باب طلب الشفعة والخصومة فيها
قال : ( وإذا علم الشفيع بالبيع أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة ) .
اعلم أن : طلب المواثبة ، وهو أن يطلبها كما علم حتى لو الطلب على ثلاثة أوجه بطلت الشفعة لما ذكرنا ولقوله عليه الصلاة والسلام : { بلغ الشفيع البيع ، ولم يطلب شفعة }ولو أخبر بكتاب والشفعة في أوله أو في وسطه فقرأ الكتاب إلى آخره بطلت شفعته ، وعلى هذا عامة المشايخ رحمهم الله [ ص: 427 ] وهو رواية عن الشفعة لمن واثبها ، وعنه أن له مجلس العلم ، والروايتان في النوادر ، وبالثانية أخذ محمد ; لأنه لما ثبت له خيار التملك لا بد له من زمان التأمل كما في المخيرة ، ولو قال بعدما بلغه البيع : الحمد لله أو لا حول ولا قوة إلا بالله أو قال : سبحان الله لا تبطل شفعته ; لأن الأول حمد على الخلاص من جواره . الكرخي
والثاني : تعجب منه لقصد إضراره . والثالث : لافتتاح كلامه فلا يدل شيء منه على الإعراض ، وكذا إذا قال : من ابتاعها وبكم بيعت ; لأنه يرغب فيها بثمن دون ثمن ويرغب عن مجاورة بعض دون بعض ، والمراد بقوله في الكتاب : أشهد في مجلسه ذلك على المطالبة ، طلب المواثبة والإشهاد فيه ليس بلازم إنما هو لنفي التجاحد ، والتقييد بالمجلس إشارة إلى ما اختاره رحمه الله ، ويصح الطلب بكل لفظ يفهم منه طلب الشفعة ، كما لو قال طلبت الشفعة أو أطلبها أو أنا طالبها ; لأن الاعتبار للمعنى ، وإذا الكرخي لم يجب عليه الإشهاد ، حتى يخبره رجلان أو رجل وامرأتان أو واحد عدل عند بلغ الشفيع بيع الدار رحمه الله ، وقالا : يجب عليه أن يشهد إذا أخبره واحد حرا كان أو عبدا صبيا كان أو امرأة إذا كان الخبر حقا ، وأصل الاختلاف في عزل الوكيل ، [ ص: 428 ] وقد ذكرناه بدلائله وأخواته فيما تقدم ، وهذا بخلاف المخيرة إذا أخبرت عنده ; لأنه ليس فيه إلزام حكم ، وبخلاف ما إذا أخبره المشتري ; لأنه خصم فيه ، والعدالة غير معتبرة في الخصوم ، والثاني طلب التقرير والإشهاد ; لأنه محتاج إليه لإثباته عند القاضي على ما ذكرنا ، ولا يمكنه الإشهاد ظاهرا على طلب المواثبة ; لأنه على فور العلم بالشراء ، فيحتاج بعد ذلك إلى طلب الإشهاد والتقرير ، وبيانه ما قال في الكتاب ( ثم ينهض منه ) يعني من المجلس ( ويشهد على البائع إن كان المبيع في يده ) معناه لم يسلم إلى المشتري ( أو على المبتاع أو عند العقار ، فإذا فعل ذلك استقرت شفعته ) وهذا ; لأن كل واحد منهما خصم فيه ; لأن للأول اليد وللثاني الملك ، وكذا يصح الإشهاد عند المبيع ; لأن الحق متعلق به ، فإن سلم البائع المبيع لم يصح الإشهاد عليه لخروجه من أن يكون خصما إذ لا يد له ولا ملك فصار كالأجنبي أبي حنيفة
وصورة هذا الطلب : أن يقول : إن فلانا اشترى هذه الدار ، وأنا شفيعها وقد كنت طلبت الشفعة وأطلبها الآن فاشهدوا على ذلك .
وعن : أنه يشترط تسمية المبيع وتحديده ; لأن المطالبة لا تصح إلا في معلوم ، والثالث طلب الخصومة والتملك ، وسنذكر كيفيته من بعد إن شاء الله تعالى . أبي يوسف
[ ص: 425 - 426 ]