[ ص: 303 ] سورة الروم
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28908غلبت الروم ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=5بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ( 5 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3من بعد غلبهم ) : المصدر مضاف إلى المفعول .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4في بضع ) : يتعلق بيغلبون .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4من قبل ومن بعد ) : مبنيان على الضم في المشهور ، ولقطعهما عن الإضافة . وقرئ شاذا بالكسر فيهما على إرادة المضاف إليه ، كما قال الفرزدق :
يا من رأى عارضا يسر به بين ذراعي وجبهة الأسد إلا أنه في البيت أقرب ؛ لأن ذكر المضاف إليه في أحدهما يدل على الآخر .
ويقرأ بالجر والتنوين على إعرابهما كإعرابهما مضافين ؛ والتقدير : من قبل كل شيء ومن بعد كل شيء . ( ويومئذ ) : منصوب بـ " يفرح " .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=5بنصر الله ) : يتعلق به أيضا ؛ ويجوز أن يتعلق بـ " ينصر " .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=28908وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون ( 6 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=6وعد الله ) : هو مصدر مؤكد ؛ أي وعد الله وعدا ، ودل ما تقدم على الفعل المحذوف ؛ لأنه وعد .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=28908أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون ( 8 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8ما خلق الله ) : " ما " نافية ، وفي التقدير وجهان :
أحدهما : هو مستأنف لا موضع له ، والكلام تام قبله . و " أولم يتفكروا " مثل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أولم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض ) [ الأعراف : 185 ] والثاني : موضعه نصب بيتفكروا ، والنفي لا يمنع ذلك ، كما لم يمنع في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=48وظنوا ما لهم من محيص ) [ فصلت : 48 ] و (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8بلقاء ربهم ) : يتعلق بـ " كافرون " واللام لا تمنع ذلك . والله أعلم .
[ ص: 304 ] قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=28908أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ( 9 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=9وأثاروا الأرض ) : قرئ شاذا بألف بعد الهمزة ، وهو للإشباع لا غير .
( أكثر ) : صفة مصدر محذوف و " ما " مصدرية .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=28908ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون ( 10 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10ثم كان عاقبة [ الذين أساءوا ] السوأى ) : يقرأ بالرفع والنصب ، فمن رفع جعله اسم كان ، وفي الخبر وجهان : أحدهما : " السوأى " و "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أن كذبوا " في موضع نصب مفعولا له ؛ أي لأن كذبوا ، أو بأن كذبوا ، أو في موضع جر بتقدير الجار على قول
الخليل . والثاني : "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أن كذبوا " أي كان آخر أمرهم التكذيب ، و " السوأى " على هذا صفة مصدر . ومن نصب جعلها خبر كان ، وفي الاسم وجهان :
أحدهما : " السوأى " والآخر : "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أن كذبوا " على ما تقدم .
ويجوز أن يجعل أن " كذبوا " بدلا من السوأى ، أو خبر مبتدأ محذوف .
والسوأى : فعلى ، تأنيث الأسوأ ؛ وهي صفة لمصدر محذوف ، والتقدير : أساءوا الإساءة السوأى ، وإن جعلتها اسما أو خبرا كان التقدير : الفعلة السوأى ، أو العقوبة السوأى .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28908ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ( 12 ) ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=12يبلس المجرمون ) : الجمهور على تسمية الفاعل .
وقد حكي شاذا ترك التسمية ؛ وهذا بعيد ؛ لأن أبلس لم يستعمل متعديا ، ومخرجه أن يكون أقام المصدر مقام الفاعل وحذفه ، وأقام المضاف إليه مقامه ؛ أي يبلس إبلاس المجرمين .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28908فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون ( 17 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17حين تمسون ) : الجمهور على الإضافة ، والعامل فيه " سبحان " .
وقرئ منونا على أن يجعل "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17تمسون " صفة له ، والعائد المحذوف ؛ أي تمسون فيه ؛ كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48واتقوا يوما لا تجزي ) [ البقرة : 48 ] .
[ ص: 305 ] قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28908وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون ( 18 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وعشيا ) : هو معطوف على " حين " ، " وله الحمد " : معترض . و " في السماوات " : حال من الحمد .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28908ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ( 24 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=24ومن آياته يريكم البرق ) : فيه ثلاثة أوجه ؛ أحدها : أن (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=31من آياته ) : حال من البرق ؛ أي يريكم البرق كائنا من آياته ، إلا أن حق الواو أن تدخل هنا على الفعل ، ولكن لما قدم الحال وكانت من جملة المعطوف ؛ أولاها الواو ، وحسن ذلك أن الجار والمجرور في حكم الظرف ؛ فهو كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة . . ) [ البقرة : 201 ] .
والوجه الثاني : أن " أن " محذوفة ؛ أي ومن آياته أن يريكم ، وإن حذفت " أن " في مثل هذا جاز رفع الفعل . والثالث : أن يكون الموصوف محذوفا ؛ أي ومن آياته آية يريكم فيها البرق ؛ فحذف الموصوف والعائد . ويجوز أن يكون التقدير : ومن آياته شيء ، أو سحاب ؛ ويكون فاعل يريكم ضمير شيء المحذوف .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=28908ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ( 25 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25من الأرض ) : فيه وجهان :
أحدهما : هو صفة لدعوة . والثاني : أن يكون متعلقا بمحذوف ، تقديره : خرجتم من الأرض ، ودل على المحذوف "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25إذا أنتم تخرجون " . ولا يجوز أن يتعلق " من " بتخرجون هذه ؛ لأن ما بعد إذا لا يعمل فيما قبلها .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28908وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم ( 27 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وهو أهون عليه ) : أي البعث أهون عليه في ظنكم .
وقيل : أهون بمعنى هين ، كما قالوا الله أكبر ؛ أي كبير .
وقيل : هو أهون على المخلوق ؛ لأنه في الابتداء نقل من نطفة إلى علقة إلى غير ذلك ، وفي البعث يكمل دفعة واحدة .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=28908ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون ( 28 ) ) .
[ ص: 306 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28فأنتم فيه سواء ) : الجملة في موضع نصب جواب الاستفهام ؛ أي هل لكم فتستووا ) .
وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28تخافونهم ) : ففي موضع الحال من ضمير الفاعل في " سواء " ؛ أي فتساووا خائفا بعضكم بعضا مشاركته له في المال ؛ أي إذا لم تشارككم عبيدكم في المال ، فكيف تشركون في عبادة الله من هو مصنوع لله .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28كخيفتكم ) أي خيفة كخيفتكم .
[ ص: 303 ] سُورَةُ الرُّومِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28908غُلِبَتِ الرُّومُ ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ( 4 )
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=5بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ( 5 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=3مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ ) : الْمَصْدَرُ مُضَافٌ إِلَى الْمَفْعُولِ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4فِي بِضْعِ ) : يَتَعَلَّقُ بِيَغْلِبُونَ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ ) : مَبْنِيَّانِ عَلَى الضَّمِّ فِي الْمَشْهُورِ ، وَلِقَطْعِهِمَا عَنِ الْإِضَافَةِ . وَقُرِئَ شَاذًّا بِالْكَسْرِ فِيهِمَا عَلَى إِرَادَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ ، كَمَا قَالَ الْفَرَزْدَقُ :
يَا مَنْ رَأَى عَارِضًا يُسَرُّ بِهِ بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الْأَسَدِ إِلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْتِ أَقْرَبُ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ فِي أَحَدِهِمَا يَدُلُّ عَلَى الْآخَرِ .
وَيُقْرَأُ بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ عَلَى إِعْرَابِهِمَا كَإِعْرَابِهِمَا مُضَافَيْنِ ؛ وَالتَّقْدِيرُ : مِنْ قَبْلِ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْ بَعْدِ كُلِّ شَيْءٍ . ( وَيَوْمَئِذٍ ) : مَنْصُوبٌ بِـ " يَفْرَحُ " .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=5بِنَصْرِ اللَّهِ ) : يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْضًا ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ " يَنْصُرُ " .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=28908وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ( 6 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=6وَعْدَ اللَّهِ ) : هُوَ مَصْدَرٌ مُؤَكَّدٌ ؛ أَيْ وَعَدَ اللَّهُ وَعْدًا ، وَدَلَّ مَا تَقَدَّمَ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ ؛ لِأَنَّهُ وَعَدَ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8nindex.php?page=treesubj&link=28908أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ ( 8 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8مَا خَلَقَ اللَّهُ ) : " مَا " نَافِيَةٌ ، وَفِي التَّقْدِيرِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : هُوَ مُسْتَأْنَفٌ لَا مَوْضِعَ لَهُ ، وَالْكَلَامُ تَامٌّ قَبْلَهُ . وَ " أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا " مِثْلُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=185أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) [ الْأَعْرَافِ : 185 ] وَالثَّانِي : مَوْضِعُهُ نَصْبٌ بِيَتَفَكَّرُوا ، وَالنَّفْيُ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ ، كَمَا لَمْ يَمْنَعْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=48وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ) [ فُصِّلَتْ : 48 ] وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=8بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ ) : يَتَعَلَّقُ بِـ " كَافِرُونَ " وَاللَّامُ لَا تَمْنَعُ ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 304 ] قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=28908أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( 9 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=9وَأَثَارُوا الْأَرْضَ ) : قُرِئَ شَاذًّا بِأَلِفٍ بَعْدَ الْهَمْزَةِ ، وَهُوَ لِلْإِشْبَاعِ لَا غَيْرَ .
( أَكْثَرَ ) : صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَ " مَا " مَصْدَرِيَّةٌ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=28908ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوءَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ( 10 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةُ [ الَّذِينَ أَسَاءُوا ] السُّوأَى ) : يُقْرَأُ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ ، فَمَنْ رَفَعَ جَعَلَهُ اسْمَ كَانَ ، وَفِي الْخَبَرِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : " السُّوأَى " وَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أَنْ كَذَّبُوا " فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ مَفْعُولًا لَهُ ؛ أَيْ لِأَنْ كَذَّبُوا ، أَوْ بِأَنْ كَذَّبُوا ، أَوْ فِي مَوْضِعِ جَرٍّ بِتَقْدِيرِ الْجَارِ عَلَى قَوْلِ
الْخَلِيلِ . وَالثَّانِي : "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أَنْ كَذَّبُوا " أَيْ كَانَ آخِرُ أَمْرِهِمُ التَّكْذِيبَ ، وَ " السُّوأَى " عَلَى هَذَا صِفَةُ مَصْدَرٍ . وَمَنْ نَصَبَ جَعْلَهَا خَبَرَ كَانَ ، وَفِي الِاسْمِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : " السُّوأَى " وَالْآخَرُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=10أَنْ كَذَّبُوا " عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ أَنْ " كَذَّبُوا " بَدَلًا مِنَ السُّوأَى ، أَوْ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ .
وَالسُّوأَى : فُعْلَى ، تَأْنِيثُ الْأَسْوَأِ ؛ وَهِيَ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ ، وَالتَّقْدِيرُ : أَسَاءُوا الْإِسَاءَةَ السُّوأَى ، وَإِنْ جَعَلْتَهَا اسْمًا أَوْ خَبَرًا كَانَ التَّقْدِيرُ : الْفِعْلَةَ السُّوأَى ، أَوِ الْعُقُوبَةَ السُّوأَى .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28908وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ( 12 ) ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=12يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ) : الْجُمْهُورُ عَلَى تَسْمِيَةِ الْفَاعِلِ .
وَقَدْ حُكِيَ شَاذًّا تَرْكُ التَّسْمِيَةِ ؛ وَهَذَا بِعِيدٌ ؛ لِأَنَّ أَبْلَسَ لَمْ يُسْتَعْمَلْ مُتَعَدِّيًا ، وَمَخْرَجُهُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَ الْمَصْدَرَ مَقَامَ الْفَاعِلِ وَحَذَفَهُ ، وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ؛ أَيْ يُبْلِسُ إِبْلَاسَ الْمُجْرِمِينَ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17nindex.php?page=treesubj&link=28908فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ( 17 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17حِينَ تُمْسُونَ ) : الْجُمْهُورُ عَلَى الْإِضَافَةِ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ " سُبْحَانَ " .
وَقُرِئَ مُنَوَّنًا عَلَى أَنْ يُجْعَلَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=17تُمْسُونَ " صِفَةً لَهُ ، وَالْعَائِدُ الْمَحْذُوفُ ؛ أَيْ تُمْسُونَ فِيهِ ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=48وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي ) [ الْبَقَرَةِ : 48 ] .
[ ص: 305 ] قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28908وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ( 18 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=18وَعَشِيًّا ) : هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى " حِينَ " ، " وَلَهُ الْحَمْدُ " : مُعْتَرِضٌ . وَ " فِي السَّمَاوَاتِ " : حَالٌ مِنَ الْحَمْدِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28908وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 24 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=24وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ ) : فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ؛ أَحَدُهَا : أَنَّ (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=31مِنْ آيَاتِهِ ) : حَالٌ مِنَ الْبَرْقِ ؛ أَيْ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ كَائِنًا مِنْ آيَاتِهِ ، إِلَّا أَنَّ حَقَّ الْوَاوِ أَنْ تَدْخُلَ هُنَا عَلَى الْفِعْلِ ، وَلَكِنْ لَمَّا قُدِّمَ الْحَالُ وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعْطُوفِ ؛ أَوْلَاهَا الْوَاوُ ، وَحَسَّنَ ذَلِكَ أَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ فِي حُكْمِ الظَّرْفِ ؛ فَهُوَ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=201آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً . . ) [ الْبَقَرَةِ : 201 ] .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ " أَنْ " مَحْذُوفَةٌ ؛ أَيْ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرِيَكُمْ ، وَإِنْ حُذِفَتْ " أَنْ " فِي مِثْلِ هَذَا جَازَ رَفْعُ الْفِعْلِ . وَالثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ الْمَوْصُوفُ مَحْذُوفًا ؛ أَيْ وَمِنْ آيَاتِهِ آيَةٌ يُرِيكُمْ فِيهَا الْبَرْقَ ؛ فَحُذِفَ الْمَوْصُوفُ وَالْعَائِدُ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : وَمِنْ آيَاتِهِ شَيْءٌ ، أَوْ سَحَابٌ ؛ وَيَكُونَ فَاعِلُ يُرِيكُمْ ضَمِيرَ شَيْءٍ الْمَحْذُوفَ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25nindex.php?page=treesubj&link=28908وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ ( 25 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25مِنَ الْأَرْضِ ) : فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : هُوَ صِفَةٌ لِدَعْوَةٍ . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ ، تَقْدِيرُهُ : خَرَجْتُمْ مِنَ الْأَرْضِ ، وَدَلَّ عَلَى الْمَحْذُوفِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=25إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ " . وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ " مِنْ " بِتَخْرُجُونَ هَذِهِ ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ إِذَا لَا يَعْمَلُ فِيمَا قَبْلَهَا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28908وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ( 27 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=27وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) : أَيِ الْبَعْثُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ فِي ظَنِّكُمْ .
وَقِيلَ : أَهْوَنُ بِمَعْنَى هَيِّنٌ ، كَمَا قَالُوا اللَّهُ أَكْبَرُ ؛ أَيْ كَبِيرٌ .
وَقِيلَ : هُوَ أَهْوَنُ عَلَى الْمَخْلُوقِ ؛ لِأَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ نُقِلَ مِنْ نُطْفَةٍ إِلَى عَلَقَةٍ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، وَفِي الْبَعْثِ يَكْمُلُ دُفْعَةً وَاحِدَةً .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28nindex.php?page=treesubj&link=28908ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ( 28 ) ) .
[ ص: 306 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ) : الْجُمْلَةُ فِي مَوْضِعِ نَصْبِ جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ ؛ أَيْ هَلْ لَكُمْ فَتَسْتَوُوا ) .
وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28تَخَافُونَهُمْ ) : فَفِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ فِي " سَوَاءٌ " ؛ أَيْ فَتَسَاوَوْا خَائِفًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا مُشَارَكَتَهُ لَهُ فِي الْمَالِ ؛ أَيْ إِذَا لَمْ تُشَارِكْكُمْ عَبِيدكُمْ فِي الْمَالِ ، فَكَيْفَ تُشْرِكُونَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ مَنْ هُوَ مَصْنُوعٌ لِلَّهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=28كَخِيفَتِكُمْ ) أَيْ خِيفَةً كَخِيفَتِكُمْ .