(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من الله شيئا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعا ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما وإليه المصير nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=19ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ) أقام الله الحجة على أهل الكتاب كافة ، ثم بين ما كفر به
النصارى خاصة ، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28976_29434_32430_31994لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) قال
البيضاوي : " هم الذين قالوا بالاتحاد
[ ص: 254 ] منهم ، وقيل لم يصرح به أحد منهم ، ولكن لما زعموا أن فيه لاهوتا ، وقالوا : لا إله إلا واحد ، لزمهم أن يكون هو
المسيح ، فنسب إليهم لازم قولهم ; توضيحا لجهلهم ، وتفضيحا لمعتقدهم " ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي في تفسيره : أن هذا القول مبني على عقيدة الحلول والاتحاد ، وأنه لازم مذهب
النصارى ، وإن كانوا لا يقولونه ، أو لا يقوله أحد منهم ، وصرح بعض المفسرين بأن هذا المذهب مذهب
اليعقوبية منهم خاصة ، وذلك أن السابقين من المفسرين والمؤرخين ذكروا أن
النصارى ثلاث فرق :
اليعقوبية ،
والملكانية ،
والنسطورية . واعلم أن أمثال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري والبيضاوي والرازي لا يعتد بما يعرفون عن
النصارى ; فإنهم لم يقرءوا كتبهم ، ولم يناظروهم فيها وفي عقائدهم إلا قليلا ، وإنما يأخذون ما في كتب المسلمين عنهم قضايا مسلمة ، ومنها ما هو مشهور فيها من تفسير الآب والابن وروح القدس بأنها الوجود والعلم والحياة ; فالقول بها لا ينافي وحدانية الخالق ، وكان يقول مثل هذا بعض علماء
النصارى لعلماء المسلمين ، والظاهر أن بعض المتقدمين كان يعتقد هذا ، كما أنه يوجد الآن في
نصارى أوربة وغيرهم كثير من الموحدين الذين يعتقدون أن
المسيح نبي رسول لا إله ، ولعله لم يبق في
النصارى من يقول بتلك الفلسفة ; لأنهم في كل عصر يغيرون في دينهم ما شاءوا أن يغيروا في فلسفته وغير فلسفته ، وكان أكبر تغيير حدث بعد هؤلاء المفسرين مذهب (
البروتستانت ) أي إصلاح النصرانية ; حدث منذ أربعة قرون ، وصار هو السائد في أعظم الأمم مدنية وارتقاء ;
كالولايات المتحدة وإنكلترة وألمانية . نسف هذا المذهب أكثر التقاليد والخرافات النصرانية التي كانت قبله ، ثم استبدل بها تقاليد أخرى ، فصار عدة مذاهب في الحقيقة ، ومع هذا ترى هؤلاء المصلحين الذين زعموا أنهم أعادوا النصرانية إلى أصلها لم يستطيعوا أن يرجعوها إلى التوحيد الصحيح الذي هو دين
المسيح وسائر أنبياء
بني إسرائيل ورسل الله أجمعين ، فهم لا يزالون يقولون بألوهية
المسيح وبالتثليث ، ويعدون الموحد غير مسيحي ، كما يقول ذلك الفرقتان الكبيرتان الأخريان من فرق النصرانية في هذا العصر ، وهم
الكاثوليك والأرثوذكس ، فجميع فرق نصارى هذا العصر تقول : إن الله هو
المسيح ابن مريم ، وأن
المسيح ابن مريم هو الله ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا . والظاهر أن
النصارى القدماء لم يكونوا متفقين على هذه العقيدة كما قال مفسرونا .
قال ( الدكتور
بوست ) في تاريخ الكتاب المقدس عند الكلام على لفظ الجلالة ما نصه : " طبيعة الله عبارة عن ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر : الله الآب ، والله الابن ، والله الروح القدس ، فإلى الآب ينتمي الخلق بواسطة الابن ، وإلى الابن المفدى وإلى الروح القدس التطهير ، غير أن الثلاثة أقانيم تتقاسم جميع الأعمال على السواء .
أما
nindex.php?page=treesubj&link=29434مسألة التثليث فغير واضحة في العهد القديم كما هي في العهد الجديد ، وقد أشير إلى هذا في ( تك ص1 ) حيث ذكر " الله " و " روح الله " . . . إلخ ( قابل مز 33 : ويو 16 : 10 و 3 ) والحكمة الإلهية المشخصة في ( أم ص 8 )
[ ص: 255 ] تقابل الكلمة في ( يو ص 1 ) وربما تشير إلى الأقنوم الثاني ، وتطلق نعوت القدير على كل أقنوم من هذه الأقانيم الثلاثة على حدته " انتهى بحروفه .
والحق أن العهد القديم ; أي كتب الأنبياء الذين كانوا قبل
المسيح ، ليس فيها شيء ظاهر ولا خفي في عقيدة التثليث ; لأنها عقيدة وتثنية محضة . ومن أغرب التكلف تفسير " الحكمة " في أمثال
سليمان ، بـ " الكلمة " بالمعنى الذي يريدونه ، وهو وهم لم يخطر في بال
سليمان ولا
المسيح عليهما السلام ، وسترى أنهم قالوا : إن استعمال الكلمة بهذا المعنى لم يرد إلا في كلام
يوحنا ، وقد كان جميع أنبياء الله تعالى موحدين ، أعداء للوثنية والوثنيين ، وإنما يصح أن يقال : إن التوحيد ظاهر جلي في العهد الجديد أيضا ، والتثليث فيه هو الخفي ; فإن العقيدة التي يدعو إليها دعاة النصرانية ، والعبارات التي يذكرونها في ألوهية
المسيح والتثليث لا تفهم كلها من العهد الجديد ، بل هنالك عبارات يتحكمون في تفسيرها وشرحها كما يهوون على خلاف شهير فيها بين متقدميهم ومتأخريهم .
والعمدة عندهم في هذه العقيدة أول عبارة من إنجيل
يوحنا ، وهي : " في البدء كانت الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، والله هو الكلمة " وقد أطلقوا لفظ الكلمة على
المسيح ، فصار معنى الفقرة الثالثة من عبارة إنجيل
يوحنا : والله هو
المسيح ابن مريم ، وهذا عين ما أسنده القرآن إليهم ؛ فكيف يقول
البيضاوي والرازي إنه أسند إليهم لازم مذهبهم ؟ ! قال
بوست في قاموسه : " يقصد بالكلمة السيد
المسيح ، ولم ترد هذه اللفظة بهذا المعنى إلا في مؤلفات
يوحنا ( 1 : 1 - 14 ، و 1 يو 1 : 1 ، ورؤ 19 : 13 ) وقد استعمل الفيلسوف (
فيلو ) لفظة " الكلمة " غير أنه يقصد بها غير ما قصد
يوحنا " ا هـ .
أقول : قد بينا في تفسير (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فنسوا حظا مما ذكروا به ) أنهم قالوا : إن
يوحنا ما كتب إنجيله في آخر عمره ، إلا إجابة لاقتراح من ألحوا عليه بذلك ; للعلة التي ذكروها ، فلولا هذا الاقتراح والإلحاح لما كتب ، ولو لم يكتب لم تعرف هذه العقيدة ، فثبت أن هذه العقيدة لم يذكرها
المسيح نفسه في كلامه ، ولا دعا إليها أحد من تلاميذه الذين انتشروا في البلاد للدعوة إلى إنجيله ، ولم يعرفها أحد إلا في العشر العاشر من القرن الأول الذي كتب فيه
يوحنا إنجيله . هذا إن صح أن
يوحنا الحواري هو الذي كتبه - ولن يصح - ولا يعقل أن يسكت
المسيح وجميع تلاميذه عن هذه العقيدة إذا كانت هي أصل الدين كما تزعم
النصارى ، بل الذي تتوفر عليه الدواعي أن يقررها
المسيح نفسه في كلامه ، ويجعلها تلاميذه أول ما يدعون إليه ، ويكررونه في أقوالهم ورسائلهم .
ولا يغرنك ما أشار إليه (
بوست ) من الشواهد عن رسالة
يوحنا ورؤياه ، فتظن أن هنالك
[ ص: 256 ] نصا أو نصوصا في إثبات هذه العقيدة ، كلا إن الشاهد الذي عزاه إلى أول رسالته الأولى هو : " الذي كان من البدء ، الذي سمعناه ، الذي رأيناه بعيوننا ، الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة " ، فكلمة الحياة لا تفيد هذه العقيدة إلا بتحكمهم . وأما الشاهد الذي عزاه إلى الرؤيا ; فهو : " 11 ثم رأيت السماء مفتوحة ، وإذا فرس أبيض ، والجالس عليه يدعى أمينا وصادقا ، وبالعدل يحكم ويحارب 12 ، وعيناه كلهيب من نار ، وعلى رأسه تيجان كثيرة ، وله اسم مكتوب ليس أحد يعرفه إلا هو 13 وهو متسربل بثوب مغموس بدم ، ويدعى اسمه كلمة الله 14 ، والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونه على خيل بيض ، لابسين بزا أبيض نقيا 15 ومن فمه يخرج سيف ماض ; لكي يضرب به الأمم ، وهو سيرعاهم بعصا من حديد " ، فأنت ترى أن هذه الأوصاف لا تنطبق على
المسيح ، وإنما تنطبق على أخيه
محمد ، عليهما الصلاة والسلام ، فمن أسمائه الصادق والأمين ، وبالعدل كان يحكم ويحارب . . . إلخ . ولم يكن
للمسيح شيء من هذه الصفات ; لأنه لم يحكم ولم يحارب ولم يرع الأمم . ولفظ " كلمة الله " هنا لا يفيد معنى تلك العقيدة ، ولا يشير إليها ; لأن كل شيء وجد بكلمة الله ، وهي كلمة التكوين (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 36 : 82 ) .
وأما الدليل على كون هذه العقيدة وثنية فهو يظهر لك جليا فيما كتبناه في تفسير قوله تعالى من هذا الجزء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ولا تقولوا ثلاثة ) ( 4 : 171 ) وذلك أن زعمهم " أن الله هو
المسيح ابن مريم " جزء من عقيدة التثليث المأخوذة عن قدماء
المصريين والبراهمة والبوذيين وغيرهم من وثنيي الشرق والغرب ، وقد أوردنا هنالك من شواهد كتب التاريخ وآثار الأولين ما علم به قطعا أن
النصارى أخذوا هذه العقيدة عنهم ، وسنعود إلى ذكرها عند تفسير قوله تعالى من هذه السورة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) ( 5 : 73 ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=18وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=19يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) أَقَامَ اللَّهُ الْحُجَّةَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ كَافَّةً ، ثُمَّ بَيَّنَ مَا كَفَرَ بِهِ
النَّصَارَى خَاصَّةً ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28976_29434_32430_31994لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ) قَالَ
الْبَيْضَاوِيُّ : " هُمُ الَّذِينَ قَالُوا بِالِاتِّحَادِ
[ ص: 254 ] مِنْهُمْ ، وَقِيلَ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، وَلَكِنْ لَمَّا زَعَمُوا أَنَّ فِيهِ لَاهُوتًا ، وَقَالُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا وَاحِدٌ ، لَزِمَهُمْ أَنْ يَكُونَ هُوَ
الْمَسِيحَ ، فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ لَازِمُ قَوْلِهِمْ ; تَوْضِيحًا لِجَهْلِهِمْ ، وَتَفْضِيحًا لِمُعْتَقَدِهِمْ " ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16785الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ : أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَقِيدَةِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ ، وَأَنَّهُ لَازِمُ مَذْهَبِ
النَّصَارَى ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَقُولُونَهُ ، أَوْ لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، وَصَرَّحَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ بِأَنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ مَذْهَبُ
الْيَعْقُوبِيَّةِ مِنْهُمْ خَاصَّةً ، وَذَلِكَ أَنَّ السَّابِقِينَ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ وَالْمُؤَرِّخِينَ ذَكَرُوا أَنَّ
النَّصَارَى ثَلَاثُ فِرَقٍ :
الْيَعْقُوبِيَّةُ ،
وَالْمِلْكَانِيَّةُ ،
وَالنَّسْطُورِيَّةُ . وَاعْلَمْ أَنَّ أَمْثَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ وَالْبَيْضَاوِيِّ وَالرَّازِيِّ لَا يُعْتَدُّ بِمَا يَعْرِفُونَ عَنِ
النَّصَارَى ; فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقْرَءُوا كُتُبَهُمْ ، وَلَمْ يُنَاظِرُوهُمْ فِيهَا وَفِي عَقَائِدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُونَ مَا فِي كُتُبِ الْمُسْلِمِينَ عَنْهُمْ قَضَايَا مُسَلَّمَةً ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَشْهُورٌ فِيهَا مِنْ تَفْسِيرِ الْآبِ وَالِابْنِ وَرُوحِ الْقُدُسِ بِأَنَّهَا الْوُجُودُ وَالْعِلْمُ وَالْحَيَاةُ ; فَالْقَوْلُ بِهَا لَا يُنَافِي وَحْدَانِيَّةَ الْخَالِقِ ، وَكَانَ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا بَعْضُ عُلَمَاءِ
النَّصَارَى لِعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَعْضَ الْمُتَقَدِّمِينَ كَانَ يَعْتَقِدُ هَذَا ، كَمَا أَنَّهُ يُوجَدُ الْآنَ فِي
نَصَارَى أُورُبَّةَ وَغَيْرِهِمْ كَثِيرٌ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ الَّذِينَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ
الْمَسِيحَ نَبِيٌّ رَسُولٌ لَا إِلَهٌ ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْقَ فِي
النَّصَارَى مَنْ يَقُولُ بِتِلْكَ الْفَلْسَفَةِ ; لِأَنَّهُمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ يُغَيِّرُونَ فِي دِينِهِمْ مَا شَاءُوا أَنْ يُغَيِّرُوا فِي فَلْسَفَتِهِ وَغَيْرِ فَلْسَفَتِهِ ، وَكَانَ أَكْبَرُ تَغْيِيرِ حَدَثَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرِينَ مَذْهَبَ (
الْبُرُوتِسْتَانْتِ ) أَيْ إِصْلَاحَ النَّصْرَانِيَّةِ ; حَدَثَ مُنْذُ أَرْبَعَةِ قُرُونٍ ، وَصَارَ هُوَ السَّائِدَ فِي أَعْظَمِ الْأُمَمِ مَدَنِيَّةً وَارْتِقَاءً ;
كَالْوِلَايَاتِ الْمُتَّحِدَةِ وَإِنْكِلْتِرَةَ وَأَلْمَانْيَةَ . نَسَفَ هَذَا الْمَذْهَبُ أَكْثَرَ التَّقَالِيدِ وَالْخُرَافَاتِ النَّصْرَانِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهُ ، ثُمَّ اسْتَبْدَلَ بِهَا تَقَالِيدَ أُخْرَى ، فَصَارَ عِدَّةَ مَذَاهِبَ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَمَعَ هَذَا تَرَى هَؤُلَاءِ الْمُصْلِحِينَ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ أَعَادُوا النَّصْرَانِيَّةَ إِلَى أَصْلِهَا لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يُرْجِعُوهَا إِلَى التَّوْحِيدِ الصَّحِيحِ الَّذِي هُوَ دِينُ
الْمَسِيحِ وَسَائِرِ أَنْبِيَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَرُسُلِ اللَّهِ أَجْمَعِينَ ، فَهُمْ لَا يَزَالُونَ يَقُولُونَ بِأُلُوهِيَّةِ
الْمَسِيحِ وَبِالتَّثْلِيثِ ، وَيَعُدُّونَ الْمُوَحِّدَ غَيْرَ مَسِيحِيٍّ ، كَمَا يَقُولُ ذَلِكَ الْفِرْقَتَانِ الْكَبِيرَتَانِ الْأُخْرَيَانِ مِنْ فِرَقِ النَّصْرَانِيَّةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ ، وَهُمُ
الْكَاثُولِيكُ وَالْأُرْثُوذُكْسُ ، فَجَمِيعُ فِرَقِ نَصَارَى هَذَا الْعَصْرِ تَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، وَأَنَّ
الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ هُوَ اللَّهُ ، تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا . وَالظَّاهِرُ أَنَّ
النَّصَارَى الْقُدَمَاءَ لَمْ يَكُونُوا مُتَّفِقِينَ عَلَى هَذِهِ الْعَقِيدَةِ كَمَا قَالَ مُفَسِّرُونَا .
قَالَ ( الدُّكْتُورُ
بوستُ ) فِي تَارِيخِ الْكِتَابِ الْمُقَدَّسِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ مَا نَصُّهُ : " طَبِيعَةُ اللَّهِ عِبَارَةٌ عَنْ ثَلَاثَةِ أَقَانِيمَ مُتَسَاوِيَةِ الْجَوْهَرِ : اللَّهُ الْآبُ ، وَاللَّهُ الِابْنُ ، وَاللَّهُ الرُّوحُ الْقُدُسُ ، فَإِلَى الْآبِ يَنْتَمِي الْخَلْقُ بِوَاسِطَةِ الِابْنِ ، وَإِلَى الِابْنِ الْمُفَدَّى وَإِلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ التَّطْهِيرُ ، غَيْرَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَانِيمَ تَتَقَاسَمُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ عَلَى السَّوَاءِ .
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29434مَسْأَلَةُ التَّثْلِيثِ فَغَيْرُ وَاضِحَةٍ فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ كَمَا هِيَ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ ، وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى هَذَا فِي ( تك ص1 ) حَيْثُ ذُكِرَ " اللَّهُ " وَ " رُوحُ اللَّهِ " . . . إِلَخْ ( قابل مز 33 : ويو 16 : 10 و 3 ) وَالْحِكْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ الْمُشَخِّصَةُ فِي ( أم ص 8 )
[ ص: 255 ] تُقَابِلُ الْكَلِمَةَ فِي ( يو ص 1 ) وَرُبَّمَا تُشِيرُ إِلَى الْأُقْنُومِ الثَّانِي ، وَتُطْلَقُ نُعُوتُ الْقَدِيرِ عَلَى كُلِّ أُقْنُومٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ عَلَى حِدَتِهِ " انْتَهَى بِحُرُوفِهِ .
وَالْحَقُّ أَنَّ الْعَهْدَ الْقَدِيمَ ; أَيْ كُتُبَ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ
الْمَسِيحِ ، لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ ظَاهِرٌ وَلَا خَفِيٌّ فِي عَقِيدَةِ التَّثْلِيثِ ; لِأَنَّهَا عَقِيدَةٌ وَتَثْنِيَةٌ مَحْضَةٌ . وَمِنْ أَغْرَبِ التَّكَلُّفِ تَفْسِيرُ " الْحِكْمَةِ " فِي أَمْثَالِ
سُلَيْمَانَ ، بِـ " الْكَلِمَةِ " بِالْمَعْنَى الَّذِي يُرِيدُونَهُ ، وَهُوَ وَهْمٌ لَمْ يَخْطُرْ فِي بَالِ
سُلَيْمَانَ وَلَا
الْمَسِيحِ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، وَسَتَرَى أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ اسْتِعْمَالَ الْكَلِمَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي كَلَامِ
يُوحَنَّا ، وَقَدْ كَانَ جَمِيعُ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مُوَحِّدِينَ ، أَعْدَاءً لِلْوَثَنِيَّةِ وَالْوَثَنِيِّينَ ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : إِنِ التَّوْحِيدَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ فِي الْعَهْدِ الْجَدِيدِ أَيْضًا ، وَالتَّثْلِيثَ فِيهِ هُوَ الْخَفِيُّ ; فَإِنَّ الْعَقِيدَةَ الَّتِي يَدْعُو إِلَيْهَا دُعَاةُ النَّصْرَانِيَّةِ ، وَالْعِبَارَاتِ الَّتِي يَذْكُرُونَهَا فِي أُلُوهِيَّةِ
الْمَسِيحِ وَالتَّثْلِيثِ لَا تُفْهَمُ كُلُّهَا مِنَ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ ، بَلْ هُنَالِكَ عِبَارَاتٌ يَتَحَكَّمُونَ فِي تَفْسِيرِهَا وَشَرْحِهَا كَمَا يَهْوَوْنَ عَلَى خِلَافٍ شَهِيرٍ فِيهَا بَيْنَ مُتَقَدِّمِيهِمْ وَمُتَأَخِّرِيهِمْ .
وَالْعُمْدَةُ عِنْدَهُمْ فِي هَذِهِ الْعَقِيدَةِ أَوَّلُ عِبَارَةٍ مِنْ إِنْجِيلِ
يُوحَنَّا ، وَهِيَ : " فِي الْبَدْءِ كَانَتِ الْكَلِمَةُ ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ هُوَ الْكَلِمَةُ " وَقَدْ أَطْلَقُوا لَفْظَ الْكَلِمَةِ عَلَى
الْمَسِيحِ ، فَصَارَ مَعْنَى الْفِقْرَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ عِبَارَةِ إِنْجِيلِ
يُوحَنَّا : وَاللَّهُ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ، وَهَذَا عَيْنُ مَا أَسْنَدَهُ الْقُرْآنُ إِلَيْهِمْ ؛ فَكَيْفَ يَقُولُ
الْبَيْضَاوِيُّ وَالرَّازِيُّ إِنَّهُ أَسْنَدَ إِلَيْهِمْ لَازِمَ مَذْهَبِهِمْ ؟ ! قَالَ
بوستُ فِي قَامُوسِهِ : " يُقْصَدُ بِالْكَلِمَةِ السَّيِّدُ
الْمَسِيحُ ، وَلَمْ تَرِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَّا فِي مُؤَلَّفَاتِ
يُوحَنَّا ( 1 : 1 - 14 ، و 1 يو 1 : 1 ، ورؤ 19 : 13 ) وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفَيْلَسُوفُ (
فِيلُو ) لَفْظَةَ " الْكَلِمَةِ " غَيْرَ أَنَّهُ يَقْصِدُ بِهَا غَيْرَ مَا قَصَدَ
يُوحَنَّا " ا هـ .
أَقُولُ : قَدْ بَيَّنَّا فِي تَفْسِيرٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=14فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّ
يُوحَنَّا مَا كَتَبَ إِنْجِيلَهُ فِي آخِرِ عُمُرِهِ ، إِلَّا إِجَابَةً لِاقْتِرَاحِ مَنْ أَلَحُّوا عَلَيْهِ بِذَلِكَ ; لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرُوهَا ، فَلَوْلَا هَذَا الِاقْتِرَاحُ وَالْإِلْحَاحُ لَمَا كَتَبَ ، وَلَوْ لَمْ يَكْتُبْ لَمْ تُعْرَفْ هَذِهِ الْعَقِيدَةُ ، فَثَبَتَ أَنَّ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا
الْمَسِيحُ نَفْسُهُ فِي كَلَامِهِ ، وَلَا دَعَا إِلَيْهَا أَحَدٌ مِنْ تَلَامِيذِهِ الَّذِينَ انْتَشَرُوا فِي الْبِلَادِ لِلدَّعْوَةِ إِلَى إِنْجِيلِهِ ، وَلَمْ يَعْرِفْهَا أَحَدٌ إِلَّا فِي الْعُشْرِ الْعَاشِرِ مِنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَتَبَ فِيهِ
يُوحَنَّا إِنْجِيلَهُ . هَذَا إِنْ صَحَّ أَنَّ
يُوحَنَّا الْحَوَارِيَّ هُوَ الَّذِي كَتَبَهُ - وَلَنْ يَصِحَّ - وَلَا يُعْقَلُ أَنْ يَسْكُتَ
الْمَسِيحُ وَجَمِيعُ تَلَامِيذِهِ عَنْ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ إِذَا كَانَتْ هِيَ أَصْلَ الدِّينِ كَمَا تَزْعُمُ
النَّصَارَى ، بَلِ الَّذِي تَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ الدَّوَاعِي أَنْ يُقَرِّرَهَا
الْمَسِيحُ نَفْسُهُ فِي كَلَامِهِ ، وَيَجْعَلَهَا تَلَامِيذُهُ أَوَّلَ مَا يَدْعُونَ إِلَيْهِ ، وَيُكَرِّرُونَهُ فِي أَقْوَالِهِمْ وَرَسَائِلِهِمْ .
وَلَا يَغُرَنَّكَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ (
بوستُ ) مِنَ الشَّوَاهِدِ عَنْ رِسَالَةِ
يُوحَنَّا وَرُؤْيَاهُ ، فَتَظُنَّ أَنَّ هُنَالِكَ
[ ص: 256 ] نَصًّا أَوْ نُصُوصًا فِي إِثْبَاتِ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ ، كَلَّا إِنَّ الشَّاهِدَ الَّذِي عَزَاهُ إِلَى أَوَّلِ رِسَالَتِهِ الْأُولَى هُوَ : " الَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا ، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا مِنْ جِهَةِ كَلِمَةِ الْحَيَاةِ " ، فَكَلِمَةُ الْحَيَاةِ لَا تُفِيدُ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ إِلَّا بِتَحَكُّمِهِمْ . وَأَمَّا الشَّاهِدُ الَّذِي عَزَاهُ إِلَى الرُّؤْيَا ; فَهُوَ : " 11 ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا ، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ 12 ، وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبٍ مِنْ نَارٍ ، وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ ، وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِلَّا هُوَ 13 وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ ، وَيُدْعَى اسْمُهُ كَلِمَةَ اللَّهِ 14 ، وَالْأَجْنَادُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ عَلَى خَيْلٍ بِيضٍ ، لَابِسِينَ بَزًّا أَبْيَضَ نَقِيًّا 15 وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ مَاضٍ ; لِكَيْ يَضْرِبَ بِهِ الْأُمَمَ ، وَهُوَ سَيَرْعَاهُمْ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ " ، فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ لَا تَنْطَبِقُ عَلَى
الْمَسِيحِ ، وَإِنَّمَا تَنْطَبِقُ عَلَى أَخِيهِ
مُحَمَّدٍ ، عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَمِنْ أَسْمَائِهِ الصَّادِقُ وَالْأَمِينُ ، وَبِالْعَدْلِ كَانَ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ . . . إِلَخْ . وَلَمْ يَكُنْ
لِلْمَسِيحِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ وَلَمْ يُحَارِبْ وَلَمْ يَرْعَ الْأُمَمَ . وَلَفْظُ " كَلِمَةِ اللَّهِ " هُنَا لَا يُفِيدُ مَعْنَى تِلْكَ الْعَقِيدَةِ ، وَلَا يُشِيرُ إِلَيْهَا ; لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ وُجِدَ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَهِيَ كَلِمَةُ التَّكْوِينِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 36 : 82 ) .
وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى كَوْنِ هَذِهِ الْعَقِيدَةِ وَثَنِيَّةً فَهُوَ يَظْهَرُ لَكَ جَلِيًّا فِيمَا كَتَبْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا الْجُزْءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ) ( 4 : 171 ) وَذَلِكَ أَنَّ زَعْمَهُمْ " أَنَّ اللَّهَ هُوَ
الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ " جُزْءٌ مِنْ عَقِيدَةِ التَّثْلِيثِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ قُدَمَاءِ
الْمِصْرِيِّينَ وَالْبَرَاهِمَةِ وَالْبُوذِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ وَثَنِيِّي الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ ، وَقَدْ أَوْرَدْنَا هُنَالِكَ مِنْ شَوَاهِدِ كُتُبِ التَّارِيخِ وَآثَارِ الْأَوَّلِينَ مَا عُلِمَ بِهِ قَطْعًا أَنَّ
النَّصَارَى أَخَذُوا هَذِهِ الْعَقِيدَةَ عَنْهُمْ ، وَسَنَعُودُ إِلَى ذِكْرِهَا عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=73لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) ( 5 : 73 ) .