[ ص: 209 ] nindex.php?page=treesubj&link=7447كتاب الكتابة
لا يجب على السيد أن يكاتب عبده ، وحكى صاحب التقريب قولا أنها واجبة إذا طلبها العبد ، لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33فكاتبوهم ، والمشهور الأول ، وبه قطع الجماهير ، كما لا يجب التدبير وشراء القريب ، والآية محمولة على الندب ، فتستحب الإجابة إذا طلبها العبد وكان أمينا قادرا على الكسب ، فإن فقد الشرطان ، لم يستحب ، ولكن لا يكره ; لأنها قد تفضي إلى العتق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان : يكره ، والصحيح الأول . وإن فقدت الأمانة ، وقدر على الكسب ، لم يستحب ، على الصحيح . وقيل : يستحب دون الاستحباب مع الشرطين ، وإن كان أمينا بلا كسب ، لم يستحب على الأصح . ولو طلب السيد الكتابة ، فامتنع العبد ، لم يجبره . وفي الكتابة بابان :
الأول : في
nindex.php?page=treesubj&link=7450أركان الكتابة ، وهي أربعة :
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=7469الصيغة ، وهي أن يقول لعبده : كاتبتك على ألف مثلا تؤديه إلي في نجمين مثلا أو أكثر ، فإذا أديت فأنت حر ، فيقول العبد قبلت . ولو لم يصرح بتعليق الحرية بالأداء ، لكن نواه بقوله : كاتبتك على كذا ، صحت الكتابة أيضا ، فإن لم يصرح بالتعليق ، ولا نواه ، لم يصح ، ولم يحصل العتق . ومنهم من خرج من التدبير قولا أن لفظ الكتابة صريح مغن عن التصريح بالتعلق ونيته ، وقد سبق في التدبير عن
أبي إسحاق أنه قال : إن كان الرجل فقيها ، صحت كتابته بمجرد اللفظ ، وإلا فلا بد من التعليق أو نيته ، والمذهب الأول ،
nindex.php?page=treesubj&link=7448_7500والفرق بين التدبير والكتابة أن التدبير مشهور بين الخواص والعوام ،
[ ص: 210 ] والكتابة لا يعرفها العوام ، وقد نقلوا عن
أبي إسحاق أنه قال على هذا : لو كان قريب الإسلام ، أو جاهلا بالأحكام لا يعرف التدبير ، لم ينعقد تدبيره بمجرد لفظة التدبير ، حتى تنضم إليه نية أو زيادة لفظ . وحكي وجه أنه إن ذكر ما تتميز به الكتابة عن المخارجة ، كفى ، كقوله : تعاملني أو أضمن لك أرش الجناية ، أو يستحق مني الإيتاء ، أو من الناس سهم الرقاب ، فيكفي عن تعليق الحرية بالأداء . ولا خلاف أنه لا يكفي قوله : كاتبتك ، وحده ، كما إذا قال : بعتك كذا ولم يذكر عوضا .
فرع
قال : أنت حر على ألف ، فقبل ، عتق في الحال ، وثبت الألف في ذمته ، وهو كقوله لزوجته : أنت طالق على ألف ، فقبلت ، ولو قال : إن أعطيتني ألفا ، أو أديت لي ألفا فأنت حر ، فلا يمكنه أن يعطيه من مال نفسه ; لأنه لا يملك . فلو أعطاه من مال غيره ، هل يعتق ؟ وجهان ، أصحهما : لا . والثاني : نعم ، فعلى هذا هل سبيله سبيل الكتابة الفاسدة ، أم تعليق محض ؟ وجهان ، فإن قلنا : كتابة فاسدة ، رد السيد ما أخذ ، ورجع على العبد بقيمته ، وتبعه كسبه وأولاده الحاصلة بعد التعليق .
وإن قلنا : تعليق ، فهل يرجع عليه بقيمته ؟ وجهان ، أصحهما : لا ، ولا يتبعه الكسب والولد ، بخلاف ما إذا قال لزوجته : إن أعطيتني ألفا ، فأنت طالق ، فأعطته مغصوبا ، وقلنا : تطلق ، فإنه يرجع لأنها أهل للالتزام وقت المخاطبة ، بخلاف العبد .
[ ص: 211 ] فرع
قال لعبده : بعتك نفسك بكذا ، فقال : اشتريت ، أو قال العبد : بعني نفسي بكذا ، فقال : بعتك ، صح البيع ، وثبت المال في ذمته ، وعتق في الحال ، كما لو أعتقه على مال . وذكر
الربيع قولا أنه لا يصح . فمن الأصحاب من أثبته قولا ضعيفا ، ومنهم من نفاه وقال : هو تخريج له ، فعلى المذهب : للسيد الولاء ، كما لو أعتقه على مال ، وفيه وجه سبق . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=7495أقر السيد بأنه باعه نفسه ، فأنكر العبد ، عتق بالإقرار ، وحلف أنه لم يشتر ، ولا شيء عليه .
ولو قال : بعتك نفسك بهذه العين ، أو بخمر ، أو خنزير ، فإن صححنا بيعه له ، وأثبتنا الولاء للسيد ، عتق ، وعليه قيمته ، كما لو قال : أعتقتك على خمر أو خنزير ، فإن قلنا : لا ولاء عليه ، لم يصح ، ولم يعتق ، كما لو باعه لأجنبي بخمر . ولو قال : وهبت لك نفسك ، أو ملكتك ، فقبل ، عتق . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=14293أوصى له برقبته ، فقبل بعد الموت ، عتق .
واعلم أن الإعتاق على عوض ، وبيع العبد نفسه ، يشاركان الكتابة في أن كل واحد منها يتضمن إعتاقا بعوض ، ويفارقانها في الشروط والأحكام ، وهما عقدان مستقلان .
[ ص: 209 ] nindex.php?page=treesubj&link=7447كِتَابُ الْكِتَابَةِ
لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ ، وَحَكَى صَاحِبُ التَّقْرِيبِ قَوْلًا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ إِذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=33فَكَاتِبُوهُمْ ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ ، وَبِهِ قَطَعَ الْجَمَاهِيرُ ، كَمَا لَا يَجِبُ التَّدْبِيرُ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ ، وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى النَّدْبِ ، فَتُسْتَحَبُّ الْإِجَابَةُ إِذَا طَلَبَهَا الْعَبْدُ وَكَانَ أَمِينًا قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ ، فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطَانِ ، لَمْ يُسْتَحَبَّ ، وَلَكِنْ لَا يُكْرَهُ ; لِأَنَّهَا قَدْ تُفْضِي إِلَى الْعِتْقِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابْنُ الْقَطَّانِ : يُكْرَهُ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ . وَإِنْ فُقِدَتِ الْأَمَانَةُ ، وَقَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ ، لَمْ يُسْتَحَبَّ ، عَلَى الصَّحِيحِ . وَقِيلَ : يُسْتَحَبُّ دُونَ الِاسْتِحْبَابِ مَعَ الشَّرْطَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ أَمِينًا بِلَا كَسْبٍ ، لَمْ يُسْتَحَبَّ عَلَى الْأَصَحِّ . وَلَوْ طَلَبَ السَّيِّدُ الْكِتَابَةَ ، فَامْتَنَعَ الْعَبْدُ ، لَمْ يُجْبِرْهُ . وَفِي الْكِتَابَةِ بَابَانِ :
الْأَوَّلُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=7450أَرْكَانِ الْكِتَابَةِ ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ :
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=7469الصِّيغَةُ ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ : كَاتَبْتُكَ عَلَى أَلْفٍ مَثَلًا تُؤَدِّيهِ إِلَيَّ فِي نَجْمَيْنِ مَثَلًا أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ قَبِلْتُ . وَلَوْ لَمْ يُصَرِّحْ بِتَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ ، لَكِنْ نَوَاهُ بِقَوْلِهِ : كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا ، صَحَّتِ الْكِتَابَةُ أَيْضًا ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالتَّعْلِيقِ ، وَلَا نَوَاهُ ، لَمْ يَصِحَّ ، وَلَمْ يَحْصُلِ الْعِتْقُ . وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ مِنَ التَّدْبِيرِ قَوْلًا أَنَّ لَفْظَ الْكِتَابَةِ صَرِيحٌ مُغَنٍّ عَنِ التَّصْرِيحِ بِالتَّعَلُّقِ وَنِيَّتِهِ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي التَّدْبِيرِ عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَ الرَّجُلُ فَقِيهًا ، صَحَّتْ كِتَابَتُهُ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنَ التَّعْلِيقِ أَوْ نِيَّتِهِ ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=7448_7500وَالْفَرْقُ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ أَنَّ التَّدْبِيرَ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْخَوَاصِّ وَالْعَوَامِّ ،
[ ص: 210 ] وَالْكِتَابَةُ لَا يَعْرِفُهَا الْعَوَامُّ ، وَقَدْ نَقَلُوا عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ عَلَى هَذَا : لَوْ كَانَ قَرِيبَ الْإِسْلَامِ ، أَوْ جَاهِلًا بِالْأَحْكَامِ لَا يَعْرِفُ التَّدْبِيرَ ، لَمْ يَنْعَقِدْ تَدْبِيرُهُ بِمُجَرَّدِ لَفْظَةِ التَّدْبِيرِ ، حَتَّى تَنْضَمَّ إِلَيْهِ نِيَّةٌ أَوْ زِيَادَةُ لَفْظٍ . وَحُكِيَ وَجْهٌ أَنَّهُ إِنْ ذَكَرَ مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ الْكِتَابَةُ عَنِ الْمُخَارَجَةِ ، كَفَى ، كَقَوْلِهِ : تُعَامِلُنِي أَوْ أَضْمَنُ لَكَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ ، أَوْ يَسْتَحِقُّ مِنِّي الْإِيتَاءَ ، أَوْ مِنَ النَّاسِ سَهْمَ الرِّقَابِ ، فَيَكْفِي عَنْ تَعْلِيقِ الْحُرِّيَّةِ بِالْأَدَاءِ . وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ : كَاتَبْتُكَ ، وَحْدَهُ ، كَمَا إِذَا قَالَ : بِعْتُكَ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا .
فَرْعٌ
قَالَ : أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ ، فَقَبِلَ ، عَتَقَ فِي الْحَالِ ، وَثَبَتَ الْأَلْفُ فِي ذِمَّتِهِ ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ ، فَقَبِلَتْ ، وَلَوْ قَالَ : إِنْ أَعْطَيْتَنِي أَلْفًا ، أَوْ أَدَّيْتَ لِي أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ ، فَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ . فَلَوْ أَعْطَاهُ مَنْ مَالِ غَيْرِهِ ، هَلْ يَعْتِقُ ؟ وَجْهَانِ ، أَصَحُّهُمَا : لَا . وَالثَّانِي : نَعَمْ ، فَعَلَى هَذَا هَلْ سَبِيلُهُ سَبِيلُ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ ، أَمْ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ ؟ وَجْهَانِ ، فَإِنْ قُلْنَا : كِتَابَةٌ فَاسِدَةٌ ، رَدَّ السَّيِّدُ مَا أَخَذَ ، وَرَجَعَ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ ، وَتَبِعَهُ كَسْبُهُ وَأَوْلَادُهُ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ .
وَإِنْ قُلْنَا : تَعْلِيقٌ ، فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ ؟ وَجْهَانِ ، أَصَحُّهُمَا : لَا ، وَلَا يَتْبَعُهُ الْكَسْبُ وَالْوَلَدُ ، بِخِلَافِ مَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ : إِنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا ، فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَأَعْطَتْهُ مَغْصُوبًا ، وَقُلْنَا : تُطَلَّقُ ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ وَقْتَ الْمُخَاطَبَةِ ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ .
[ ص: 211 ] فَرْعٌ
قَالَ لِعَبْدِهِ : بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِكَذَا ، فَقَالَ : اشْتَرَيْتُ ، أَوْ قَالَ الْعَبْدُ : بِعْنِي نَفْسِي بِكَذَا ، فَقَالَ : بِعْتُكَ ، صَحَّ الْبَيْعُ ، وَثَبَتَ الْمَالُ فِي ذِمَّتِهِ ، وَعَتَقَ فِي الْحَالِ ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ . وَذَكَرَ
الرَّبِيعُ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ . فَمِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ أَثْبَتَهُ قَوْلًا ضَعِيفًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَاهُ وَقَالَ : هُوَ تَخْرِيجٌ لَهُ ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ : لِلسَّيِّدِ الْوَلَاءُ ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ ، وَفِيهِ وَجْهٌ سَبَقَ . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=7495أَقَرَّ السَّيِّدُ بِأَنَّهُ بَاعَهُ نَفْسَهُ ، فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ ، عَتَقَ بِالْإِقْرَارِ ، وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَلَوْ قَالَ : بِعْتُكَ نَفْسَكَ بِهَذِهِ الْعَيْنِ ، أَوْ بِخَمْرٍ ، أَوْ خِنْزِيرٍ ، فَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَهُ لَهُ ، وَأَثْبَتْنَا الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ ، عَتَقَ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ، كَمَا لَوْ قَالَ : أَعْتَقْتُكَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ، فَإِنْ قُلْنَا : لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ ، لَمْ يَصِحَّ ، وَلَمْ يَعْتِقْ ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِخَمْرٍ . وَلَوْ قَالَ : وَهَبْتُ لَكَ نَفْسَكَ ، أَوْ مَلَّكْتُكَ ، فَقَبِلَ ، عَتَقَ . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=14293أَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ ، فَقَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ ، عَتَقَ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى عِوَضٍ ، وَبَيْعَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ ، يُشَارِكَانِ الْكِتَابَةَ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَتَضَمَّنُ إِعْتَاقًا بَعِوَضٍ ، وَيُفَارِقَانِهَا فِي الشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ ، وَهُمَا عَقْدَانِ مُسْتَقِلَّانِ .