[ ص: 149 ] القاعدة الثانية : اختلفت عبارات الأصحاب في تفسير القياس  ، والأقرب إلى كلام   الشافعي     - رحمه الله - أن القياس  نوعان جلي وغيره ، وأما الجلي ، فهو الذي يعرف به موافقة الفرع للأصل بحيث ينتفي احتمال مفارقتهما ، أو يبعد ، وذلك كظهور التحاق الضرب بالتأفيف في قوله تعالى : ( فلا تقل لهما أف    ) وما فوق الذرة بالذرة في قوله تعالى : ( فمن يعمل مثقال ذرة    ) الآية ، و [ ما فوق ] النقير بالنقير في قوله تعالى : ( ولا يظلمون نقيرا    ) ونظائره ، فإن فروع هذه الأحكام أولى من الأصول ، وبعض الأصحاب لا يسمي هذا قياسا ، ويقول : هذه الإلحاقات مفهومة من النص ، ويقرب من هذا إلحاق العمياء بالعوراء في حديث النهي عن التضحية بالعوراء وسائر الميتات بالفأرة ، وغير السمن بالسمن في حديث ( الفأرة تقع بالسمن إن كان مائعا فأريقوه ، وإن كان جامدا فألقوها وما حولها   ) والغائط بالبول في قوله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم   " ومن الجلي ما ورد النص فيه على العلة كحديث " إنما نهيتكم من أجل الدافة   " وكذا قوله تعالى : ( وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض    ) وأما غير الجلي فما لا يزيل احتمال المفارقة ولا يبعده كل البعد ، فمنه ما العلة فيه مستنبطة ، كقياس الأرز على البر بعلة الطعم ، وقال   ابن القاص     : هو من الجلي ، والصحيح الأول ، ومنه قياس الشبه ، وهو أن يشبه الحادثة أصلين إما في الأوصاف بأن يشارك كل واحد من الأصلين في بعض المعاني والأوصاف الموجودة فيه ، وإما في الأحكام كالعبد يشارك الحر في بعض الأحكام والمال في بعضها ، فيلحق بما المشاركة فيه أكثر ، وربما سمي قياس الشبه خفيا والذي قبله غير الجلي واضحا ، وربما خص الجلي ببعض الأول ، وهو ما كان الفرع فيه أولى بحكم الأصل . 
قلت : واختلف أصحابنا في صحة قياس الشبه  ، وأنه هل هو حجة ، والله أعلم . 
				
						
						
