الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ولو قال : خاط فلان ثوبي هذا بنصف درهم ثم قبضته ، وقال فلان : الثوب ثوبي فهو على ) ( هذا الخلاف في الصحيح ) وجه القياس ما بيناه في الوديعة . [ ص: 200 ] وجه الاستحسان وهو الفرق : أن اليد في الإجارة والإعارة ضرورية تثبت ضرورة استيفاء المعقود عليه ، وهو المنافع فيكون عدما فيما وراء الضرورة ، فلا يكون إقرارا له باليد مطلقا بخلاف الوديعة لأن اليد فيها مقصودة والإيداع إثبات اليد قصدا فيكون الإقرار به اعترافا باليد للمودع .

                                                                                                        ووجه آخر : أن في الإجارة والإعارة والإسكان أقر بيد ثابتة من جهة فيكون القول قوله في كيفيته ، ولا كذلك في مسألة الوديعة لأنه قال فيها كانت وديعة وقد تكون من غير صنعه حتى لو قال : أودعتها كان على هذا الخلاف ، وليس مدار الفرق على ذكر الأخذ في طرف الوديعة وعدمه في الطرف الآخر وهو الإجارة وأختاها لأنه ذكر الأخذ في وضع الطرف الآخر وهو الإجارة في كتاب الإقرار أيضا ، وهذا بخلاف ما إذا قال : اقتضيت من فلان ألف درهم كانت لي عليه ، أو أقرضته ألفا ثم أخذتها منه ، وأنكر المقر له حيث يكون القول قوله لأن الديون تقضى بأمثالها ، وذلك إنما يكون بقبض مضمون ، فإذا أقر بالاقتضاء فقد أقر بسبب الضمان ، ثم ادعى تملكه عليه بما يدعيه عليه من الدين مقاصة والآخر ينكره . أما هاهنا المقبوض عين ما ادعى فيه الإجارة وما أشبهها فافترقا ، ولو أقر أن فلانا زرع هذه الأرض أو بنى هذه الدار أو غرس هذا الكرم ، وذلك كله في يد المقر فادعاها فلان وقال المقر : لا بل ذلك كله لي استعنت بك ففعلت أو فعلته بأجر ، فالقول للمقر لأنه ما أقر له باليد ، وإنما أقر بمجرد فعل منه ، وقد يكون ذلك في ملك في يد المقر ، وصار كما إذا قال : خاط لي الخياط قميصي هذا بنصف درهم ، ولم يقل قبضته منه لم يكن إقرارا باليد ويكون القول للمقر لأنه أقر بفعل منه وقد يخيط ثوبا في يد المقر كذا هذا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية