قال : ( وإن أكره على الكفر بالله تعالى والعياذ بالله أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيد أو حبس أو ضرب لم يكن ذلك إكراها حتى يكره بأمر يخاف منه على نفسه أو على عضو من أعضائه ) ; لأن الإكراه بهذه الأشياء ليس بإكراه في شرب الخمر لما مر ، ففي الكفر وحرمته أشد وأولى وأحرى .
قال : ( وإذا خاف على ذلك وسعه أن يظهر ما أمروه به ويوري ، فإن أظهر ذلك وقلبه مطمئن بالإيمان فلا إثم عليه ) لحديث عمار بن ياسر رضي الله عنه حين ابتلي به وقد { قال له النبي عليه الصلاة والسلام : كيف وجدت قلبك ؟ قال : مطمئنا بالإيمان . فقال عليه الصلاة والسلام فإن عادوا فعد }وفيه نزل قوله تعالى: { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان }الآية ; ولأن بهذا الإظهار لا يفوت الإيمان حقيقة لقيام التصديق وفي الامتناع فوت النفس حقيقة فيسعه الميل إليه . [ ص: 365 ] قال : ( فإن صبر حتى قتل ولم يظهر الكفر كان مأجورا ) ; لأن خبيبا رضي الله عنه صبر على ذلك حتى صلب وسماه رسول الله عليه الصلاة والسلام سيد الشهداء . وقال في مثله : { هو رفيقي في الجنة }; ولأن الحرمة باقية والامتناع لإعزاز الدين عزيمة بخلاف ما تقدم للاستثناء . .
[ ص: 362 - 364 ]


