الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 322 ] المسألة الرابعة

              التشابه لا يقع في القواعد الكلية ، وإنما يقع في الفروع الجزئية والدليل على ذلك من وجهين .

              أحدهما : الاستقراء أن الأمر كذلك .

              والثاني : أن الأصول لو دخلها التشابه لكان أكثر الشريعة من المتشابه ، وهذا باطل .

              وبيان ذلك أن الفرع مبني على أصله يصح بصحته ، ويفسد بفساده ، ويتضح باتضاحه ، ويخفى بخفائه ، وبالجملة فكل وصف في الأصل مثبت في الفرع ; إذ كل فرع فيه ما في الأصل ، وذلك يقتضي أن الفروع المبنية على الأصول المتشابهة متشابهة ، ومعلوم أن الأصول منوط بعضها ببعض في [ ص: 323 ] التفريع عليها فلو وقع في أصل من الأصول اشتباه لزم سريانه في جميعها ، فلا يكون المحكم أم الكتاب لكنه كذلك فدل على أن المتشابه لا يكون في شيء من أمهات الكتاب .

              فإن قيل : فقد وقع في الأصول أيضا ، فإن أكثر الزائغين عن الحق إنما زاغوا في الأصول لا في الفروع ولو كان زيغهم في الفروع لكان الأمر أسهل عليهم .

              فالجواب أن المراد بالأصول القواعد الكلية كانت في أصول الدين ، أو في أصول الفقه ، أو في غير ذلك من معاني الشريعة الكلية لا الجزئية ، وعند ذلك لا نسلم أن التشابه وقع فيها ألبتة ، وإنما [ وقع ] في فروعها ؛ فالآيات الموهمة للتشبيه والأحاديث التي جاءت مثلها فروع عن أصل التنزيه الذي هو [ ص: 324 ] [ ص: 325 ] [ ص: 326 ] قاعدة من قواعد العلم الإلهي كما أن فواتح السور ، وتشابهها واقع ذلك في بعض فروع من علوم القرآن ، بل الأمر كذلك أيضا في التشابه الراجع إلى المناط ، فإن الإشكال الحاصل في الذكية المختلطة بالميتة من بعض فروع أصل التحليل والتحريم في المناطات البينة ، وهي الأكثر ، فإذا اعتبر هذا [ ص: 327 ] المعنى ؛ لم يوجد التشابه في قاعدة كلية ولا في أصل عام ، اللهم إلا أن يؤخذ التشابه على أنه الإضافي فعند ذلك لا فرق بين الأصول والفروع في ذلك ، ومن تلك الجهة حصل في العقائد الزيغ والضلال وليس هو المقصود هاهنا ولا هو مقصود صريح اللفظ ، وإن كان مقصودا بالمعنى والله أعلم ; لأنه تعالى قال : منه آيات محكمات [ آل عمران : 7 ] الآية فأثبت فيه متشابها ، وما هو راجع لغلط الناظر لا ينسب إلى الكتاب حقيقة ، وإن نسب إليه فبالمجاز .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية