الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 155 ] قال : ( ويستحلف اليهودي بالله الذي أنزل التوراة على موسى عليه السلام والنصراني بالله الذي أنزل الإنجيل على عيسى عليه السلام ) لقوله صلى الله عليه وسلم لابن صوريا الأعور : " { أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا }" ولأن اليهودي يعتقد نبوة موسى والنصراني نبوة عيسى عليهما السلام ، فيغلظ على كل واحد منهما بذكر المنزل على نبيه ( و ) يستحلف ( المجوسي بالله الذي خلق النار ) وهكذا ذكر محمد في الأصل . [ ص: 156 ] ويروى عن أبي حنيفة رحمه الله في النوادر لأنه لا يستحلف أحد إلا بالله خالصا ، وذكر الخصاف رحمه الله أنه لا يستحلف غير اليهودي والنصراني إلا بالله ، وهو إخبار بعض مشايخنا رحمهم اللهلأن في ذكر النار مع اسم الله تعالى تعظيمها وما ينبغي أن تعظم بخلاف الكتابين لأن كتب الله معظمة ( والوثني لا يحلف إلا بالله ) لأن الكفرة بأسرهم يعتقدون الله تعالى ، قال الله تعالى . { ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله }.

                                                                                                        قال : ( ولا يحلفون في بيوت عبادتهم ) لأن القاضي لا يحضرها بل هو ممنوع عن ذلك .

                                                                                                        [ ص: 155 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 155 ] الحديث الثالث : قال عليه السلام لابن صوريا الأعور : " { أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أن حكم الزنا في كتابكم هذا }" ؟ قلت : أخرجه مسلم في " الحدود " عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب ، قال : { مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودي محمم ، فدعاهم ، فقال : هكذا تجدون حد الزاني ؟ قالوا : نعم فدعا رجلا من علمائهم ، فقال له : نشدتك بالله الذي أنزل التوراة على موسى ، أن هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ فقال : اللهم لا ، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك بحد ، حد الزاني في كتابنا الرجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الرجل الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد ، فقلنا : تعالوا نجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع ، فاجتمعنا على التحميم والجلد ، وتركنا الرجم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ، فأمر به ، فرجم }انتهى . قال الشراح : وهذا الرجل هو عبد الله بن صوريا ، وكان أعلم من بقي منهم بالتوراة ، وقد صرح باسمه في " سنن أبي داود " عن سعيد عن قتادة عن عكرمة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يعني لابن صوريا : أذكركم بالله الذي نجاكم من آل فرعون ، وأقطعكم البحر ، وظلل عليكم الغمام ، وأنزل عليكم المن والسلوى ، وأنزل التوراة على موسى ، أتجدون في كتابكم الرجم ؟ قال : ذكرتني بعظيم ، ولا يسعني أن أكذبك } ، وساق الحديث ، انتهى .

                                                                                                        وهو مرسل ، وجعله شيخنا علاء الدين مسندا من رواية ابن عباس ، مقلدا لغيره في ذلك ، وهو وهم ، ولم يخرجه أبو داود إلا مرسلا ، هكذا ذكره في " كتاب الأقضية " .

                                                                                                        أحاديث الباب : أخرج أبو داود عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله ، [ ص: 156 ] قال : { جاءت اليهود برجل وامرأة منهم زنيا ، فقال : ائتوني بأعلم رجلين منكم ، فأتوه بابني صوريا ، فنشدهما كيف تجدان أمر هذين في التوراة ؟ قالا : نجد فيها } ، إلى آخره . وقد تقدم في " الشهادات " ، قال المنذري في " مختصره " : وقوله : بابني صوريا ، لعله أراد عبد الله بن صوريا بضم الصاد ، وفتح الراء وقيل : بكسرها ، وكنانة بن صوريا [ ص: 157 ] بضم الصاد ، وكسر الراء ، والمد فيكون قد ثناهما على لفظ أحدهما : أو يكون عبد الله أيضا يقال فيه : ابن صوريا انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود أيضا عن عبد الرزاق ، أخبرنا معمر عن الزهري حدثنا رجل من مزينة ، ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ، قال : { قال النبي صلى الله عليه وسلم يعني لليهود : أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدون في التوراة على من زنى ؟ } ، انتهى وفيه انقطاع .

                                                                                                        { حديث آخر } : رواه الطبراني في " معجمه " حدثنا بكر بن سهل ثنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة { عن ابن عباس في قوله تعالى: { إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا } ، قال : هم اليهود زنت منهم امرأة ، وقد كان الله تعالى حكم في التوراة في الزنا الرجم ، فنفسوا أن يرجموها ، وقالوا : انطلقوا إلى محمد ، فعسى أن يكون عنده رخصة ، فاقبلوها ، فأتوه ، فقالوا : يا أبا القاسم إن امرأة منا زنت ، فما تقول فيها ؟ فقال عليه السلام : كيف حكم الله في التوراة في الزاني ؟ فقالوا : دعنا من التوراة ، فما عندك في ذلك ؟ فقال : ائتوني بأعلمكم بالتوراة التي أنزلت على [ ص: 158 ] موسى صلى الله عليه وسلم فأتوه ، فقال لهم : بالذي نجاكم ، من آل فرعون ، وبالذي فلق البحر فأنجاكم ، وأغرق آل فرعون ، ألا أخبرتموني ما حكم الله في التوراة في الزاني ؟ فقالوا : حكم الله الرجم ، }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية