الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( فإن باعه المولى وعليه دين يحيط برقبته وقبضه المشتري وغيبه فإن شاء الغرماء ضمنوا البائع قيمته ، وإن شاءوا ضمنوا المشتري ) ; لأن العبد تعلق [ ص: 395 ] به حقهم حتى كان لهم أن يبيعوه إلا أن يقضي المولى دينهم ، والبائع متلف حقهم بالبيع والتسليم والمشتري بالقبض والتغيب ، فيخيرون في التضمين ( وإن شاءوا أجازوا البيع وأخذوا الثمن ) ; لأن الحق لهم والإجازة اللاحقة كالإذن السابق كما في المرهون ( فإن ضمنوا البائع قيمته ، ثم رد على المولى بعيب ، فللمولى أن يرجع بالقيمة ، ويكون حق الغرماء في العبد ) ; لأن سبب الضمان قد زال وهو البيع والتسليم ، وصار كالغاصب إذا باع وسلم ، وضمن القيمة ثم رد عليه بالعيب كان له أن يرد على المالك ويسترد القيمة كذا هذا .

                                                                                                        قال : ( ولو كان المولى باعه من رجل وأعلمه بالدين فللغرماء أن يردوا البيع ) لتعلق حقهم وهو حق الاستسعاء والاستيفاء من رقبته ، وفي كل واحد منهما فائدة ، فالأول تام مؤخر والثاني ناقص معجل ، وبالبيع تفوت هذه الخيرة ، فلهذا كان لهم أن يردوه ، قالوا : تأويله إذا لم يصل إليهم الثمن ، فإن وصل ولا محاباة في البيع ليس لهم أن يردوه لوصول حقهم إليهم .

                                                                                                        قال : ( فإن كان البائع غائبا فلا خصومة بينهم وبين المشتري ) معناه : إذا أنكر الدين وهذا ( عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ، وقال أبو يوسف رحمه الله : المشتري خصمهم ويقضي لهم بدينهم ) وعلى هذا الخلاف إذا اشترى دارا ووهبها وسلم ها ، وغاب ثم حضر الشفيع ، فالموهوب له ليس بخصم عندهما خلافا له ، وعنهما مثل قوله في مسألة الشفعة ، لأبي يوسف رحمه الله : أنه يدعي الملك لنفسه فيكون خصما لكل من ينازعه ، ولهما : أن الدعوى تتضمن فسخ العقد وقد قام بهما فيكون الفسخ قضاء على الغائب . .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية