الثامنة : كما أن الأعيان أجناس مختلفة الأسماء والصفات ، كذلك الأفعال أجناس مختلفة ، ولا يتناول بعضها بعضا ، فالشرب ليس بأكل ، وكذا العكس ، فإذا حلف : لا يأكل ، فشرب ماء أو غيره  ، أو حلف : لا يشرب ، فأكل طعاما  ، لا يحنث . واللبن والخل وباقي المائعات إذا حلف لا يأكلها ، فأكلها بخبز ، حنث ، أو شربها لم يحنث . وإن حلف :   [ ص: 42 ] لا يشربها ، فالحكم بالعكس . ولو حلف : لا يأكل سويقا ، فاستفه ، أو تناوله بملعقة أو بإصبع مبلولة ، حنث . ولو ماثه في الماء وشربه ، لم يحنث . ولو حلف : لا يشرب السويق ، فالحكم بالعكس . ولو كان السويق خاثرا ، بحيث يؤخذ بالملاعق ، فتحساه ، ففيه خلاف ، والأصح أنه ليس بشرب . ولو قال : لا أطعم أو لا أتناول ، دخل في اليمين الأكل والشرب جميعا . 
فرع 
حلف : لا يأكل السكر  ، حنث بنفس السكر ، دون ما يتخذ منه ، إلا إذا نوى . وكذا الحكم في التمر والعسل . ثم إن ابتلع السكر بلا مضغ ، فقد أكله ، كما لو أكل الخبز على هيئته ، وإن مضغه وازدرده ممضوغا ، حنث أيضا ، وإن وضعه في فمه فذاب ونزل ، لم يحنث على الأصح ، وبه قطع  المتولي  والبغوي  ، كما أنه لا يسمى أكلا للسكر . 
فرع 
حلف : لا يأكل العنب والرمان  ، لم يحنث بأكل عصيرهما وشربه . ولو امتصهما ، ورمى الثفل ، لم يحنث أيضا ، لأنه ليس آكلا . 
حلف : لا يأكل السمن ، فأكله وهو جامد وحده  ، حنث ، وإن شربه ذائبا ، لم يحنث على الصحيح ، وإن أكله بخبز وهو جامد أو ذائب  ، حنث على الصحيح ، وخالف فيه  الاصطخري     . وإن جعله في عصيدة أو سويق ، فالنص أنه يحنث ونص أنه لو حلف : لا يأكل خلا ، فأكله سكباجا  ، لا يحنث ، فقال الجمهور : ليس ذلك باختلاف ،   [ ص: 43 ] بل إن كان السمن ظاهرا في العصيدة والسويق يرى جرمه ، حنث وهذا مراده بنص السمن ، وكذا حكم الخل إذا كان ظاهرا بلونه ، وطعمه ، بأن أكل مرقة وهي حامضة وإن كان السمن أو الخل مستهلكا ، لم يحنث . وهذا مراده بنص الخل . وصوروا ذلك فيما إذا أكل لحم السكباج أو ما فيه من سلق وغيره ، ومنهم من أطلق وجهين أو قولين فيهما . 
فرع 
حلف : لا يأكل أو لا يشرب ، لا يحنث بمجرد الذوق ، ولو حلف : لا يذوق ، فأكل أو شرب  ، حنث على الصحيح ، لتضمنهما الذوق . وإن أدرك طعم الشيء بالمضغ والإمساك في الفم ، ثم مجه ولم ينزل إلى حلقه ، فوجهان . أحدهما : لا يحنث ، كما لا يفطر . وأصحهما : يحنث ، لأن الذوق إدراك الطعم . ولو حلف : لا يأكل ولا يشرب ولا يذوق ، فأوجر في حلقه حتى صار في جوفه ، لم يحنث . ولو قال : لا أطعم كذا فأوجره ، حنث ، لأن معناه : لا جعلته لي طعاما . 
				
						
						
