سورة الدهر .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28908هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ( 1 ) ) .
في " هل " وجهان : أحدهما : هي بمعنى " قد " والثاني : هي استفهام على بابها ، والاستفهام هنا للتقرير ، أو التوبيخ .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1لم يكن شيئا ) : حال من الإنسان .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28908إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ( 2 ) ) .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2أمشاج ) : بدل ، أو صفة ، وهو جمع مشيج . وجاز وصف الواحد بالجمع هنا ؛ لأنه كان في الأصل متفرقا ثم جمع ؛ أي نطفة أخلاط .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2نبتليه ) : حال من الإنسان ؛ أو من ضمير الفاعل .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28908إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ( 3 ) ) .
[ ص: 480 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إما شاكرا ) : " إما " هاهنا لتفصيل الأحوال ، وشاكرا ، وكفورا : حالان ؛ أي يناله في كلتا حالتيه .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=28908إنا أعتدنا للكافرين سلاسلا وأغلالا وسعيرا ( 4 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4سلاسل ) : القراءة بترك التنوين ، ونونه قوم أخرجوه على الأصل ، وقرب ذلك عندهم شيئان :
أحدهما : إتباعه ما بعده . والثاني : أنهم وجدوا في الشعر مثل ذلك منونا في الفواصل ، وإن هذا الجمع قد جمع ، كقول الراجز :
قد جرت الطير أيامنينا
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28908إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا ( 6 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5من كأس ) : المفعول محذوف ؛ أي خمرا ، أو ماء من كأس .
وقيل : " من " زائدة . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كان مزاجها ) : نعت لكأس . وأما " عينا " ففي نصبها أوجه ؛ أحدها : هو بدل من موضع من كأس . والثاني : من كافور ؛ أي ماء عين ، أو خمر عين . والثالث : بفعل محذوف ؛ أي أعني . والرابع : تقديره : أعطوا عينا . والخامس :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5يشربون [ ص: 481 ] عينا ؛ وقد فسره ما بعده . قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يشرب بها ) : قيل : الباء زائدة . وقيل : هي بمعنى " من " وقيل : هو حال ؛ أي يشرب ممزوجا بها .
والأولى أن يكون محمولا على المعنى ؛ والمعنى : يلتذ بها .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يفجرونها ) : حال .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28908يوفون بالنذر ويخافون يوما . . . ( 7 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يوفون ) : هو مستأنف ألبتة .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28908وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ( 14 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13متكئين فيها ) : يجوز أن يكون حالا من المفعول في ( جزاهم ) وأن يكون صفة لجنة . وأما ( ودانية ) ففيه أوجه :
أحدها : أن يكون معطوفا على " لا يرون " أو على ( متكئين ) فيكون فيه من الوجوه ما في المعطوف عليه . والثاني : أن يكون صفة لمحذوف ، تقديره : وجنة دانية .
وقرئ : ودانية - بالرفع - على أنه خبر ، والمبتدأ : " ظلالها " .
وحكي بالجر ؛ أي في جنة دانية ؛ وهو ضعيف ؛ لأنه عطف على المجرور من غير إعادة الجار . وأما " ظلالها " فمبتدأ ، و " عليهم " الخبر ، على قول من نصب دانية أو جره ؛ لأن دنا يتعدى بإلى ؛ ويجوز أن يرتفع بدانية ؛ لأن دنا وأشرف بمعنى .
وأما (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وذللت ) فيجوز أن يكون حالا ؛ أي وقد ذللت ، وأن يكون مستأنفا .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28908ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قواريرا من فضة قدروها تقديرا ( 16 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15قواريرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قواريرا ) : يقرآن بالتنوين وبغير التنوين . وقد ذكر ، والأكثرون يقفون على الأول بالألف ؛ لأنه رأس آية .
[ ص: 482 ] وفي نصبه وجهان : أحدهما : هو خبر كان . والثاني : حال ؛ و " كان " تامة : أي كونت ، وحسن التكرير لما اتصل به من بيان أصلها ، ولولا التكرير لم يحسن أن يكون الأول رأس آية لشدة اتصال الصفة بالموصوف . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قدروها ) : يجوز أن يكون نعتا لقوارير ، وأن يكون مستأنفا .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28908عينا فيها تسمى سلسبيلا ( 18 ) ) .
و ( عينا ) : فيها من الوجوه ما تقدم في الأولى .
و ( السلسبيل ) : كلمة واحدة ، ووزنها فعلليل مثل دردبيس .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=28908عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق . . . ( 21 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عاليهم ) : فيه قولان ؛ أحدهما : هو فاعل ، وانتصب على الحال من المجرور في " عليهم " .
و (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21ثياب سندس ) : مرفوع به ؛ أي يطوف عليهم في حال علو السندس ؛ ولم يؤنث " عاليا " لأن تأنيث الثياب غير حقيقي . والقول الثاني : هو ظرف ؛ لأن عاليهم : جلودهم ، وفي هذا القول ضعف .
ويقرأ بسكون الياء ؛ إما على تخفيف المفتوح المنقوص ، أو على الابتداء والخبر .
ويقرأ " عاليتهم " - بالتاء ؛ وهو ظاهر . و ( خضر ) - بالجر : صفة لسندس ، وبالرفع لثياب .
( وإستبرق ) - بالجر عطفا على سندس ، وبالرفع على ثياب .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28908فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا ( 24 ) ) .
[ ص: 483 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24أو كفورا ) : " أو " هنا على بابها عند سيبويه ، وتفيد في النهي المنع من الجميع ؛ لأنك إذا قلت في الإباحة جالس الحسن أو ابن سيرين ؛ كان التقدير : جالس أحدهما ؛ فإذا نهى قال : لا تكلم زيدا أو عمرا ؛ فالتقدير : لا تكلم أحدهما ، فأيهما كلمه كان أحدهما ، فيكون ممنوعا منه ؛ فكذلك في الآية ، ويؤول المنع إلى تقدير : فلا تطع منهما آثما ولا كفورا .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28908وما تشاءون إلا أن يشاء الله . . . ( 30 ) ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30إلا أن يشاء الله ) : أي إلا وقت مشيئة الله ، أو إلا في حال مشيئة الله عز وجل .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=28908يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما ( 31 ) ) .
و ( الظالمين ) : منصوب بفعل محذوف ، تقديره : ويعذب الظالمين ، وفسره الفعل المذكور ؛ وكان النصب أحسن ؛ لأن المعطوف عليه قد عمل فيه الفعل . وقرئ بالرفع على الابتداء . والله أعلم .
سُورَةُ الدَّهْرِ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28908هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ( 1 ) ) .
فِي " هَلْ " وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هِيَ بِمَعْنَى " قَدْ " وَالثَّانِي : هِيَ اسْتِفْهَامٌ عَلَى بَابِهَا ، وَالِاسْتِفْهَامُ هُنَا لِلتَّقْرِيرِ ، أَوِ التَّوْبِيخِ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=1لَمْ يَكُنْ شَيْئًا ) : حَالٌ مِنَ الْإِنْسَانِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2nindex.php?page=treesubj&link=28908إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ( 2 ) ) .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2أَمْشَاجٍ ) : بَدَلٌ ، أَوْ صِفَةٌ ، وَهُوَ جَمْعُ مَشِيجٍ . وَجَازَ وَصْفُ الْوَاحِدِ بِالْجَمْعِ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ مُتَفَرِّقًا ثُمَّ جُمِعَ ؛ أَيْ نُطْفَةٌ أَخْلَاطٌ .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=2نَبْتَلِيهِ ) : حَالٌ مِنَ الْإِنْسَانِ ؛ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ الْفَاعِلِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28908إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ( 3 ) ) .
[ ص: 480 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=3إِمَّا شَاكِرًا ) : " إِمَّا " هَاهُنَا لِتَفْصِيلِ الْأَحْوَالِ ، وَشَاكِرًا ، وَكَفُورًا : حَالَانِ ؛ أَيْ يَنَالُهُ فِي كِلْتَا حَالَتَيْهِ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=28908إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ( 4 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=4سَلَاسِلَ ) : الْقِرَاءَةُ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ ، وَنَوَّنَهُ قَوْمٌ أَخْرَجُوهُ عَلَى الْأَصْلِ ، وَقَرَّبَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ شَيْئَانِ :
أَحَدُهُمَا : إِتْبَاعُهُ مَا بَعْدَهُ . وَالثَّانِي : أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي الشِّعْرِ مِثْلَ ذَلِكَ مُنَوَّنًا فِي الْفَوَاصِلِ ، وَإِنَّ هَذَا الْجَمْعَ قَدْ جُمِعَ ، كَقَوْلِ الرَّاجِزِ :
قَدْ جَرَتِ الطَّيْرُ أَيَامِنِينَا
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=28908إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ( 5 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا ( 6 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5مِنْ كَأْسٍ ) : الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ ؛ أَيْ خَمْرًا ، أَوْ مَاءً مِنْ كأسٍ .
وَقِيلَ : " مِنْ " زَائِدَةٌ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كَانَ مِزَاجُهَا ) : نَعْتٌ لِكَأْسٍ . وَأَمَّا " عَيْنًا " فَفِي نَصْبِهَا أَوْجُهٌ ؛ أَحَدُهَا : هُوَ بَدَلٌ مِنْ مَوْضِعِ مِنْ كَأْسٍ . وَالثَّانِي : مِنْ كَافُورٍ ؛ أَيْ مَاءَ عَيْنٍ ، أَوْ خَمْرَ عَيْنٍ . وَالثَّالِثُ : بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ ؛ أَيْ أَعْنِي . وَالرَّابِعُ : تَقْدِيرُهُ : أُعْطُوا عَيْنًا . وَالْخَامِسُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5يَشْرَبُونَ [ ص: 481 ] عَيْنًا ؛ وَقَدْ فَسَّرَهُ مَا بَعْدَهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يَشْرَبُ بِهَا ) : قِيلَ : الْبَاءُ زَائِدَةٌ . وَقِيلَ : هِيَ بِمَعْنَى " مِنْ " وَقِيلَ : هُوَ حَالٌ ؛ أَيْ يَشْرَبُ مَمْزُوجًا بِهَا .
وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَحْمُولًا عَلَى الْمَعْنَى ؛ وَالْمَعْنَى : يَلْتَذُّ بِهَا .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=6يُفَجِّرُونَهَا ) : حَالٌ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28908يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا . . . ( 7 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=7يُوفُونَ ) : هُوَ مُسْتَأْنَفٌ أَلْبَتَّةَ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=28908وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ( 12 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا ( 13 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ( 14 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=13مُتَّكِئِينَ فِيهَا ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمَفْعُولِ فِي ( جَزَاهُمْ ) وَأَنْ يَكُونَ صِفَةً لَجَنَّةً . وَأَمَّا ( وَدَانِيَةً ) فَفِيهِ أَوْجُهٌ :
أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى " لَا يَرَوْنَ " أَوْ عَلَى ( مُتَّكِئِينَ ) فَيَكُونُ فِيهِ مِنَ الْوُجُوهِ مَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ ، تَقْدِيرُهُ : وَجَنَّةً دَانِيَةً .
وَقُرِئَ : وَدَانِيَةٌ - بِالرَّفْعِ - عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ ، وَالْمُبْتَدَأُ : " ظِلَالُهَا " .
وَحُكِيَ بِالْجَرِّ ؛ أَيْ فِي جَنَّةٍ دَانِيَةٍ ؛ وَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ عُطِفَ عَلَى الْمَجْرُورِ مِنْ غَيْرِ إِعَادَةِ الْجَارِّ . وَأَمَّا " ظِلَالُهَا " فَمُبْتَدَأٌ ، وَ " عَلَيْهِمْ " الْخَبَرُ ، عَلَى قَوْلِ مَنْ نَصَبَ دَانِيَةً أَوْ جَرَّهُ ؛ لِأَنَّ دَنَا يَتَعَدَّى بِإِلَى ؛ وَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ بِدَانِيَةً ؛ لِأَنَّ دَنَا وَأَشْرَفَ بِمَعْنًى .
وَأَمَّا (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَذُلِّلَتْ ) فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا ؛ أَيْ وَقَدْ ذُلِّلَتْ ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=28908وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا ( 15 )
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ( 16 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15قَوَارِيرَا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَوَارِيرَا ) : يُقْرَآنِ بِالتَّنْوِينِ وَبِغَيْرِ التَّنْوِينِ . وَقَدْ ذُكِرَ ، وَالْأَكْثَرُونَ يَقِفُونَ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْأَلْفِ ؛ لِأَنَّهُ رَأْسُ آيَةٍ .
[ ص: 482 ] وَفِي نَصْبِهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ خَبَرُ كَانَ . وَالثَّانِي : حَالٌ ؛ وَ " كَانَ " تَامَّةٌ : أَيْ كُوِّنَتْ ، وَحَسُنَ التَّكْرِيرُ لِمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ بَيَانِ أَصْلِهَا ، وَلَوْلَا التَّكْرِيرُ لَمْ يَحْسُنْ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ رَأْسَ آيَةٍ لِشِدَّةِ اتِّصَالِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَدَّرُوهَا ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَعْتًا لِقَوَارِيرَ ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=18nindex.php?page=treesubj&link=28908عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا ( 18 ) ) .
وَ ( عَيْنًا ) : فِيهَا مِنَ الْوُجُوهِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُولَى .
وَ ( السَّلْسَبِيلُ ) : كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَوَزْنُهَا فَعْلَلِيلُ مِثْلُ دَرْدَبِيسُ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21nindex.php?page=treesubj&link=28908عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ . . . ( 21 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عَالِيَهُمْ ) : فِيهِ قَوْلَانِ ؛ أَحَدُهُمَا : هُوَ فَاعِلٌ ، وَانْتَصَبَ عَلَى الْحَالِ مِنَ الْمَجْرُورِ فِي " عَلَيْهِمْ " .
وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21ثِيَابُ سُنْدُسٍ ) : مَرْفُوعٌ بِهِ ؛ أَيْ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ عُلُوِّ السُّنْدُسِ ؛ وَلَمْ يُؤَنَّثْ " عَالِيًا " لِأَنَّ تَأْنِيثَ الثِّيَابِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : هُوَ ظَرْفٌ ؛ لِأَنَّ عَالِيَهُمْ : جُلُودُهُمْ ، وَفِي هَذَا الْقَوْلِ ضَعْفٌ .
وَيُقْرَأُ بِسُكُونِ الْيَاءِ ؛ إِمَّا عَلَى تَخْفِيفِ الْمَفْتُوحِ الْمَنْقُوصِ ، أَوْ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ .
وَيُقْرَأُ " عَالِيَتُهُمْ " - بِالتَّاءِ ؛ وَهُوَ ظَاهِرٌ . وَ ( خُضْرٌ ) - بِالْجَرِّ : صِفَةٌ لِسُنْدُسٍ ، وَبِالرَّفْعِ لِثِيَابُ .
( وَإِسْتَبْرَقٌ ) - بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى سُنْدُسٍ ، وَبِالرَّفْعِ عَلَى ثِيَابُ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=28908فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ( 24 ) ) .
[ ص: 483 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24أَوْ كَفُورًا ) : " أَوْ " هُنَا عَلَى بَابِهَا عِنْدَ سِيبَوَيْهِ ، وَتُفِيدُ فِي النَّهْيِ الْمَنْعُ مِنَ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّكَ إِذَا قُلْتَ فِي الْإِبَاحَةِ جَالِسِ الْحَسَنَ أَوِ ابْنَ سِيرِينَ ؛ كَانَ التَّقْدِيرُ : جَالِسْ أَحَدَهُمَا ؛ فَإِذَا نَهَى قَالَ : لَا تُكَلِّمْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا ؛ فَالتَّقْدِيرُ : لَا تُكَلِّمْ أَحَدَهُمَا ، فَأَيَّهُمَا كَلَّمَهُ كَانَ أَحَدَهُمَا ، فَيَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْهُ ؛ فَكَذَلِكَ فِي الْآيَةِ ، وَيَؤُولُ الْمَنْعُ إِلَى تَقْدِيرِ : فَلَا تُطِعْ مِنْهُمَا آثِمًا وَلَا كَفُورًا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28908وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ . . . ( 30 ) ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) : أَيْ إِلَّا وَقْتَ مَشِيئَةِ اللَّهِ ، أَوْ إِلَّا فِي حَالِ مَشِيئَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=28908يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ( 31 ) ) .
وَ ( الظَّالِمِينَ ) : مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ ، تَقْدِيرُهُ : وَيُعَذِّبُ الظَّالِمِينَ ، وَفَسَّرَهُ الْفِعْلُ الْمَذْكُورُ ؛ وَكَانَ النَّصْبُ أَحْسَنَ ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ قَدْ عَمِلَ فِيهِ الْفِعْلُ . وَقُرِئَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .