[ ص: 241 ] المسألة التاسعة  
كل دليل شرعي يمكن أخذه كليا ، وسواء علينا أكان كليا أم جزئيا إلا ما خصه الدليل   كقوله تعالى :  خالصة لك من دون المؤمنين      [ الأحزاب : 50 ] ، وأشباه ذلك ، والدليل على ذلك أن المستند إما أن يكون كليا ، أو جزئيا ، فإن كان كليا فهو المطلوب ، وإن كان جزئيا فبحسب النازلة لا بحسب التشريع في الأصل بأدلة .  
 [ ص: 242 ] منها عموم التشريع في الأصل كقوله تعالى :  يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا      [ الأعراف : 158 ] ،  وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا      [ سبأ : 28 ] ،  وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم      [ النحل : 44 ] .  
وهذا معنى مقطوع به لا يخرم القطع به ما جاء من شهادة  خزيمة ،  وعناق  أبي بردة ،  وقد جاء في الحديث :  بعثت للأحمر والأسود     .  
ومنها أصل شرعية القياس; إذ لا معنى له إلا جعل الخاص الصيغة عام الصيغة في المعنى ، وهو معنى متفق عليه ولو لم يكن أخذ الدليل كليا بإطلاق لما ساغ ذلك .  
ومنها أن الله تعالى قال :  فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها      [ الأحزاب : 37 ] الآية ، فإن نفس التزويج لا صيغة له تقتضي عموما ، أو غيره ولكن الله تعالى بين أنه أمر به نبيه لأجل التأسي ، فقال : لكيلا ولذلك قال :      [ ص: 243 ] لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة      [ الأحزاب : 21 ] هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد خصه الله بأشياء  كهبة المرأة نفسها له   ،  وتحريم نكاح أزواجه من بعده   والزيادة على أربع   فلذلك لم يخرجه عن شمول الأدلة فيما سوى ذلك المستثنى فغيره أحق أن تكون الأدلة بالنسبة إليه مقصودة العموم ، وإن لم يكن لها صيغ عموم ، وهكذا الصيغ المطلقة تجري في الحكم مجرى العامة ، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم بين ذلك بقوله ، وفعله فالقول كقوله : "  حكمي على الواحد حكمي على الجماعة     " ، وقوله في قضايا خاصة سئل فيها : أهي لنا      [ ص: 244 ] خاصة أم للناس عامة ؟ :  بل للناس عامة  كما في قضية الذي نزلت فيه      [ ص: 245 ] وأقم الصلاة طرفي النهار      [ هود : 114 ] ، وأشباهها ، وقد جعل نفسه - عليه الصلاة والسلام - قدوة للناس كما ظهر في حديث الإصباح جنبا ، وهو يريد أن يصوم ، والغسل من التقاء الختانين .  
وقوله :  إني لأنسى ، أو أنسى لأسن  ، وقوله :  صلوا كما رأيتموني أصلي   [ ص: 246 ] وخذوا عني مناسككم  ، وهو كثير .  
				
						
						
