الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه أنه قال سألت أبا سعيد الخدري عن الإزار فقال أنا أخبرك بعلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين ما أسفل من ذلك ففي النار ما أسفل من ذلك ففي النار لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1699 1649 - ( مالك عن العلاء بن عبد الرحمن ) الجهني ( عن أبيه ) عبد الرحمن بن يعقوب [ ص: 432 ] مولى الحرقة ( أنه قال : سألت أبا سعيد ) سعد بن مالك بن سنان ( الخدري ) الصحابي ابن الصحابي ( عن الإزار قال : أنا أخبرك بعلم ) أي : نص لا اجتهاد ، وفي رواية " على الخبير سقطت " ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إزرة ) بكسر الهمزة ، الحالة وهيئة الائتزار كما في النهاية ، يعني الحالة المرضية من ( المؤمن ) الحسنة في نظر الشرع أن يكون إزاره ( إلى أنصاف ساقيه ) فقط ، وجمع أنصاف كراهة توالي تثنيتين كقوله : مثل رءوس الكبشين ، وذلك علامة التواضع والاقتداء بالمصطفى .

                                                                                                          ففي الترمذي عن سلمة : " كان عثمان يأتزر إلى أنصاف ساقيه ، وقال : كانت إزرة صاحبي ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم . وفي النسائي والترمذي عن عبيد المحاربي أنه صلى الله عليه وسلم قال له : " ارفع إزارك أما لك في أسوة ؟ قال : فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه " ولكن ( لا جناح ) لا حرج ( عليه فيما بينه وبين الكعبين ) فيجوز إسباله إلى الكعبين والأول مستحب فله حالتان ( ما أسفل ) قال الحافظ : " ما " موصول وبعض صلته محذوف ، وهو " كان " ، و " أسفل " خبره ، فهو منصوب ويجوز الرفع ، أي : ما هو أسفل ، أفعل تفضيل ، ويحتمل أنه فعل ماض ، ويجوز أن " ما " نكرة موصوفة بأسفل ( من ذلك ) أي الكعبين ، زاد في حديث أبي هريرة من الإزار ( ففي النار ) دخلت الفاء في الخبر بتضمين " ما " معنى الشرط ، أي : ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل فهو في النار ( ما أسفل من ذلك ففي النار ) أعادها للتأكيد .

                                                                                                          وفي رواية أنه قالها ثلاث مرات ، قال الخطابي : يريد أن الموضع الذي يناله الإزار من أسفل الكعبين في النار فكنى بالثوب عن بدن لابسه ، ومعناه أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب في النار عقوبة له ، وحاصله أنه من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حل فيه ، وتكون " من " بيانية ، ويحتمل أن تكون سببية ، والمراد الشخص نفسه ، أو المعنى ما أسفل من الكعبين الذي يسامت الإزار في النار ، أو التقدير لابس ما أسفل . . . إلخ .

                                                                                                          أو تقدير أن فعل ذلك محسوب في أفعال أهل النار ، أو فيه تقديم وتأخير ، أي ما أسفل من الإزار من الكعبين في النار ، وكل هذا استبعاد ممن قاله لوقوع الإزار حقيقة في النار ، وأصله ما رواه عبد الرزاق أن نافعا سئل عن ذلك فقال : وما ذنب الثياب بل هو من القدمين .

                                                                                                          لكن في الطبراني عن ابن عمر قال : " رآني النبي صلى الله عليه وسلم أسبلت إزاري فقال : يا ابن عمر كل شيء لمس الأرض من الثياب في النار " وعنده أيضا بسند حسن عن ابن مسعود أنه رأى أعرابيا يصلي قد أسبل ، فقال : المسبل في الصلاة ليس من الله من حل ولا حرام ، ومثل هذا لا يقال من [ ص: 433 ] قبل الرأي ، فعلى هذا لا مانع من حمل الحديث على ظاهره فيكون من وادي : إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم [ سورة الأنبياء : الآية 98 ] أو يكون من الوعيد لما وقعت به المعصية ، إشارة إلى أن الذي يتعاطى المعصية أحق بذلك ا هـ .

                                                                                                          ( لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا ) بفتح الطاء مصدر وكسرها ، حال من فاعل " جر " روايتان كما مر ، وهذا الحديث رواه أصحاب السنن من طريق مالك وغيره به ، وأخرجوه أيضا بنحوه من حديث أبي هريرة وأبي سعيد وابن عمر ، وإسناده صحيح ، وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ما أسفل من الكعبين من الإزار في النار " .




                                                                                                          الخدمات العلمية