِينَ الْمُفْسِدِينَ الظَّالِمِينَ ، وَهُوَ اسْتِعْجَالٌ لِلْخَيْرِ ، وَأَنْتُمْ تَسْتَعْجِلُونَ الشَّرَّ لِأَنْفُسِكُمْ ، وَتَقْطَعُونَ عَلَيْهَا طَرِيقَ الْهِدَايَةِ بِإِمْهَالِ اللَّهِ لَكُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58nindex.php?page=treesubj&link=28977وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ )
[ ص: 380 ] الَّذِينَ تَمَكَّنَ الظُّلْمُ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَأَحَاطَ بِهَا ، فَلَا رَجَاءَ بِرُجُوعِهِمْ عَنْهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْحَقِّ وَالْعَدْلِ ، وَبِمَنْ أَلَمَّ بِهِمُ الظُّلْمُ أَوْ أَلَمُّوا بِهِ ، لَكِنَّهُ لَمْ يَمْحُ نُورَ الْفِطْرَةِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَلَمْ يَذْهَبْ بِاسْتِعْدَادِهِمْ لِلِاهْتِدَاءِ إِلَى الْحَقِّ الَّذِي أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ . وَلَمَّا كَانَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمَ بِالظَّالِمِينَ لَمْ يَجْعَلْ أَمْرَ عِقَابِهِمْ إِلَيَّ ، فَهُوَ عِنْدَهُ لَا عِنْدِي ، وَلِكُلٍّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ أَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ، يَرَاهُ قَرِيبًا وَتَرَوْنَهُ بَعِيدًا ، وَأَيَّامُهُ تَعَالَى فِي عَالَمِ التَّكْوِينِ وَشُئُونِ الْأُمَمِ لَيْسَتْ قَصِيرَةً كَأَيَّامِنَا بَلْ طَوِيلَةً (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=47وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=48وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ) ( 22 : 47 ، 48 ) فَهُوَ لَا يُؤَخِّرُ مَا وَعَدَ بِهِ إِلَى الْأَجَلِ الْمُسَمَّى عِنْدَهُ إِلَّا لِحِكْمَةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=34وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجْلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ) ( 7 : 34 ) .
هَذَا مَا ظَهَرَ لَنَا فِي قَضَاءِ الْأَمْرِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ مَا يَسْتَعْجِلُونَ بِهِ فِي مَكِنَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إِنْ كَانَ يُهْلِكُهُمْ كُلُّهُمْ كَمَا هَلَكَتِ الْأُمَمُ الَّتِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، أَيْ : لَيْسَ الْمُرَادُ بِمَا يَقْضِي مِنَ الْأَمْرِ هُنَا عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ وَلَا عَذَابَ الْآخِرَةِ ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اسْتَعْجَلُوا كُلًّا مِنْهُمَا ، بَلْ نَصْرَ الرَّسُولَ عَلَيْهِمْ . وَفِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=58لَقُضِيَ الْأَمْرُ ) بِإِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى الْمَفْعُولِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُضِيَ لَمَا قُضِيَ إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ .