nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=175nindex.php?page=treesubj&link=28975_19962_29680فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل الاعتصام : الأخذ والتمسك بما يعصم ويحفظ ، مأخوذ من العصام ، وهو : الحبل الذي تشد به القربة والإداوة لتحمل به ، والأعصم : الوعل يعتصم في شعاف الجبال وقننها ،
nindex.php?page=treesubj&link=19962_19639فالذين يعتصمون بهذا القرآن يدخلهم الله - تعالى - في رحمة خاصة منه لا يدخل فيها سواهم ، وفضل خاص لا يتفضل به على غيرهم ، ويدل على هذا التخصيص تنكير الفضل والرحمة ، ورحمة الله وفضله غير محصورين ، ولكنه يختص من يشاء بما شاء من أنواعهما ، وقد فسرت الرحمة هنا بالجنة ، والفضل بما يزيد الله به أهلها على ما يستحقون من الجزاء ، كما قال في آية أخرى تقدمت :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173ويزيدهم من فضله ويمكن أن يفسرا بما هو أعم من نعيم الآخرة جزاء وزيادة ، فيشملا ما يكون لأهل الاعتصام بالقرآن الذي هو حبل الله المتين من الخصوصية في الدنيا ، إذ يكونون رحمة للناس بعلومهم وأعمالهم وفضائلهم ، واجتماعهم وتعاونهم وتراحمهم ، يرحم الناس بالاقتداء بهم والاقتباس منهم ، ومن ذلك أنهم يكونون رحماء بالناس ، تحملهم رحمتهم على
[ ص: 85 ] السعي لخير الناس ، وبذل فضلهم من علم وعمل ومال لهم ، فيكونون أئمة للناس برحمتهم وفضلهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=175ويهديهم إليه صراطا مستقيما أي : ويهديهم - تعالى - هداية خاصة موصلة إليه صراطا مستقيما أي طريقا قويما قريبا يبلغون به الغاية من العمل بالقرآن ، أما في الدنيا فبالسيادة والعزة والكمال ، وأما في الآخرة فبالجنة والرضوان ، فهذا
nindex.php?page=treesubj&link=28328الصراط المستقيم ، لا يهتدى إليه إلا بالاعتصام بالقرآن الكريم ، فيا خسارة المعرضين ، ويا طوبى للمعتصمين ، وقد صدق وعد الله للصادقين ، ففاز من اعتصم من الأولين ، وخاب وخسر من أعرض من الآخرين ، فعسى أن يعتبر بذلك المنتمون في هذا العصر إلى هذا الدين .
وقد سكت عن القسم الآخر المقابل لهؤلاء المؤمنين المعتصمين ؛ للعلم به من المقابلة وللإيذان وتألق نور البيان ، فلا ينبغي أن يوجد ، وإن وجد لا يؤبه له لأنه كالعدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=175nindex.php?page=treesubj&link=28975_19962_29680فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ الِاعْتِصَامُ : الْأَخْذُ وَالتَّمَسُّكُ بِمَا يَعْصِمُ وَيَحْفَظُ ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْعِصَامِ ، وَهُوَ : الْحَبَلُ الَّذِي تُشَدُّ بِهِ الْقِرْبَةُ وَالْإِدَاوَةُ لِتُحْمَلَ بِهِ ، وَالْأَعْصَمُ : الْوَعْلُ يَعْتَصِمُ فِي شِعَافِ الْجِبَالِ وَقِنَنِهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=19962_19639فَالَّذِينَ يَعْتَصِمُونَ بِهَذَا الْقُرْآنِ يُدْخِلُهُمُ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي رَحْمَةٍ خَاصَّةٍ مِنْهُ لَا يُدْخِلُ فِيهَا سِوَاهُمْ ، وَفَضْلٍ خَاصٍّ لَا يَتَفَضَّلُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِمْ ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّخْصِيصِ تَنْكِيرُ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَفَضْلُهُ غَيْرُ مَحْصُورَيْنِ ، وَلَكِنَّهُ يَخْتَصُّ مَنْ يَشَاءُ بِمَا شَاءَ مِنْ أَنْوَاعِهِمَا ، وَقَدْ فُسِّرَتِ الرَّحْمَةُ هُنَا بِالْجَنَّةِ ، وَالْفَضْلُ بِمَا يَزِيدُ اللَّهُ بِهِ أَهْلَهَا عَلَى مَا يَسْتَحِقُّونَ مِنَ الْجَزَاءِ ، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى تَقَدَّمَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّرَا بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ نَعِيمِ الْآخِرَةِ جَزَاءً وَزِيَادَةً ، فَيَشْمَلَا مَا يَكُونُ لِأَهْلِ الِاعْتِصَامِ بِالْقُرْآنِ الَّذِي هُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ مِنَ الْخُصُوصِيَّةِ فِي الدُّنْيَا ، إِذْ يَكُونُونَ رَحْمَةً لِلنَّاسِ بِعُلُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ ، وَاجْتِمَاعِهِمْ وَتَعَاوُنِهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ ، يُرْحَمُ النَّاسُ بِالِاقْتِدَاءِ بِهِمْ وَالِاقْتِبَاسِ مِنْهُمْ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ رُحَمَاءَ بِالنَّاسِ ، تَحْمِلُهُمْ رَحْمَتُهُمْ عَلَى
[ ص: 85 ] السَّعْيِ لِخَيْرِ النَّاسِ ، وَبَذْلِ فَضْلِهِمْ مِنْ عِلْمٍ وَعَمَلٍ وَمَالٍ لَهُمْ ، فَيَكُونُونَ أَئِمَّةً لِلنَّاسِ بِرَحْمَتِهِمْ وَفَضْلِهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=175وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا أَيْ : وَيَهْدِيهِمْ - تَعَالَى - هِدَايَةً خَاصَّةً مُوَصِّلَةً إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا أَيْ طَرِيقًا قَوِيمًا قَرِيبًا يَبْلُغُونَ بِهِ الْغَايَةَ مِنَ الْعَمَلِ بِالْقُرْآنِ ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَبِالسِّيَادَةِ وَالْعِزَّةِ وَالْكَمَالِ ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَبِالْجَنَّةِ وَالرِّضْوَانِ ، فَهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28328الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ ، لَا يُهْتَدَى إِلَيْهِ إِلَّا بِالِاعْتِصَامِ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ ، فَيَا خَسَارَةَ الْمُعْرِضِينَ ، وَيَا طُوبَى لِلْمُعْتَصِمِينَ ، وَقَدْ صَدَقَ وَعْدُ اللَّهِ لِلصَّادِقِينَ ، فَفَازَ مَنِ اعْتَصَمَ مِنَ الْأَوَّلِينَ ، وَخَابَ وَخَسِرَ مَنْ أَعْرَضَ مِنَ الْآخِرِينَ ، فَعَسَى أَنْ يَعْتَبِرَ بِذَلِكَ الْمُنْتَمُونَ فِي هَذَا الْعَصْرِ إِلَى هَذَا الدِّينِ .
وَقَدْ سَكَتَ عَنِ الْقِسْمِ الْآخَرِ الْمُقَابِلِ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الْمُعْتَصِمِينَ ؛ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنَ الْمُقَابَلَةِ وَلِلْإِيذَانِ وَتَأَلُّقِ نُورِ الْبَيَانِ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُوجَدَ ، وَإِنْ وُجِدَ لَا يُؤْبَهُ لَهُ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ .