الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب وقد خاب من افترى ( 61 ) ) .

قوله تعالى : ( فيسحتكم ) : يقرأ بفتح الياء وضمها ، والماضي سحت وأسحت ، لغتان ، وانتصب على جواب النهي .

قال تعالى : ( قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى ( 63 ) ) .

قوله تعالى : ( إن هذين ) : يقرأ بتشديد إن ، وبالياء في هذين ; وهي علامة النصب .

ويقرأ ( إن ) بالتشديد ، وهذان بالألف ; وفيه أوجه ; أحدها : أنها بمعنى نعم ، وما بعدها مبتدأ وخبر . والثاني : إن فيها ضمير الشأن محذوفا ، وما بعدها مبتدأ وخبر أيضا . وكلا الوجهين ضعيف من أجل اللام التي في الخبر ; وإنما يجيء مثل ذلك في ضرورة الشعر .

وقال الزجاج : التقدير : لهما ساحران ، فحذف المبتدأ .

والثالث : أن الألف هنا علامة التثنية في كل حال . وهي لغة لبني الحارث ; وقيل : لكنانة .

ويقرأ ( إن ) بالتخفيف ، وقيل : هي مخففة من الثقيلة ، وهو ضعيف أيضا .

وقيل : هي بمعنى " ما " واللام بمعنى " إلا " وقد تقدم نظائره .

[ ص: 187 ] قوله تعالى : ( ويذهبا بطريقتكم ) : أي يذهبا طريقكم ; فالباء معدية ، كما أن الهمزة معدية .

قال تعالى : ( فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى ( 64 ) ) .

قوله تعالى : ( فأجمعوا ) : يقرأ بوصل الهمزة وفتح الميم ، وهو من الجمع الذي هو ضد التفريق ، ويدل عليه قوله تعالى : ( فجمع كيده ) [ طه : 60 ] والكيد بمعنى ما يكاد به .

ويقرأ : بقطع الهمزة وكسر الميم ، وهو لغة في جمع ; قاله الأخفش .

وقيل : التقدير : على كيدكم .

و ( صفا ) : حال ; أي مصطفين وقيل : مفعول به ; أي اقصدوا صف أعدائكم .

قال تعالى : ( قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى ( 65 ) ) .

قوله تعالى : ( إما أن تلقي ) : قد ذكر في الأعراف [ الأعراف : 115 ] .

قال تعالى : ( قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى ( 66 ) ) .

قوله تعالى : ( فإذا ) : هي للمفاجأة .

و ( حبالهم ) : مبتدأ ، والخبر إذا ; فعلى هذا " يخيل " حال ، وإن شئت كان " يخيل " الخبر .

و ( يخيل ) - بالياء على أنه مسند إلى السعي ; أي يخيل إليهم سعيها ; ويجوز أن يكون مسندا إلى ضمير الحبال ; وذكر لأن التأنيث غير حقيقي ، أو يكون على تقدير يخيل الملقى . و ( أنها تسعى ) : بدل منه بدل الاشتمال . ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال ; أي تخيل الحبال ذات سعي . ومن قرأ بالتاء ففيه ضمير الحبال ، و " أنها تسعى " بدل منه . وقيل : هو في موضع نصب ; أي يخيل إليهم بأنها ذات سعي . ويقرأ بفتح التاء وكسر الياء ; أي تخيل الحبال إليهم سعيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية