فصل  
وأما  الأوامر والنواهي غير الصريحة   فضروب .  
أحدها : ما جاء مجيء الإخبار عن تقرير الحكم كقوله تعالى  كتب عليكم الصيام      [ البقرة : 183 ] .  
والوالدات يرضعن أولادهن      [ البقرة : 233 ] .  
ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا      [ النساء : 141 ] .  
فكفارته إطعام عشرة مساكين      [ المائدة : 89 ] .  
وأشباه ذلك مما فيه معنى الأمر فهذا ظاهر الحكم ، وهو جار مجرى الصريح من الأمر والنهي .  
والثاني : ما جاء مجيء مدحه ، أو مدح فاعله في الأوامر ، أو ذمه ، أو ذم فاعله      [ ص: 423 ] في النواهي ، وترتيب الثواب على الفعل في الأوامر ، وترتيب العقاب في النواهي ، أو الإخبار بمحبة الله في الأوامر والبغض والكراهية ، أو عدم الحب في النواهي .  
وأمثلة هذا الضرب ظاهرة كقوله :  والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون      [ الحديد : 19 ] .  
وقوله :  بل أنتم قوم مسرفون      [ الأعراف : 81 ] .  
وقوله :  ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات      [ النساء : 13 ] .  
ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا      [ النساء : 14 ] .  
وقوله :  والله يحب المحسنين      [ آل عمران : 134 ] .  
وقوله :  إنه لا يحب المسرفين      [ الأعراف : 31 ] .  
ولا يرضى لعباده الكفر      [ الزمر : 7 ] .  
وإن تشكروا يرضه لكم      [ الزمر : 7 ] .  
وما أشبه ذلك ، فإن هذه الأشياء دالة على طلب الفعل في المحمود وطلب الترك في المذموم من غير إشكال .
والثالث : ما يتوقف عليه المطلوب كالمفروض في مسألة ما لا يتم      [ ص: 424 ] الواجب إلا به ، وفي مسألة الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده ، وكون المباح مأمورا به بناء على قول  الكعبي  ، وما أشبه ذلك من الأوامر والنواهي التي هي لزومية للأعمال لا مقصودة لأنفسها .  
وقد اختلف الناس فيها ، وفي اعتبارها ، وذلك مذكور في الأصول ولكن إذا بنينا على اعتبارها فعلى القصد الثاني ، لا على القصد الأول ، بل هي أضعف في الاعتبار من الأوامر والنواهي الصريحة التبعية كقوله :  وذروا البيع      [ الجمعة : 9 ] ;      [ ص: 425 ] لأن رتبة الصريح ليست كرتبة الضمني في الاعتبار أصلا .  
وقد مر في كتاب المقاصد أن المقاصد الشرعية ضربان :  
مقاصد أصلية ، ومقاصد تابعة فهذا القسم في الأوامر والنواهي مستمد من ذلك ، وفي الفرق بينهما فقه كثير ولا بد من ذكر مسألة تقررها في فصل يبين ذلك حتى تتخذ دستورا لأمثالها في فقه الشريعة بحول الله .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					