(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=28976_10242والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=39فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=40ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير ) المحاربون : المفسدون في الأرض يأكلون أموال الناس بالباطل جهرة ، وينتزعونها منهم
[ ص: 314 ] عنوة ، واللصوص يأكلونها كذلك ، ولكنهم يأخذونها خفية ، فلما بين الله تعالى عقاب أولئك ، وأمر بالتقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيل الله - وهي الأعمال التي يكمل بها الإيمان ، وتتهذب بها النفوس حتى تنفر من الحرام - بين عقاب هؤلاء أيضا ، جمعا بين الوازع النفسي ; وهو الإيمان والصلاح ، والوازع الخارجي ; وهو الخوف من العقاب والنكال ، فقال عز من قائل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) أي والسارق والسارقة مما يتلى عليكم حكمهما ، ويبين لكم حدهما ، كما بين لكم حد المفسدين في الأرض مثلهما ، فاقطعوا أيديهما . أو التقدير : وكل من السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ، كما تقطعون أيدي المحاربين إذا سلبا المال مثلهما ، والمراد قطع يد كل منهما ; أي إذا سرق الذكر تقطع يده ، وإذا سرقت الأنثى تقطع يدها ، وإنما جمع اليد ، ولم يقل يديهما ; لأن فصحاء العرب يستثقلون إضافة المثنى إلى ضمير التثنية ; أي الجمع بين تثنيتين ، ومثله قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) ( 66 : 4 ) .
والوصف هنا متضمن لمعنى الشرط ، فقرن خبره بالفاء على الأظهر ، وقد صرح بأن هذا
nindex.php?page=treesubj&link=10242الحد على الرجال والنساء ، كما صرح بذلك في حد الزنا ; لأن كلا من الذنبين يقع من كل منهما ، فأراد الله زجر كل منهما بتلاوة القرآن ، وإن كانت الأحكام الشرعية مشتركة بينهما عند الإطلاق وتغليب وصف الذكورة وضمائرها في الكلام إلا ما خص الشرع به الرجال ; كالإمامة والقتال ، والمتبادر من إطلاق اليد أنها الكف إلى الرسغ ، ولهذا قال في آية الوضوء : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وأيديكم إلى المرافق ) ( 5 : 6 ) وإنما تقع السرقة بالكف مباشرة ، والساعد والعضد يحملان الكف كما يحملهما معها البدن ، فلا يقال إن اليد لا تعمل إلا بهما ، ولهذا المعنى ، وهو إيقاع العذاب على العضو المباشر للجريمة ، قالوا : إن اليمنى هي التي تقطع ; لأن التناول يكون بها إلا ما شذ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38جزاء بما كسبا نكالا من الله ) هذا تعليل للحد ; أي اقطعوا أيديهما جزاء لهما بعملهما وكسبهما السيئ ، ونكالا وعبرة لغيرهما ; فالنكال مأخوذ من النكل ، وهو بالكسر قيد الدابة ، ونكل عن الشيء : عجز أو امتنع لمانع صرفه عنه ، فالنكال هنا : ما ينكل الناس ويمنعهم أن يسرقوا . ولعمر الحق إن قطع اليد الذي يفضح صاحبه طول حياته ، ويسمه بميسم الذل والعار هو أجدر العقوبات بمنع السرقة وتأمين الناس على أموالهم ، وكذا على أرواحهم ; لأن الأرواح كثيرا ما تتبع الأموال إذا قاوم أهلها السراق عند العلم بهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38والله عزيز حكيم ) فهو غالب على أمره ، حكيم في صنعه وفي شرعه ، فهو يضع الحدود والعقوبات بحسب الحكمة التي توافق المصلحة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38nindex.php?page=treesubj&link=28976_10242وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=39فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=40أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) الْمُحَارِبُونَ : الْمُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ جَهْرَةً ، وَيَنْتَزِعُونَهَا مِنْهُمْ
[ ص: 314 ] عَنْوَةً ، وَاللُّصُوصُ يَأْكُلُونَهَا كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا خِفْيَةً ، فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى عِقَابَ أُولَئِكَ ، وَأَمْرَ بِالتَّقْوَى وَابْتِغَاءِ الْوَسِيلَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - وَهِيَ الْأَعْمَالُ الَّتِي يَكْمُلُ بِهَا الْإِيمَانُ ، وَتَتَهَذَّبُ بِهَا النُّفُوسُ حَتَّى تَنْفِرَ مِنَ الْحَرَامِ - بَيَّنَ عِقَابَ هَؤُلَاءِ أَيْضًا ، جَمْعًا بَيْنَ الْوَازِعِ النَّفْسِيِّ ; وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالصَّلَاحُ ، وَالْوَازِعِ الْخَارِجِيِّ ; وَهُوَ الْخَوْفُ مِنَ الْعِقَابِ وَالنَّكَالِ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ) أَيْ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ مِمَّا يُتْلَى عَلَيْكُمْ حُكْمُهُمَا ، وَيُبَيَّنُ لَكُمْ حَدُّهُمَا ، كَمَا بُيِّنَ لَكُمْ حَدُّ الْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ مِثْلِهِمَا ، فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا . أَوِ التَّقْدِيرُ : وَكُلٌّ مِنَ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ، كَمَا تَقْطَعُونَ أَيْدِيَ الْمُحَارِبِينَ إِذَا سَلَبَا الْمَالَ مِثْلَهُمَا ، وَالْمُرَادُ قَطْعُ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا ; أَيْ إِذَا سَرَقَ الذَّكَرُ تُقْطَعُ يَدُهُ ، وَإِذَا سَرَقَتِ الْأُنْثَى تُقْطَعُ يَدُهَا ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْيَدَ ، وَلَمْ يَقُلْ يَدَيْهِمَا ; لِأَنَّ فُصَحَاءَ الْعَرَبِ يَسْتَثْقِلُونَ إِضَافَةَ الْمُثَنَّى إِلَى ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ ; أَيِ الْجَمْعَ بَيْنَ تَثْنِيَتَيْنِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=4إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) ( 66 : 4 ) .
وَالْوَصْفُ هُنَا مُتَضَمِّنٌ لِمَعْنَى الشَّرْطِ ، فَقَرَنَ خَبَرَهُ بِالْفَاءِ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10242الْحَدَّ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِّ الزِّنَا ; لِأَنَّ كُلًّا مِنَ الذَّنْبَيْنِ يَقَعُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ، فَأَرَادَ اللَّهُ زَجْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَتَغْلِيبِ وَصْفِ الذُّكُورَةِ وَضَمَائِرِهَا فِي الْكَلَامِ إِلَّا مَا خَصَّ الشَّرْعُ بِهِ الرِّجَالَ ; كَالْإِمَامَةِ وَالْقِتَالِ ، وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ إِطْلَاقِ الْيَدِ أَنَّهَا الْكَفُّ إِلَى الرُّسْغِ ، وَلِهَذَا قَالَ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) ( 5 : 6 ) وَإِنَّمَا تَقَعُ السَّرِقَةُ بِالْكَفِّ مُبَاشَرَةً ، وَالسَّاعِدُ وَالْعَضُدُ يَحْمِلَانِ الْكَفَّ كَمَا يَحْمِلُهُمَا مَعَهَا الْبَدَنُ ، فَلَا يُقَالُ إِنَّ الْيَدَ لَا تَعْمَلُ إِلَّا بِهِمَا ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى ، وَهُوَ إِيقَاعُ الْعَذَابِ عَلَى الْعُضْوِ الْمُبَاشِرِ لِلْجَرِيمَةِ ، قَالُوا : إِنَّ الْيُمْنَى هِيَ الَّتِي تُقْطَعُ ; لِأَنَّ التَّنَاوُلَ يَكُونُ بِهَا إِلَّا مَا شَذَّ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِلْحَدِّ ; أَيِ اقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً لَهُمَا بِعَمَلِهِمَا وَكَسْبِهِمَا السَّيِّئِ ، وَنَكَالًا وَعِبْرَةً لِغَيْرِهِمَا ; فَالنَّكَالُ مَأْخُوذٌ مِنَ النَّكْلِ ، وَهُوَ بِالْكَسْرِ قَيْدُ الدَّابَّةِ ، وَنَكَلَ عَنِ الشَّيْءِ : عَجَزَ أَوِ امْتَنَعَ لِمَانِعٍ صَرَفَهُ عَنْهُ ، فَالنَّكَالُ هُنَا : مَا يُنَكِّلُ النَّاسَ وَيَمْنَعُهُمْ أَنْ يَسْرِقُوا . وَلَعَمْرِ الْحَقِّ إِنَّ قَطْعَ الْيَدِ الَّذِي يَفْضَحُ صَاحِبَهُ طُولَ حَيَاتِهِ ، وَيَسِمُهُ بِمَيْسَمِ الذُّلِّ وَالْعَارِ هُوَ أَجْدَرُ الْعُقُوبَاتِ بِمَنْعِ السَّرِقَةِ وَتَأْمِينِ النَّاسِ عَلَى أَمْوَالِهِمْ ، وَكَذَا عَلَى أَرْوَاحِهِمْ ; لِأَنَّ الْأَرْوَاحَ كَثِيرًا مَا تَتْبَعُ الْأَمْوَالَ إِذَا قَاوَمَ أَهْلُهَا السُّرَّاقَ عِنْدَ الْعِلْمِ بِهِمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=38وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) فَهُوَ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ، حَكِيمٌ فِي صُنْعِهِ وَفِي شَرْعِهِ ، فَهُوَ يَضَعُ الْحُدُودَ وَالْعُقُوبَاتِ بِحَسَبَ الْحِكْمَةِ الَّتِي تُوَافِقُ الْمَصْلَحَةَ .